فيما يبدو وكأنه أول ردود فعل القوى السياسية والفصائل المسلحة المقربة من إيران على نتائج الانتخابات البرلمانية في العراق، أعلن عدد من قادة هذه القوى رفضهم المطلق للنتائج، وأكدوا سعيهم لفعل "كل شيء" لإلغائها.
وبحسب مراقبين للمشهد المتشابك، فإن الأمر قد يعني إن إيران والقوى المقربة منها ربما تبدأ مرحلة تصعيد في الداخل العراقي، لتجاوز نتائج الانتخابات البرلمانية التي قد تخرجها من السلطة تماما.
وكانت النتائج الأولية شبه الرسمية للانتخابات التي جرت الأحد في العراق، أسفرت عن هزيمة مدوية للأحزاب والقوى والشخصيات التي تعتبر نفسها الأجنحة السياسية لفصائل الحشد الشعبي والتنظيمات المسلحة الموالية لإيران، وكشفت تراجعا كبيرا في مقاعد البرلمان التي حصلت عليها أذرع طهران، من دون حتى تحقيق الحد الأدنى الذي كانت تتوقعه.
فتحالف الفتح الذي يتزعمه القيادي في الحشد الشعبي هادي العامري لم يحصل إلا على 14 مقعدا برلمانيا، بعد 48 مقعدا في التشكيلة البرلمانية السابقة، فيما حصلت قائمة "العقد الوطني" التي كان يقودها رئيس هيئة الحشد فالح الفياض على 4 مقاعد فقط، أما قائمة "حقوق" المدعومة من كتائب حزب الله العراقية، أكثر فصائل الحشد تشددا، فلم تحصل إلا على مقعد برلماني واحد.
وأعلن العامري في تصريح مقتضب رفضه للنتائج الأولية للانتخابات، بعدما وصفها بأنها "مفبركة"، معلنا السعي بـ"كل ما هو ممكن لإلغاء هذه النتائج".
وقال: "لا نقبل بهذه النتائج المفبركة مهما كان الثمن. سندافع عن أصوات مرشحينا وناخبينا بكل قوة"، وهو أمر اعتبره المراقبون بمثابة تصعيد استثنائي بوجه التيار الصدري وقوى الانتفاضة الشعبية العراقية، التي حصل مرشحوها على كافة المقاعد التي خسرها تحالف فتح.
وفي السياق ذاته، رفع المتحدث العسكري باسم كتائب حزب الله أبو علي العسكري مستوى الرفض للنتائج، إلى درجة القطع بأن "ما حصل في الانتخابات التشريعية بواقع الحال يمثل أكبر عملية احتيال والتفاف على الشعب العراقي في التاريخ الحديث".
وطالب المتحدث القوى العسكرية والسياسية بـ"الاستعداد لاتخاذ خطوات مباشرة على الأرض"، حيث قال: "على الإخوة في المقاومة الاستعداد لمرحلة حساسة. الإخوة في الحشد الشعبي هم المستهدفون الأساسيون، وقد دُفع عربون ذبحهم إلى من يريد مقاعد في مجلس النواب، وعليهم أن يحزموا أمرهم وأن يستعدوا للدفاع عن كيانهم المقدس".
وفي حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، سلط الباحث والكاتب العراقي آريز باجلان الضوء على الدوافع والديناميكيات الفاعلة في هذا التصعيد، الذي تمارسه القوى السياسية والعسكرية المقربة من إيران داخل العراق.
وقال باجلان: "هناك سخط شعبي عارم على سلوكيات وممارسات الفصائل المسلحة على أرض الواقع، إذ تدخل في كل تفصيلة بالحياة العامة، والانتخابات كانت جردة حساب كبرى مع ذلك، وبعد خسارة الفصائل لقوتها البرلمانية وتاليا السياسية، فأنها تتوقع مزيدا من الضغوط الشعبية عليها. هي ترفض نتائج الانتخابات استعدادا للتصعيد الذي تتوقعه".
ويضيف باجلان: "كذلك هناك صراع صامت بين الفصائل المسلحة وقواها السياسية، وكان التيار الصدري يمثل الوجه الآخر المغاير لباقي التنظيمات، وبفوزه الكاسح وبعد التصريحات الحازمة التي أعلنها زعيم التيار مقتدى الصدر، التي أكد فيها سعي التيار لسحب السلاح من يد الفصائل، فإن باقي الفصائل إنما تتهيأ للتنبيه إلى أن ذلك ليس بالأمر السهل، ويمكن أن يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين كل الأطراف".
وحسب النتائج الأولية للانتخابات، فمن المتوقع تشكل تحالف سياسي بين التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف تقدم الذي يتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، يمكن له أن يؤمن له الأغلبية البرلمانية، وتاليا تشكيل حكومة دون أي مشاركة من القوى السياسية أو الفصائل المسلحة المقربة من إيران، بما في ذلك ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.