على جدول أعمال حكومة تونس الجديدة برئاسة نجلاء بودن، تبرز حركة النهضة الإخوانية كأولوية وسط توقعات بإعلانها "تنظيما إرهابيا" وفق مراقبين.
وسيكون على بودن أن تعالج ملفات عدة متعلقة بالإخوان في تونس، من مكافحة الفساد حتى التصدي للإرهاب، فيما جددت قوى سياسية وحزبية ومؤسسات مدنية مطالبها للحكومة بإعادة فتح الملفين، في مقدمتها الحزب الدستوري الحر وهيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، فضلا عن 22 جمعية ومؤسسة مجتمع مدني حذروا في بيان رسمي من "الانتهاكات التي تمارسها النهضة في المشهد السياسي، ومحاولتها نزع الاستقرار وتأليب الرأي العام على الرئيس قيس سعيّد والقوى الشعبية والسياسية المؤيدة له".
ووفق خبراء ومراقبين، تقف حركة النهضة الإخوانية في مقدمة المتهمين بـ"قضايا تتعلق بالاغتيالات السياسية والفساد وتلقي تمويلات خارجية وقت الانتخابات البرلمانية وفيما بعدها، ومحاولة اختراق المؤسسة القضائية واستغلالها لخدمة أهداف التنظيم، وأيضا العمل وفق أجندة ترتبط بولاءات خارجية بعيدا عن مصالح الوطن، فضلا عن قضايا الفساد الاقتصادي والمشاركة في إفساد الحياة السياسية".
القضاء وتصنيف الإخوان
ويرى المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي أن الملف القضائي سيكون أحد أهم الملفات على رأس أولويات الحكومة الجديدة، سواء فيما يتعلق بتطهير المؤسسات القضائية من الاختراقات الإخوانية، أو الاتهامات المتعلقة بسياسة الحركة التي قد تدفع الحكومة إلى إعلانها "تنظيما إرهابيا"، أسوة ببلدان أخرى في المنطقة.
ويقول الجليدي لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن قضية الاغتيالات السياسية، خاصة ما يتعلق بمقتل السياسيين المعارضين بلعيد والبراهمي، تأتي في مقدمة الاتهامات الموجهة للنهضة، مشيرا إلى أن "كافة أدلة الاتهام تثبت تورط الجهاز السري للحركة في هذه الوقائع".
ومن جهة أخرى، يشير الجليدي إلى "تورط حركة النهضة في التلاعب بالمؤسسات القضائية ومحاولة اختراقها واستغلالها إبان فترة حكمها للبلاد، وتعمد إخفاء نحو 60 ألف ملف يتعلق بالقضايا الاغتيالات السياسية والجهاز السري للتنظيم، باعتباره أخطر الخلايا المسلحة التي تمارس العنف في البلاد".
وترسم معلومات أفرجت عنها سلطات التحقيق التونسية خلال الأعوام الماضية طبيعة عمل الجهاز السري للإخوان، الذي يضم جهازا استخباراتيا داخل الدولة يتألف من 21 ألف عنصر دمجوا في الإدارة التونسية بمقتضى قانون العفو التشريعي العام، وأخذوا موقعا في وظائف حساسة على غرار مصلحة إدماج المعطيات للمركز الوطني للإعلام، التي تقع في قلب منظومة الانتخابات في البلاد.
وكانت النيابة التونسية قد أعلنت في 2019، فتح تحقيق في معلومات تفيد بامتلاك حركة النهضة جهازا سريا أمنيا موازيا للدولة، واتهم هذا الجهاز بضلوعه في اغتيال بلعيد و البراهمي.
واعترف وزير الداخلية التونسي الأسبق لطفي بن جدو، أن حركة النهضة الإخوانية تمتلك أجهزة تنصت تفوق قدرات الجيش والأمن في البلاد، وهي تجهيزات في شكل حقائب قادرة على التقاط 4 آلاف مكالمة في الوقت ذاته، وعادة ما تنقل على متن سيارات مغلقة.
فساد سياسي ومالي
ويرى متابعون للشأن السياسي في تونس، أن فتح ملفات الفساد السياسي والمالي الممنهج خلال السنوات الماضية، سيضع النهضة أمام مواجهة قضائية لمحاسبتها على كافة الجرائم التي تورطت بها في سنوات حكمها، وعملها السياسي بشكل عام.
ووفق المحلل السياسي التونسي بلحسن اليحياوي، تتمثل الإشكالية الخاصة بحركة النهضة في "الولاء"، لأنها |تعمل لصالح أجندة التنظيم العالمي للإخوان وليس وفق أجندة وطنية، ويغيب عن أدبياتها تماما مفهوم الدولة وقيم الوطنية".
وفي حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، يقول اليحياوي إن "حركة النهضة أدخلت تونس مرحلة خطيرة وجديدة وتسببت في أزمة سياسية غير مسبوقة"، مشيرا إلى أن "ما كانت تسمى بالجمعيات الخيرية داخل البلاد وتلقت أموالا طائلة تحت الغطاء الخيري، هي في الحقيقة كانت ممرات لتدريب وتسليح العناصر المتطرفة والإرهابية، وغذت الجماعات الإرهابية في العالم، وهذه واحدة من الأشياء التي جعلت تونس تشهد للمرة الأولى اغتيالا لرموز العمل السياسي الوطني".