في تطور نوعي لمرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت الأحد الماضي، قامت قوات من اللواء 61 من الجيش العراقي، وبمساندة من عناصر الأجهزة الأمنية، بمداهمة عدد من الأحياء الكُردية في مدينة كركوك شمالي العراق.
القوات العسكرية كانت معززة بعدد من الدبابات والمُصفحات العسكرية، وقامت باعتقال العشرات من الشُبان الأكراد، الأمر الذي أثار الكثير من المخاوف، بما في ذلك تحذيرات سياسية من إمكانية انفلات الوضع الأمني في المدينة، وإمكانية حدوث صدام قومي ضمن المدنية، المتنازع عليها.
واتصلت "سكاي نيوز عربية" بعدد من سكان الأحياء الكُردية ضمن مدينة كركوك، الذين أكدوا بشكل مُتطابق أن قوات عسكرية وأمنية تُقدر بالمئات انتشرت بشكل مكثف في أحياء الشورجة ورحيماوى شمال وغرب المدنية منذ صباح اليوم، وأنها داهمت المئات من المنازل بشكل مباشر ودون وجود أذون بالتفتيش، واعتقلت أكثر من 75 شاب كُردي، وبقيت منتشرة في شوارع الأحياء الكُردية، تفتش العابرين وتُجبرهم على فتح هواتفهم النقال، للتأكد من وجود مقاطع مصورة للاحتفالات بفوز المُرشحين الكُردي في الانتخابات البرلمانية، مذكرة أن العديد من الشُبان الذي أفرجت القوات الأمنية عنهم بعد ساعات من الاعتقال أكدوا تعرضهم للتعنيف والابتزاز ضمن المقار والمركز العسكرية.
مصدر أمني عراقي رفيع المستوى، نفى في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، أن تكون لهذه المداهمات أية دوافع عرقية أو قومية، مذكرا بأن القوات الأمنية العراقية داهمت فقط منازل بعض الذين تأكدت من إطلاقهم النار أثناء الاحتفالات بفوز مرشحيهم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، الأمر الذي عكر الوضع الأمني في المدنية، بما في ذلك إثارة النعرات العرقية ضمن المدينة المختلطة.
وكانت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية العراقية في محافظة كركوك الحساسة قد أدت إلى فوز القوائم الكُردية بـ6-7 مقاعد من أصل 12 مقعداً برلمانياً مخصصاً للمحافظة، بينما انخفضت حصة المقاعد التي أحرزتها القوائم العربية والتركمانية إلى أقل ما كانت عليها في الانتخابات البرلمانية التي كانت جرت خلال العام 2018.
المعلومات التي حصلت عليها "سكاي نيوز عربية" أكدت أن القوات الأمنية العراقية حاولت اعتقال "كاكا رش صديّق"، وهو قيادي في حزب الاتحاد الوطني الكُردستاني، ومعه العشرات من الحزبيين، ودون وجود أوامر قضائية بالاعتقال، الأمر الذي دفع بقيادة حزب الاتحاد الوطني الكُردستاني للتحذير مغبة تطور الأوضاع ضمن المدينة، مضيفة أن ذلك قد يؤدي إلى انفلات الأوضاع ضمنها، لأن الأكراد ضمنها يشعرون بالغبن جراء تسليم الملف الأمني لمكون واحد ضمن المدينة، حسبما قال القيادي في الحزب جمال شكور.
رئيس إقليم كردستان العراق نجيرفان بارزاني أجرى اتصالاً هاتفياً برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، دعاه خلاله إلى تهدئة الأوضاع ضمن مدينة كركوك، والعمل على تطبيع الملف الأمني ضمن المدينة وكامل المحافظة.
الكاتب والباحث الكُردي العراقي سربست أردلان شرح في حديث مع "سكاي نيوز عربية" أسباب مثل هذه الأحداث الأخيرة ضمن المدينة "الكثير من قادة الأجهزة الأمنية ضمن المدينة محسوبون على جهة سياسية أو أخرى ضمن المدينة، فالتعيينات الأمنية والعسكرية الرئيسية في العراق تجري حسب التوافقات السياسية. وحينما تتراجع شعبية ذلك التيار السياسي، مثلما حدث خلال الانتخابات الأخيرة، فإن هؤلاء القادة الأمنيين يتخذون قرارات على الأرض يعتبرونها تعويضاً لهذه الجهة السياسية".
يتابع أردلان حديثه قائلاً: "كركوك مدينة حساسة للغاية، ودون تدخل واضح من قيادة الجيش والحكومة، بالذات فيما خص مهام وصلاحيات اللواء 61 من الجيش العراقي المنتشر في المدينة، فإن الأوضاع مهددة بالانفجار وزيادة وتيرة الحساسيات القومية في كامل المناطق المتنازع عليها".