احتجاجات واسعة وإطلاق نار بالعاصمة السودانية، الخرطوم، بالتوازي مع مظاهرات متواصلة شرق البلاد تسلل إليها تنظيم الإخوان الإرهابي المعزول ضمن مساعٍ مستمرة لإذكاء نار الفتنة وإفشال المرحلة الانتقالية بالبلاد.
واحتشدت، السبت، مواكب جماهيرية أمام مقر الحكومة السودانية بدعوة من جناح منشق عن قوى "الحرية والتغيير" وكذلك إطلاق مسلحين الرصاص الحي على مواطنين في ضاحية الجريف شرقي الخرطوم، ما أوقع عددا من المصابين.
ومع تفاقم الخلافات بين الشقين المدني والعسكري منذ أكثر من 3 أسابيع، نشأ تحالف غير معلن بين الإخوان وعدد من الأحزاب والحركات المسلحة المقربة من الشق العسكري في مجلس السيادة.
مخطط إخواني
وكشفت رسائل مسربة تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عن مخطط إخواني خطير لقطع الطريق أمام الفترة الانتقالية في السودان من خلال مسيرة ينظمونها بالاشتراك مع أحزاب وكيانات صغيرة كانت تشاركهم السلطة في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير.
وكان خبير سياسي حذر، في تصريحات سابقة لـ"سكاي نيوز" عربية، من أن التحركات الخبيثة لـ"إخوان السودان" في شرق السودان تهدف إلى حصار العاصمة الخرطوم عبر الولايات الطرفية وذات التأثير الكبير ومن ثم جر البلاد إلى دوامة العنف والوصول إلى مخططهم الفوضوي بعد ضربات متلاحقة لقياداتهم.
ومنذ عزلهم من السلطة في أبريل 2019، تعول الجماعة الإرهابية على نشر الفوضى في السودان وتعطيل النجاحات، التي تحققها الحكومة الانتقالية سواء سياسيا أو اقتصاديا وتحقيق السلام مع الجماعات المسلحة.
احتجاجات شرق السودان
ومنذ 17 سبتمبر الماضي، أعلن سودانيون موالون لمحمد الأمين ترك، زعيم قبيلة البجا، وهي إحدى أكبر المكونات السكانية في شرق السودان؛ إغلاق الميناء الرئيسي للبلاد ووضعوا متاريس (حواجز) في العديد من المدن والنقاط الواقعة على الطريق الرئيسي الذي تمر به صادرات وواردات البلاد، وكذلك إغلاق خطّي تصدير واستيراد النفط.
وتصدرت 3 مطالب للمحتجين لعودة الحياة إلى طبيعتها أبرزها حل لجنة تفكيك تنظيم الإخوان وهو ما يدعم فرضية تورط فلول الإخوان في تحريك عجلة التصعيد بالمنطقة تحقيقاً لمصالحهم التنظيمية، وخشية أن يقعوا تحت مقصلة اللجنة التي تحظى بدعم شعبي كبير.
كما طالبوا بحل الحكومة الحالية وتشكيل مجلس عسكري يدير البلاد لفترة انتقالية تعقبها انتخابات، وكذلك إلغاء مسار شرق السودان باتفاقية جوبا.
ولم تخل الاحتجاجات من رموز نظام الإخوان المعزول حيث برز مسؤولون سابقون في نظام عمر البشير يقفون إلى جانب قادة الاحتجاجات في شرق السودان ويحثونهم على إغلاق الطرق.
ماذا يحدث بالعاصمة؟
تجمع آلاف المحتجين أمام القصر الرئاسي، السبت، وهتفوا "تسقط حكومة الجوع"، مطالبين بحل الحكومة السودانية.
وردد المحتجون شعارات مناوئة للحكومة الانتقالية، منددة بالأوضاع الاقتصادية المتردية، وطالبوا بتشكيل أخرى من كفاءات وطنية مستقلة وتوسيع قاعدة المشاركة في عملية الانتقال الديمقراطي.
مظاهرات السبت جاءت إثر دعوات أطلقتها مجموعة سياسية انشقت عن تحالف الحرية والتغيير، تضم حركات مسلحة موقعة على السلام وقوى سياسية مدنية.
ويضم التحالف الذي أطلق على نفسه "منصة التأسيس"، حركة العدل والمساواة قيادة جبريل إبراهيم وحركة تحرير السودان بزعامة مني أركو مناوي، بجانب قوى سياسية مدنية، وقيادات أبرزها: التوم هجو ومحمد سيد أحمد الجاكومي، ومبارك أردول وآخرين.
في المقابل، اتهم تحالف "الحرية والتغيير "وقوى أخرى الجناح المنشق بمحاولة الانقضاض على الفترة الانتقالية، وقطع الطريق أمام التحول الديمقراطي من خلال هذا الحراك.
كما أعلنت قوى سياسية منضوية تحت لواء قوى الحرية والتغيير طرح ميثاق جديد، يضمن مشاركة كل قوى الثورة، ويوسع قاعدة المشاركة دون إقصاء كل المكونات الأخرى.
فلول نظام الإخوان
الكاتب والمحلل السياسي السوداني، محمد علي فزاري، قال إن فلول النظام المنحل يعتبرون ما يحدث فرصة لتسلق ظهر الثورة مرة أخرى والعودة عبر ما يسمونه بـ"منصة التأسيس".
وأضاف فزاري في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية": "ما يحدث هو نتاج حالة الانقسام السياسي والاستقطاب الحاد بين قوى الحرية والتغيير التي أعلنت قيامها في 2019 وقوى الميثاق الوطني تشمل حركات الكفاح المسلح والتي كانت جزءا من الحكومة وممثلة في كافة هياكل السلطة الانتقالية".
وأوضح أن "المحاولة الحالية ليست فقط من أجل توسيع المشاركة كما يدعون ولكن هناك مساعي لإسقاط الحكومة برمتها وهناك العديد من الأصوات الذي تهتف بذلك أمام القصر".
وأشار إلى أن المشاركين ليسوا على قلب رجل واحد، هناك تباين في المصالح والأهداف، في إشارة إلى مشاركة فلول الإخوان جراء الضغوط والملاحقات التي نالت من قياداتهم.
شظايا الشرق
وحول العلاقة بين الاحتجاجات ومظاهرات الشرق، قال فزاري إن نيران الشرق وشظاياها قد سقطت على العاصمة الخرطوم وأزمت الوضع السياسي الحالي الذي تعيشه البلاد.
قبل أن يستدرك: "لكن خطاب رئيس الوزراء عبدالله حمدوك عشية الجمعة كان فيه الكثير من الإشارات الإيجابية وربما استبق هذه المواكب بتأكيده على ضرورة التوافق وأن الانتقال السوداني يواجه تحديات ومخاطر كبيرة".
وتوقع المحلل السياسي أن يتدخل الجيش لحسم هذه الخلافات لأن هناك نضجا سياسيا وثوريا سودانيا يمنع أي محاولة للردة وهو ما دلل عليه تصدر هاشتاغ بمنصات التواصل الاجتماعي (#الردة_مستحيلة)، حيث أكدوا خلاله أنه من الصعوبة عودة البلاد لمربع الانقلابات العسكرية تحت أي مسمى.
وأكد على أن الجيش لن يتخذ أي قرارات مناوئة خاصة مع تحذيرات إقليمية ودولية وهو ما أكدته بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال وكذلك موقف السفارة الأميركية بأنهم مع التحول الديمقراطي الكامل وأن الحكومة جاءت بشرعية ثورية ومن الصعوبة تغييرها بأي من المكونات الأخرى.