فيما يبدو أنها قد تكون نذر معركة كردية - كردية حامية الوطيس على منصب رئاسة العراق، تبادل الحزبان الرئيسيان الديمقراطي والاتحاد الوطني في كردستان العراق، التراشق الإعلامي غير المباشر، حول المنصب السيادي العراقي الأول، والذي بات حسب العرف السائد في البلاد من حصة المكون الكردي العراقي.

وردا على ما اعتبره مراقبون تلميحات من جانب الحزب الديمقراطي الكردستاني عن سعي سعدي بيره، عضو المكتب السياسي للحزب، للحصول هذه المرة على رئاسة الجمهورية، أكد سعدي أنه في حال رغبة الحزب بذلك، فإن هذا سيعني بالضرورة تنازله عن رئاسة إقليم كردستان العراق في المقابل للاتحاد الوطني.

ولم تمض سوى أيام قليلة على هذا التصريح، حتى جاء الرد من قبل هوشيار زيباري عضو المكتب السياسي للديمقراطي الكردستاني، الذي أكد بدوره أن المعادلة تغيرت، فالاتحاد بفضه الشراكة مع الديمقراطي من تلقاء نفسه قبل سنوات عديدة، أنهى عمليا اتفاقية التحالف الاستراتيجي بين الحزبين، والتي كان من ثمارها تقاسم منصبي رئاستي الجمهورية والإقليم بينهما.

ويرى مراقبون أن هذا التنافس يخيب لحد كبير الآمال الكردية، التي عقدت قبل أيام إثر الاجتماعات الأولية التي تمت في مدينة السليمانية، بين قيادتي الحزبين بعيد إعلان نتائج الانتخابات، والتي أشاعت مناخات إيجابية تنم عن التفاهم والرغبة بالعمل المشترك والتنسيق ببن الطرفين، في العاصمة العراقية بغداد.

ويرى معلقون سياسيون أن هذه السجالات، هي جزء طبيعي من اللعبة السياسية والبرلمانية، ومحاولات كل طرف انتزاع أكبر قدر ممكن من المكاسب والتنازلات من الطرف الآخر، وأن الطرفين محكومان في النهاية بالتوافق. 

ويقول الكاتب والباحث السياسي طارق جوهر لـ "سكاي نيوز عربية": "معادلة الواقع الإداري ونفوذ الحزبين لم تتغير في كردستان العراق، ولا يمكن إدارة الإقليم بدون تعاون وتنسيق كلا الحزبين، ولهذا كان الأجدر بالسيد زيباري، التركيز على كيفية حل الخلافات في الإقليم وتوحيد موقف القوى الكردستانية، من أجل الدخول في المفاوضات مع الأطراف العراقية والكتلة الأكبر داخل البرلمان العراقي الجديد".

أخبار ذات صلة

كنز الفقراء في العراق.. "خردة" الدعاية الانتخابية
كيف ستنعكس نتائج انتخابات العراق على سياساته العربية؟

ويتابع جوهر: "قوة الأكراد مرهونة بوحدة الموقف، لا بمنصب معين، وموقع رئيس الجمهورية هو من حصة الأكراد ومن ضمنهم هو من حصة الاتحاد الوطني منذ أن دشن الرئيس الراحل جلال الطالباني هذا التقليد، والذي تمكن عبر تجربته الرئاسية الثرية من إضفاء أهمية على منصبه، تفوق حتى صلاحيات المنصب الرئاسي في العراق".

لكن تبقى كل المناصب السيادية للأكراد في العاصمة بغداد، مؤطرة كما يرى جوهر، حيث قال: "بتفاهمات بين الاتحاد والديمقراطي والأطراف الكردستانية الأخرى، ويجب أن يركز الأكراد أساسا على حقوق الإقليم الدستورية، وبرنامج الحكومة القادمة وسياساتها، وخاصة تجاه الملفات العالقة، وتطبيق المادة 140 من الدستور، وحصة الإقليم من الموازنة الاتحادية العراقية، وكل هذا لن يتم بطبيعة الحال بدون وجود اتفاق وتوافق بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستانيين".

ويبدي مصدر صحفي مقرب من الحزب الديمقراطي الكردستاني، استغرابه من تجاهل الاستحقاق الانتخابي فيما يتعلق بهذه المسألة الخلافية، بالقول: "الديمقراطي الكردستاني متقدم بالضعف على الاتحاد الوطني، وفق عدد المقاعد. في البرلمان العراقي الجديد، وهذا يعني أن المنصب الأول والأهم للمكون الكردي في بغداد وهو رئاسة الجمهورية العراقية، يجب أن يناله الطرف الأكبر بين الكتل الكردية، وهو الديمقراطي الكردستاني".

وعلى مدى الدورات الانتخابية الأربعة الماضية، والأكراد يشغلون منصب رئاسة العراق منذ العام 2006، حيث أن رؤساء الجمهورية الثلاث، الذين تعاقبوا على المنصب هم من الاتحاد الوطني الكردستاني، عبر شغل السكرتير العام للحزب جلال الطالباني، المنصب لدورتين متتاليتين، كأول رئيس منتخب وكردي في تاريخ العراق. 

وخلف الطالباني في منصب الرئاسة القيادي في حزبه فؤاد معصوم في العام 2014، والذي خلفه في العام 2018 الرئيس العراقي الحالي برهم صالح، بعد منافسة محمومة مع منافسه، مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني فؤاد حسين، الذي يشغل الآن منصب وزير الخارجية العراقي.

وتبدي الأوساط السياسية والشعبية الكردية، خشيتها من تكرار مشهد الانقسام الكردي خلال مفاوضات هندسة حزمة الرئاسات العراقية الثلاث، البرلمان والجمهورية والحكومة، كما حصل بعيد انتخابات العام 2018، حين قدم الحزبان الكرديان مرشحين أثنين لمنصب رئاسة العراق، وهما فؤاد حسين مرشحا عن الديمقراطي الكردستاني، وبرهم صالح مرشحا عن الاتحاد الوطني الكردستاني، حيث فاز صالح بفارق كبير من الأصوات على منافسه.

هذا وقد حل الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي حصد 33 مقعدا أولا على الصعيد الكردي ورابعا على صعيد القوى العراقية، وفق نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة التي تمت في العاشر من أكتوبر الجاري، فيما حصد الاتحاد الوطني الكردستاني 17 مقعدا، وحل ثانيا كرديا، حاصدا المرتبة الخامسة على الصعيد العراقي العام، وبذلك فإن مجموع مقاعدهما الحالية يبلغ 50 مقعدا.

وفضلا عن الحزبين الرئيسيين، فإن قوى كردية أخرى ستكون حاضرة في البرلمان العراقي المقبل، كحركة الجيل الجديد التي حصدت 9 مقاعد، والاتحاد الإسلامي الكردستاني الذي حصل على 4 مقاعد، فيما حازت الجماعة الإسلامية في كردستان العراق على مقعد واحد فقط.