تستعد الكتل السياسية في العراق إلى بدء حوارات لتشكيل تحالفاتها داخل قبة مجلس النواب، فيما تتجه البوصلة إلى ائتلاف التيار الصدري مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، بالإضافة إلى تحالف "تقدم" بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
وكشفت النتائج الأولية عن حصول التيار الصدري على المرتبة الأولى، بعدد مقاعد بلغ 73، وتلاه تحالف "تقدم" برئاسة رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي 43، ثم الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني 32، ثم دولة القانون برئاسة رئيس حزب الدعوة الإسلامي نوري المالكي.
وحصلت الفصائل المنضوية تحت تحالف الفتح برئاسة زعيم منظمة بدر هادي العامري، على نتائج غير متوقعة، حيث تكبدت خسارة كبيرة، بحصولها على نحو 13 مقعداً، فقط نزولاً من 48 مقعداً خلال انتخابات عام 2018.
تحالف الصدر – بارزاني
ووفق تلك المعطيات، يرى الباحث في الشأن السياسي، عماد محمد، أن "العلاقة الوثيقة بين التيار الصدري، وبارزاني، وثيقة، وقبل الانتخابات حصل اتفاق وشيك على الدخول في تحالف واحد، لكن انسحاب الصدر من الانتخابات وعودته لاحقاً، حال دون ذلك، ما يعطي صورة واضحة عن توجه مسار التحالفات، في ظل التنافر الحاصل بين التيار الصدري، الكتل الشيعية الأخرى".
وأضاف محمد في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن "أقرب الكتل السنية إلى الصدر، والحزب الديمقراطي الكردستاني، هو تحالف تقدم، برئاسة الحلبوسي، الذي حاز على مقاعد وازنة، ما يؤهله ليكون شريكاً قوياً في الحكومة المقبلة"، مشيراً إلى أن "هذه التحالفات يمكنها تشكيل الحكومة – لو تمّت – بأريحية تامة، إذ لم يتبق لها إلا نحو 15 مقعداً لتكوين العدد المطلوب لتمرير الحكومة".
وأعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني، أنه سيكون "طرفا رئيسيا في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة".
وقال القيادي هوشيار زيباري في تصريح صحفي: "تلقينا بعد الانتخابات العديد من الدعوات لإجراء الحوارات والتنسيق".
ودُعيَ نحو 25 مليون شخص يحق لهم التصويت إلى الاختيار بين أكثر من 3200 مرشح، لكن نسبة المشاركة بلغت نحو 41 في المئة، من بين أكثر من 22 مليون ناخب مسجل، وفق ما أعلنته المفوضية العليا للانتخابات الاثنين.
السلاح لا السياسية
الخبير في الشأن العراقي يحيى الكبيسي، يعتبر أن "التحالفات ومن خلال التجارب السابقة، يحكمها السلاح لا السياسية، ما يعني عدم وجود بديل عن تحالف الكتلة الصدرية، مع تحالف الفتح، وممكن حتى مع دولة القانون، ليتم تحديد من ينضم إليهم لاحقاً من الكتل السنية والكردية".
وأضاف الكبيسي في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أنه "ليس من بديل أمام كلا الطرفين سوى تشكيل تحالف بينهما، والبحث عن مرشح تسوية لرئاسة الوزراء".
كما يتجه مؤشر التحالفات إلى دعم قد يحصل على الصدر وبارزاني، من تحالف قوى الدولة بزعامة رجل الدين عمار الحكيم ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان التي ستُكلف برئاسة الحكومة.
نزاع الكتلة الأكبر
ولا زال النزاع قائماً بشأن الكتلة الأكبر، وفيما إذا كانت تلك التي تتشكل بعد الانتخابات من القوائم الفائزة، أو المتشكلة داخل قبة البرلمان بعد إعلان النتائج، خاصة بعد منع قانون الانتخابات الجديد، انتقال النواب من كتلة إلى أخرى، قبل تشكيل الحكومة.
لكن الكبيسي، يرى أنه "لا علاقة لقانون الانتخابات من بعيد أو من قريب بموضوع الكتلة الأكثر عددا، إذ أن تفسير المحكمة الاتحادية البات والملزم للسلطات كافة هو الذي حدد معنى الكتلة الأكثر عددا وليس بامكان أي قانون أن يغير هذا التفسير".
وترى صحيفة "وول ستريت جورنال" أن التشكيل الفعلي لحكومة جديدة قد يستغرق أسابيع من المساومة السياسية، مع عدم وجود زعيم واضح، فيما سيواجه زعيم التيار، مقتدى الصدر، منافسة شرسة من المنافسين السياسيين، والمتشددين الموالين لإيران الذين يرغبون في دفع البلاد إلى التقارب مع طهران.
ومنذ إعلان نتائج الانتخابات، ما زالت تلك المجموعات تعقد اجتماعات متواصلة، لمنافشة تداعيات الخسارة التي تلقّتها، فيما شكلت ما سُمي بـ"الإطار التنسيقي".
وأعلن هذا التشكيل الذي يضم قوى سياسية وفصائل قريبة من إيران، كتحالف الفتح، ودولة القانون وعصائب أهل الحق بالإضافة إلى كتائب حزب الله وتيارات اخرى، رفضه للنتائج، و"سنتخذ جميع الاجراءات المتاحة لمنع التلاعب بأصوات الناخبين".