اندلعت حالة من الصراع بين قادة الإخوان للتشبث بالمناصب، وسط جهود مكثفة تبذل للملمة شتات التنظيم الإرهابي بعد ضربات موجعة متتالية داخليا وخارجيا عبر استمالة قواعد الشباب.

شباب التنظيم الذي تحمل كافة التبعات السلبية لقرارات القيادات سأم الطرفين المتناحرين، فأحدهما تخلى عن شباب التنظيم المحبوسين على ذمة قضايا إرهابية في مصر، وتجاهل تقديم أي مساعدة لمهم، ما دفعهم لإعلان انشقاقهم عن التنظيم داخل السجون ومراجعة أفكاره، وفك ارتباطهم التنظيمي به، والثاني يواجه اتهامات بالجملة تتعلق بالفساد المالي والاختلاسات من أموال الجماعة.

ويشهد التنظيم الإرهابي حالة من الغليان منذ إعلان القائم بأعمال المرشد العام، إبراهيم منير، رسميا قرار حل المكتب الإداري لشؤون التنظيم بتركيا بقيادة الأمين العام السابق محمود حسين، وكذلك مجلس شورى القطر، في يونيو الماضي، وكذلك تأجيل الانتخابات الداخلية التي كان من المزمع إجراؤها خلال أسابيع لاختيار أعضاء مجلس الشورى العام، لمدة 6 أشهر.

ومع احتدام الصراع واقتراب أفول التنظيم الإرهابي جراء حالة التدمير الذاتي والضغط الدولي بقوانين تنبذ عنف التنظيم وتجرمه، تدور تساؤلات حول موقف الشباب في معركة حسم القيادة والقرار لأي من الفريقين أم سيكون لهم رأي ثالث بحل التنظيم وإنهاء معاناتهم.

مغازلات وقرارات كسب ثقة

مغازلات ومحاولات استقطاب باتت واضحة من الجانبين، حيث أعادت جبهة محمود حسين، الجمعة، نشر بعض المقالات والمناشدات والرسائل لشباب التنظيم عبر المنصات الإعلامية التي تسيطر عليها مجموعة اسطنبول.

وفي المقابل وفي نفس اليوم، ظهر إبراهيم منير في مقابلة متلفزة، مدح فيها شباب التنظيم الإرهابي

وفي محاولة منه لجذب الكتلة الشبابية، التي تمثل قاعدة تنظيمية كبيرة، إلى معسكره. قام بتعيين أحد الشباب يدعى "صهيب عبد المقصود" متحدثا إعلاميا للتنظيم، في خطوة لاستمالة شباب الإخوان لصالحه.

أخبار ذات صلة

قرارات وتعيينات.. محاولات "يائسة" من الإخوان لوقف التصدع
كيف يؤثر صراع "الإخوان" على أفرع التنظيم في العالم؟

ماض غير مشرف

لكن الصراع على "شباب الإخوان" بين منير وحسين يصطدم مع مواقف الشباب المختلفة من القائم بأعمال المرشد والأمين العام السابق جراء ماض غير مشرف من التصريحات والقرارات وحتى الذمة المالية.

فقائدا مكتبي لندن وإسطنبول ليس لديهم أرضية واسعة بين شباب الإخوان، وتشير العديد من المصادر إلى أن منير طالب السلطات التركية بعدم منح الجنسية لعشرات شباب الإخوان الفارين إلى أنقرة، في محاولة لإضعاف جبهة إسطنبول، وهو ما اعتبره الشباب طعنة في الظهر.

حين يبدأ التطرف من الأسرة

 

وكذلك عقب إعلان تعيين منير قائما بأعمال المرشد، سادت حالة من الغضب داخل شباب الإخوان رفضا للتكليف مما أدى إلى إصدار الإخوان في سبتمبر 2020، بيانا دعت خلاله مكاتبها الإدارية لاحتواء ما وصفته بغضب الشباب.

على الجانب الآخر، هناك حالة سخط وغضب من قبل شباب الإخوان تجاه محمود حسين، جراء ملفات فساد تشمل محسوبية واختلاسات مادية، حيث يسيطر "مكتب إسطنبول" على مصادر تمويل التنظيم، نظرا لقربه إلى نائب المرشد المحبوس في مصر خيرت الشاطر.

‏وتقدر ثروة محمود حسين بـ11 مليون دولار، كما يمتلك فللا في إسطنبول وسيارات فارهة، وفق تصريحات قيادات شبابية داخل التنظيم.

3 تيارات داخل الشباب

الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، سامح فايز، قال إن الصراع الدائر الآن داخل الإخوان يأتي ضمن سلسلة صراعات بدأت من 2009 مع أزمة تصعيد القيادي الراحل عصام العريان، وآنذاك برز شباب الإخوان كقوة مؤثرة، ودخلوا في صراع مع الإدارة الكلاسيكية المتكلسة لقادة الإخوان التاريخيين خصوصا أبناء مصطفى مشهور ومحمد بديع ومحمود عزت ومحمود حسين، لكن المزاج العام في الفترة للإخوان كان داعما للمواجهة المباشرة، وعدم تقبل أفكار شباب الإخوان الجدد المتأثر بالتجربة التركية.

وأضاف فايز لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه "بعد ثورة 30 يونيو ادعى الإخوان كذبا انفصالهم لمكتبين، واحد بقيادة محمد كمال الذي يمثل الجناح المسلح وأغلبه شباب وآخر بقيادة محمود عزت الذي قدم نفسه رافضا للعنف، علما بأن الجانبين تبادلا الأدوار فقط بعد 2013 وأصبح القطبي إصلاحي والعكس في تأكيد على أن وعاء الإخوان الفكري واحد.

3 تيارات

ولفت فايز إلى أن هناك ثلاثة تيارات رئيسة داخل "شباب الإخوان" وهي الشباب الداعم لمجموعة محمد كمال واستخدام العنف ويطلق عليهم "الكماليون" أو "تيار التغيير"، والشباب الداعم لمجموعة محمود حسين والمقاومة في العموم دون مهادنة، والتيار الثالث هو الشباب المتأثر بأفكار إخوان الغرب الداعم لإبراهيم منير.

وأوضح أن التيارات الثلاثة كل منها تعمل وفقا لقادتها لذلك من الطبيعي ترى هجوم على حسين أو منير من قبل الشباب في ظل انقسام هؤلاء الشباب بانقسام قادتهم، قبل أن يستدرك: "لكن المسألة ما هي إلا مجرد تبادل أدوار وتراجع تكتيكي لحماية التنظيم من الانقراض والمرحلة المقبلة ستشهد صعود تيار إخواني معولم متأثر بالثقافة الغربية داعم المثلية مثل محمد سلطان في أميركا، وداعم للحياة الغربية مثل المتهم بالاغتصاب في أوروبا طارق رمضان حفيد البنا كمخطط للعودة لكن بشكل جديد".

السمع والطاعة

فيما أكد الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، محمود جابر، أن "الإخوان تنظيم استاتيكي على مستوى التنظيم والتسلسل القيادي لا يلقي بالا بمستوى رضا أو غضب القاعدة ولكن القاعدة عليها السمع والطاعة".

وأضاف جابر، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن القواعد لا تستطيع تغير التنظيم لا شكلا ولا موضوعا ولا ملء الفراغ إذا ما حدث أي نوع من أنواع الفراغ ولكنهم دائما ينتظرون التعليمات والأوامر التنظيمية.

وأشار إلى أن "التنظيم يخلو تماما من فكرة المبادرة في الفعل أو التنظيم لهذا لن تجد لا في تاريخ الإخوان ولا في حاضرهم ثمة تفاعل في المستويات التنظيمية أو تأثر بالغضب من القيادة أو عدم الرضا".

وأوضح أن مصير أي تمرد على القادة هو الطرد من الإخوان، قائلا "الإخوان في مثل هذه الحالات تواجه من يفعل ذلك بإخراجه خارج التنظيم وخارج الجماعة وهناك قيادات كبيرة وأسماء كبيرة جرى التنكيل بها وإخراجها خارج التنظيم حينما لم تلتزم بتعليمات القيادة أو في مواجهة محاولة ملء هذا الفراغ لهذا لن تجد أي تحرك أو أي موقف من القواعد على الإطلاق".

البحث عن طريق ثالث

الخبير في الحركات الأصولية في مصر، أحمد بان، رجح أن يحسم منير معركة القرار والقيادة داخل الإخوان، بينما في المقابل لازال بيد مجموعة حسين بعض أوراق الضغط بما يكرس انقسام التنظيم لمجموعتين

وأضاف بان في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" أن استمرار الانقسام قد يؤدي إلى انصراف الشباب في النهاية عن الفريقين والبحث عن طريق ثالث" بعد معاناة من الجميع.

أزمة قمة "رأس الإخوان" تأتي في وقت تعاني خلاله معظم أفرع التنظيم في البلدان العربية أزمات طاحنة بعد عزلهم والإطاحة بهم في دول وتصنيفهم إرهابية في أخرى ما ينذر بنهاية وشيكة.