يسعى الائتلاف الحكومي الجديد في المغرب برئاسة عزيز أخنوش، إلى تفعيل خطوات مهمة لصالح اللغة والثقافة الأمازيغيتين في المغرب.
ورغم الوضع المتقدم دستوريا للأمازيغية في المغرب، وصدور القانون المنظم لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات القيام بذلك في التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولية، إلا أن هذه اللغة والثقافة لم تجدا طريقمها بعد للتفعيل الأنسب، بحسب ناشطين.
ويرى ناشطون أمازيغ أنه خلال 10 سنوات، كان تعامل بعض الهيئات السياسية مع الأمازيغية، وخصوصا حزب العدالة والتنمية، موسوما بالحذر والمناورات وحرب المواقع، مما عطّل مسلسل إنصافها.
التزام لتفعيل الأمازيغية
تضمن البرنامج الحكومي، الذي صُوّت عليه بالإجماع في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) الأربعاء 13 أكتوبر الحالي، التزاما بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، خاصة من خلال إحداث صندوق خاص وضخه بميزانية تصل لمليار درهم(110 مليون دولار) بحلول عام 2025.
وحدد برنامج حكومة أخنوش، هدف الصندوق في "إدماج الأمازيغية في مجالات التعليم والتشريع والمعلومات والاتصال والإبداع الثقافي والفني، فضلا عن استعمالها في الإدارات وفي مجموع المرافق العمومية".
كما سيعمل نفس الصندوق على "تعزيز العدالة الثقافية واللغوية، على غرار آليات التمويل التي تعبأ في كل مرة كروافع إدماج للسياسات العمومية من أجل التنمية الاجتماعية والمجالية".
على مستوى تمويل هذا الالتزام المهم، أوضح البرنامج الحكومي أن "صندوق مواكبة ترسيم الأمازيغية يستمد موارده من ميزانية الدولة، التي ستصل إلى مليار درهم ابتداء من سنة 2025".
ولتعزيز حوكمة صندوق مواكبة تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وعد عزيز أخنوش في برنامجه الحكومي بـ"إحداث لجنة استشارية وطنية ولجان استشارية جهوية تضم ممثلي القطاعات الوزارية المعنية وتنفتح على شخصيات لها إلمام بالثقافة الأمازيغية".
مبادرة للنهوض بالأمازيغية
عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (مؤسسة حكومية)، أحمد بوكوس، ثمن خطوة الحكومة الجديدة التي "جاءت بالتزامات كلها أساسية".
واعتبر بوكوس، في تصريحه لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أن التزام الحكومة بخصوص تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية "مبادرة جيدة، خصوصا أنه تضمن إنشاء صندوق لتمويل هذا المشروع للنهوض بالأمازيغية".
ودعا عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، رئاسة الحكومة إلى "ضرورة استشارة المؤسسات التي لها صلة بالأمازيغية، ومنها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي راكم تجربة 20 سنة".
ويهدف المعهد، الذي تأسس في 17 أكتوبر 2001 طبقا لقرار صادر عن العاهل المغربي الملك محمد السادس، إلى تقديم المشورة في التدابير التي من شأنها الحفاظ على الثقافة الأمازيغية والنهوض بها في جميع تعابيرها.
الأمازيغية من أجل التنمية
وكان مهتمون وناشطون أمازيغ، حريصين على تبين الأهمية التي سيوليها البرنامج الحكومي الجديد لملف الأمازيغية.
يرى الأكاديمي المتخصص في الثقافة الأمازيغية، الحسين بويعقوبي، أنه "من مميزات طريقة طرح البرنامج الحكومي لموضوع الأمازيغية ربطها بالتنمية الاقتصادية، وفي هذا الطرح دعوة لجعل الأمازيغية وتطويرها رافعة للتنمية في مختلف أبعادها".
وأضاف الأكاديمي المختص في الأمازيغية "الالتزام بإحداث صندوق خاص ستصل ميزانيته مليار درهم سنة 2025 لتمويل مشروع الأمازيغية من أهم الالتزامات، لأن الميزانية المخصصة للأمازيغية من أكبر نواقص البرامج الحكومية السابقة".
كما ثمن بويعقوبي "مقترح إنشاء لجنة استشارية وطنية ولجان جهوية لتتبع الموضوع، رغم عدم التفصيل في طبيعتها وشكلها والمنتظر منها".
واستطرد الأكاديمي المغربي "يبدو أن اللجنة الاستشارية الحالية ستأخذ بعين الاعتبار البعد الجهوي لموضوع الأمازيغية من خلال خلق لجان جهوية".
في انتظار التفعيل
وإذا كان ما جاء به برنامج عزيز أخنوش مهما بشأن النهوض بالأمازيغية في المغرب، ثمة تساؤلات حول واقعية ترجمة الالتزامات خلال خمس سنوات من عمر الحكومة الحالية.
يجيب الكاتب والمحلل السياسي، عادل بنحمزة "قد يكون الأمر صعبا في مستوى من المستويات، لأن عملية جعل اللغة الأمازيغية لغة رسمية فعليا أمر له جانب بنيوي".
لهذا يتوقع الكاتب والمحلل السياسي، في اتصاله بـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أن "يكون زمن التفعيل أطول من الزمن الحكومي، وهو ما لا يشكل نقيصة بالنسبة للحكومة، إذ المهم في المرحلة المقبلة هو وضع قطار الأمازيغية على السكة".
وأضاف بنحمزة " أعتقد أن مكونات الحكومة الثلاثة عبرت في برامجها الانتخابية وقبل أن تتحالف، عن وعيها بأهمية النهوض بالأمازيغية، لذلك علينا انتظار تفعيل التزامات الحكومة في هذا الباب".
وسجل الكاتب والمحلل السياسي، عادل بنحمزة، أن النوايا الحكومية "جاءت لأول مرة مقرونة بالتزامات مالية، هي في حد ذاتها مقدمة جدية إذا ما استمرت الإرادة السياسية في اتجاه الالتزام بتنفيذ الدستور في الجانب المتعلق باللغة الأمازيغية واستعمالاتها".