رسائل داخلية وخارجية وجهها الرئيس التونسي، قيس سعيّد، الخميس، كان أبرزها الإعلان عن حوار وطني لن يشمل حركة النهضة الإخوانية في ضربة قاضية لآمال الحركة التي ينبذها التونسيون.
وكانت الرسالة الثانية للمجتمع الدولي بأن ما يحدث في تونس شأن داخلي، ومن غير مقبول التدخل فيه بعد محاولات حركة النهضة الإخوانية الاستقواء بالخارج في محاولة لترميم جدرانه المتصدعة.
ومرارا، أكد الرئيس التونسي، في مناسبات عدة، أنه لا عودة إلى الوراء، وأنه ماض في القطع مع منظومة ما قبل 25 يوليو التي كانت فيها حركة النهضة الإخوانية الحزب الأكثر نفوذا بالمشهد.
الشباب كلمة السر
الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي جاء به الشباب إلى سدة الحكم قال، خلال حضوره ثاني اجتماع للحكومة، إن هذا الحوار سيكون صادقا ونزيها يشارك فيه الشباب في كامل التراب التونسي ومختلف تماما عن التجارب السابقة.
وشدد على أن الحوار لن يشمل كل من استولى على أموال الشعب أو من باع ذمّته إلى الخارج، في إشارة النهضة وحلفائها.
وأوضح أن هذا الحوار سيتم في إطار سقف زمني متفق عليه وضمن آليات وصيغ وتصورات جديدة تُفضي إلى بلورة مقترحات تأليفية في إطار مؤتمر وطني.
وجدد الرئيس التونسي رفضه "كل محاولات الاستقواء بالخارج للتدخل في الشؤون الداخلية لبلادنا أو الإساءة إليها"، مؤكدا على أنه "بقدر حرص تونس على مواصلة تعزيز علاقات التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة بقدر تمسّكها بسيادتها الوطنية وباحترام اختيارات الشعب التونسي".
تجربة لن تتكرر
وقطع سعيد الطريق أمام مخاوف بعض التونسيين من تكرار سيناريو عام 2013، عندما أسفر حوار وطني آنذاك عن فرض سيطرة تنظيم الإخوان على السلطة رغم اتهامهم رسميا في مقتل الزعيم اليساري شكري بلعيد والقيادي القومي محمد البراهمي في العام نفسه.
ونتج عن ذلك السيناريو ائتلاف حاكم شملت إلى جانب حزب النهضة حزب نداء تونس الذي كان أبرز ضحايا التنظيم الإخواني بعد اختراقه وتفكيكه، ومن ثم تهاوي شعبيته رغم أنه كان أعلى الأصوات في 2014.
وفي محاولة للتسلل للمشهد من جديد بعد زلزال يوليو، دعا تنظيم الإخوان إلى حوار وطني إلا أنه قوبل برفض تونسي واسع، مؤكدين أنه لا عودة لمن خان واغتال وأفسد البلاد.
وفي نهاية يوليو الماضي، أصدر الرئيس التونسي إجراءات دستورية استثنائية قضت بتعليق عمل البرلمان الذي يرأسه زعيم إخوان تونس، راشد الغنوشي، ورفع الحصانة عن أعضائه، وإقالة حكومة هشام المشيشي.
ضربة قاضية للإخوان
الكاتب الصحفي التونسي أيمن بن عمر قال إن سعيّد وجه رسالتين مهمتين للداخل والخارج، الأولى "تمثل ضربة قاضية للإخوان وشركائهم بأنه لا مكان لهم والثانية للخارج بأن ما يحدث في تونس شأن داخلي".
وأضاف الكاتب المختص في الشؤون السياسية لموقع "سكاي نيوز عربية" أن تأكيدات الرئيس قيس سعيد أن الحوار الوطني "ليس كسابقيه" تنبئ عن أنه لن يكون مع الأحزاب السياسية بل سيكون حوارا وطنيا مع الشعب.
وأضاف الكاتب المختص في الشأن السياسي أن سعيد سيبحث مع المواطنين مطالبهم ومقترحاتهم بخصوص الأزمات الاقتصادية والاجتماعية "ولن يكرر أخطاء 2013".
وأوضح أن الرئيس نفذ مطالب التونسيين بتأكيده على أن الإخوان ومن ساندهم من الأحزاب خلال التحركات الاحتجاجية الأخيرة لن يشاركوا في هذا الحوار وهذا يؤكد أنه لم يخضع لإملاءات البرلمان الأوروبي والكونغرس الأميركي.
وحول توقعاته عن المشاركين، قال بن عمر إن قيس سعيد مصر على أن يكون الحوار الوطني مع الشعب التونسي خاصة الشباب وسيشمل أكاديميين وبعض المنظمات الوطنية كاتحاد الشغل واتحادات مهنية دون مشاركة حزبية حيث يعتبر سعيد أن الطبقة السياسية بقيادة الإخوان أثبتت فشلها وهي سبب الخراب الحاصل وبذلك هي المشكل ولن تكون جزءا من منظومة الحل.
وتابع: "رئيس الجمهورية مضي قدما في مشروعه السياسي والحوار الوطني مع الشعب هو الانطلاقة الفعلية له حيث سيتم نقاش سبل تغيير النظام السياسي الذي أكد قيس سعيد أن صيغته على مقاس ومصالح الأحزاب السياسية".
وعن موعد الحوار الوطني، أشار إلى أنه سيبدأ أولا بفتح باب الحوار مع المواطنين عبر تجميع مقترحات الشباب بخصوص إصلاح النظام السياسي والوضع الاقتصادي وسيتم تحديد سقف زمني وأعتقد أنه لن يكون قبل الربع الأول من العام المقبل ويبدأ فعليا التنفيذ وجمع المقترحات خلال الذكرى الـ11 للثورة التونسية 17ديسمبر المقبل نظرا لرمزية هذا الموعد عند رئيس الجمهورية.
أبرز الملفات
واعتبر بن عمر أن أبرز الملفات التي سيتم طرحها هي تغيير بعض بنود الدستور التونسي الحالي مثل ما أعلن عنه سابقا قيس سعيّد.
ولفت إلى أن الرئيس التونسي سيطرح خلال هذا الحوار تنظيم استفتاء شعبي لتغيير النظام السياسي نحو نظام رئاسي وتغيير النظام الانتخابي بحيث يكون التصويت على الأفراد لا على قوائم حزبية وهذا التعديل قد يكتب تاريخا سياسيا جديدا لتونس وسيكون بمثابة زلزال للأحزاب السياسية.