تتوالى المؤشرات المخيفة على عمق الكارثة الإنسانية والبيئية، التي تتهدد العراق على وقع الجفاف والتصحر وشح المياه، بما بات يهدد الأمن الغذائي للمواطن العراقي.
ففي أحدث تلك الاشارات المقلقة ،قررت قبل أيام وزارتا الزراعة والموارد المائية في العراق، تخفيض المساحة المقررة للزراعة في الموسم الشتوي 50 بالمئة عن العام الماضي، وذلك بسبب قلة الإيرادات المائية، لأسباب عدة منها سياسات تركيا وإيران.
وبعد ذلك، أعلن وزير الزراعة العراقي، محمد الخفاجي، أن شح المياه بات يهدد بانهيار أمن العراقيين الغذائي، ما اعتبره مراقبون وخبراء دقا لناقوس خطر بات واقعا.
ويأتي ذلك وسط انتقادات لطرق معالجة الأزمة، وغياب استراتيجيات وحلول على الصعيد الحكومي العراقي، للتعاطي مع المشكلات الناجمة عن نقص المياه الذي يؤثر سلبا على كافة مناحي الحياة وقطاعات الانتاج في بلاد الرافدين.
ويقول الخبير المائي العراقي، رمضان حمزة، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية": "يعد ضمان الوصول غير المنقطع إلى المياه أثناء الظروف العادية والطارئة، أحد أكبر التحديات الاستراتيجية التي تواجه العراق في الظرف الراهن وفي المستقبل المنظور، من حيث فعالية العرض والطلب على المياه، والترابط بين طرق الري والزراعة التقليدية واستخدام التقنيات المتقدمة، ولإستكشاف الاعتبارات الأكثر أهمية لبرامج الطلب على المياه سواء ضمن حصص العراق المائية التي تستحوذ عليها كل من تركيا وإيران".
وتابع: "وعليه فإن صياغة نموذج لأعمال الزراعة والري في العراق، مستند إلى واقع الشحة المائية يتطلب الدعم الإستثنائي من الدولة لتأمين الغذاء للعراقيين".
ويضيف حمزة: وإذا كانت الغاية من توقيع العراق مذكرة التفاهم الأخيرة مع تركيا، هو لتأمين حصص مائية عادلة ومنصفة للعراق من مياه نهري دجلة والفرات، كما ورد في تصريحات المسؤولين في وزارة الموارد المائية العراقية، والتي تعتبر وسيلة للخروج من الأزمة المائية التي سببها موسم الجفاف الحالي 2021، إذن لماذا تلجأ الحكومة العراقية لتقليص المساحات المزروعة للموسم الزراعي الحالي بمقدار النصف؟".
وقال حمزة: "مجمل المؤشرات حول تقليص المساحات المزروعة للموسم الزراعي الحالي بمقدار النصف، تجزم أنه لن ينعكس إيجابا على المزارعين والمواطنين العراقيين، الذين يرزح قسم كبير منهم تحت خط الفقر، بل على العكس سوف يساهم في مسلسل الانهيار الفظيع لقطاع الزراعة في العراق ولأمنه المائي".
العراق يعيش أصعب حالاته، لجهة مشاكل شح المياه ونقصها الحاد، كما يرى حمزة.
وللخروج من هذا الوضع، يتطلب الأمر إيجاد الحلول العملية من تجديد وتحديث للبنية التحتية القديمة، إلى تأمين االحصص المائية العادلة والمنصفة للعراق من دول الجوار المائي، وتحسين إدارة المياه المتاحة حاليا وتعزيز الترشيد في الاستهلاك، والعمل على تخفيف تأثيرات تغير المناخ على مواردنا المائية المتاحة، بحسب الخبير العراق.
ويتابع: "تأثير التغير المناخي على العراق، الذي يحيل الأراضي الزراعية الخصبة إلى أراض جرداء مهجورة، وتلف الأراضي الزراعية وهجرة السكان منها، إلى نقص الأمطار وارتفاع درجات الحرارة لمستويات قياسية، فضلا عن السدود التي بنتها إيران وتركيا على منابع تغذية مياه نهري دجلة والفرات، هذه مجتمعة تمثل المسببات الأساسية للكارثة التي تحيق بالعراق والعراقيين، وتهددهم في طعامهم وشرابهم".