فصل الشتاء في سوريا على الأبواب، ويخشى السوريون من أن البرد القادم الذي سيضيف عبئا جديدا على كثير منهم، خاصة الفقراء والنازحين، وسط تفاقم أزمة البلاد الاقتصادية وانهيار الليرة السورية.
ويختلف هذا الشتاء عما سبقه، بندرة التيار الكهربائي التي تتجاوز ساعات انقطاعها في بعض مناطق العاصمة دمشق 20 ساعة يومية، نتيجة أعطال وعجز في كميات الوقود التي تتسبب في انقطاع الكهرباء عن السكان.
وتعتمد نسبة كبيرة من السوريين على المدافئ التي تعتمد على مادة المازوت، وصار الأمر صعبا على قطاع واسع منهم، بعد الارتفاع الخيالي للمادة وتخطّي سعر الليتر الواحد منه الـ4500 ليرة سورية (ما يقارب الدولار ونصف).
ولذلك، استغنت العديد من العائلات السورية، خاصة في مدن دمشق وحلب وحمص واللاذقية، عن استخدام المدافئ لمواجهة البرد بعد ارتفاع سعر ليتر المازوت، فكل عائلة تحتاج وسطياً بحسب سمير الزين صاحب محطة وقود في دمشق، لكي تحصل على 1000 لتر من المازوت، التي يصل سعرها إلى 4 ملايين ونصف ليرة سورية، وهو مبلغ تعجز الأسر السورية حتى الميسورة منها عن تخصيصه للتدفئة.
ويقول سمير خلال حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" إن العديد من الأسر ابتكرت وسائل بديلة لتواصل حياتها رغم الأزمات التي تلحق بها من انقطاع التيار الكهربائي الذي يحرمهم استخدام المدافئ الكهربائية، إلى جانب ارتفاع أسعار مازوت المدافئ المعروفة بـ "الصوبيات"، مما دفعهم إلى استخدام كانون الحطب بديلاً في الأرياف وصعوبة استخدامها في المدن بسبب الدخان الذي يتسبب بمشاكل في التنفس.
ويضيف سمير: "يعاني المجتمع السوري من ارتفاع نسبة البطالة وتدني الأجور، فالرواتب الشهرية للطبقة العاملة في القطاع الخاص أقل من 50 دولاراً شهرياً، أما الموظف الحكومي فراتبه لا يتعدى سقف الـ35 دولاراً، وهي لا تكفي لشراء بضع لترات من المازوت.
وتابع حديثه محذراً من أن هذه الأوضاع أجبرت المواطنين على استخدام طرق تقليدية في التدفئة، كالاعتماد على الحطب ونجارة الخشب التي تتسبب سنوياً بكوارث تنتهي بحالات وفاة بسبب اندلاع الحرائق في المنازل وحالات اختناق من الأدخنة المنبعثة من التدفئة التقليدية.
دفء الفقراء الناقل للمرض
يُقبل العديد من السوريين على الأسواق الشعبية لشراء حاجتهم من الألبسة الاوربية المستعملة، لكن يبدو ارتفاع أسعارها خطف أمل الفقراء بدفء الملابس.
وتقول "أم زهير" إنها تحتاج لـ 100 ألف ليرة سورية لشراء أربعة معاطف شتوية لأولادها من بسطات البالة.
وتضيف في حدئثها لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الألبسة المستعملة أيضاً باتت حلماً للفقراء بعد أن قفزت أسعارها لمبالغ خيالية.
وقالت: "الجاكيت الجديد كان سعره قبل عامين 25 ألف ليرة سورية، وهذه السنة ارتفع عشرة أضعاف، فثمن معطف شتوي متوسط الجودة وصل لأكثر من 200 ألف ليرة سورية، والمستعمل تضاعف أيضاً سعره لعشرة أضعاف رغم رداءته".
وفي ظل الاقبال الكبير الذي تشهده أسواق البالة في معظم المدن السورية، بسبب افتقار المواطنين للإمكانيات المادية التي تحرمهم شراء الملابس الجديدة، يحذر أصحاب محلات الألبسة الجديدة منها، مؤكدين لـ"سكاي نيوز عربية "أنها غير آمنة صحياً وناقلة للمرض، لاسيما الأمراض الجلدية كونها لا تُغسل ولا تُعقّم وتُشكّل بيئة خصبة للفيروسات، لكنها تلبي احتياجات الفقراء، وتناسب قدراتهم الشرائية.
شتاء دون مؤنة
ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية للمواطنين السوريين جراء فقدانهم لوظائفهم ومصادر دخلهم وأعمالهم التي تزامنت مع غلاء الأسعار والمعيشة وإيجارات السكن، وتهاوي قيمة الليرة السورية أمام الدولار، لم تتمكن شرائح واسعة من الناس من تجهيز مؤونة الشتاء وتخلّى السوريون عن ارتباطهم بتقاليد أسلافهم في تجهيز ذخيرتهم الشتوية من المؤن الغذائية، وفي قائمتها "مؤونة المكدوس " الأكلة الأكثر شعبية التي كانت تتسيّد الموائد السورية.
وتقول هدية صبري، وهي ربّة منزل من مدينة الحسكة، اضطرت إلى التخلي عن إعداد المكدوس هذا العام.
وتضيف في حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية" أن تكلفة إعداد المكدوس تختلف بحسب المواد الداخلة فيها، وقد ترتفع تكلفتها لمليون ليرة سورية،.
وأوضحت "نظرا لارتفاع الأسعار وضيق المعيشة، تتحايل ربات البيوت على الظروف باستبدالها زيت الزيتون بزيوت نباتية، واستبدال الجوز بالفستق السوداني.