يشهد قطاع النفط في ليبيا ارتباكا، ربما يتجاوز حجم البلد المثقل أصلا بأعباء اقتصادية وسياسية وأمنية منذ عشر سنوات إلى خارج حدودها، مما قد يؤثر على الإنتاج العالمي للنفط، وفق خبراء.
ورفضت المؤسسة الوطنية للنفط، السبت، ما اعتبرته "توقيفا تعسفيا غير لائقا"، لعضو مجلس إدارتها بلقاسم شنقير، في مطار معيتيقة الدولي أثناء عودته رفقة أسرته، مشيرة إلى أن مثل هذه الإجراءات لا ترتقي إلى مستوى المسؤولية في التعامل مع شخصية عامة ووطنية.
وطالبت المؤسسة في بيان حصلت "سكاي نيوز عربية"، على نسخة منه، المجلس الرئاسي والحكومة الوطنية باتخاذ كافة الإجراءات القانونية بهذا الشأن، كما طالبت الأمم المتحدة ومنظمات العفو الدولية وحقوق الإنسان بالتدخل العاجل لإطلاق سراح شنقير.
ولفتت المؤسسة إلى أن قوى، لم تسمها، تتحالف ضدها للنيل منها بطرق مختلفة، مشددة على موقفها الثابت ضد ما سمته "نزيف الاعتمادات" التي كانت تمنح لفئة لم تسمها بـ1.4 دينار مقابل سعر صرف الدولار ودعوتها لتصحيح المسار، بالإضافة إلى مواقفها في مكافحة التهريب وتعاونها الكامل مع مكتب النائب العام لملاحقة المهربين داخليا وخارجيا.
بدوره، أفاد المكتب الإعلامي لوزارة النفط والغاز بالحكومة الوطنية المؤقتة، بأن وكيل الوزارة رفعت العبار، التقى النائب العام، الصديق الصور، في إطار التنسيق بين الوزارة والسلطة القضائية بما يضمن سلامة كافة الإجراءات وأعمال القطاع وموافقته لصحيح القانون.
وناشدت الوزارة الجهات المختصة بضرورة اتباع المطلوب من إجراءات قانونية للكشف عن ملابسات توقيف شخصيات اعتبارية في قطاع النفط خلال الأيام الماضية أو عند العودة من خارج البلاد.
من يدير النفط الليبي؟
الدكتور عاطف الحاسية، عضو فريق الخبراء الاقتصاديين الليبيين بالمسار الاقتصادي لعملية برلين، يقول إن إدارة النفط في البلاد تحكمها العملية الإنتاجية اليومية التي تتشارك فيها شركات محلية وأجنبية بالتعاون مع المؤسسة الوطنية للنفط.
ويشير الحاسية في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن "مصطفى صنع الله ليس لديه الوزن الكافي كشخص من الناحية المهنية التي يراها البعض، لكنه يحظى بحماية دولية تشمله كرئيس للمؤسسة منذ 2014، لضمان استمرار إنتاج النفط".
ارتباك في المشهد
واتسعت دائرة الصراع بين رئيس المؤسسة الوطنية للنفط وبين وزير النفط في الحكومة الوطنية المؤقتة، محمد عون، بعد قرار الوزير للمرة الثانية، خلال الشهر الجاري، إيقاف صنع الله عن العمل وإحالته للتحقيق الإداري، متهما إياه بتجاوز مهامه.
أوضح الحاسية أن الخلاف بين الوزير وصنع الله وتدخل رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة في عمل الوزير، أدت إلى ارتباك كبير في القطاع النفطي، موجها اللوم إلى الدبيبة لتدخله بشكل أدى إلى خلخلة وتهديد إدارة المؤسسة وكذلك الوزارة.
وتوقع الحاسية حدوث مشاكل عديدة في القيادات الوسطى للقطاع النفطي: الوزارة والمؤسسة، متأثرة بالإدارة بقيادة الدبيبة "غير الموفقة" لهذا الملف.
الأزمة مع المصرف المركزي
وكانت المؤسسة الوطنية للنفط قد أعلنت في أبريل الماضي، حالة "القوة القاهرة"، التي تمنع تصدير شحنات النفط من ميناء الحريقة النفطي، بسبب توقف عملية الإنتاج نتيجة عدم رفض المصرف المركزي صرف ميزانية قطاع النفط، الأمر الذي أدى إلى تفاقم مديونية بعض الشركات، مما أفقدها القدرة على الوفاء بالتزاماتها المالية والفنية واضطرها لتخفيض إنتاجها.
وفي وقت سابق من العام الماضي، رفض مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، تحويل واردات النفط إلى المصرف المركزي بدعوى عدم الشفافية، متهما الصديق الكبير، ببيع الدولار مقابل 1.4 دينار لبعض الأشخاص، ثم يعاودون بيعه للمواطنين بأسعار متفاوتة.
وأكد الحاسية أن هناك مظلة حماية دولية لمنصب محافظ المصرف المركزي، لضمان استقرار المسار الاقتصادي والمالي للبلاد، مشيرا إلى بداية ظهور الخلاف بين الكبير وصنع الله عام 2016، بسبب صرف مستحقات المؤسسة الوطنية للنفط.
وكشف عضو فريق الخبراء في المسار الاقتصادي، عن سبب الخلاف بين صنع الله والصديق الكبير، معتبرا أن الأخير عمد إلى "تسييس" ميزانية المؤسسة منذ عام 2016، وأصبح لديه الكثير من أوراق الضغط ومنع تدفق أموال النفط إلى رصيد الحكومة، وهو ما أدى إلى عرقلة عمل المؤسسة.
اعتقالات واختفاء
وكانت المؤسسة قد أعلنت قبل أسبوعين، اختفاء رئيس لجنة معهد النفط، خالد العاتي، والموظف في شركة أكاكوس بطرابلس مدحت الزياني، في ظروف وصفتها بـ"الغامضة"، مؤكدة رفضها المساس بأي من موظفيها من دون إذن من النيابة العامة.
ورأى الحاسية أن الاعتقالات التي شملت بعض أعضاء مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط له علاقة وطيدة بمصالح بعض الميليشيات والمتنفذين في السلطة، خاصة وأن مكتب النائب العام لم يصدر أي قرارات لاعتقال أو توقيف لأي مسؤولين في المؤسسة.