مع تزايد الحديث عن فقدان قطاعات واسعة من الشارع العراقي الثقة في العملية السياسية في بلادهم، والعزوف بالتالي عن المشاركة في الانتخابات وعدم التعويل عليها لتحسين أوضاعهم وتطوير واقعهم الحياتي نحو الأفضل، يرى مراقبون أن الدور الأممي الفاعل هذه المرة في مراقبة العملية الانتخابية ومواكبتها، ربما سيسهم ولحد بعيد في تبديد مخاوف المواطنين العراقيين المتعلقة بنزاهة الانتخابات، ما سيدفعهم للإقبال عليها.
وعن تفاصيل أعداد المراقبين وخاصة الدوليين منهم، وطبيعة مهمتهم، تقول جمانة الغلاي المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، في حديث مع موقع سكاي نيوز عربية: "سيشارك أكثر من 1500 مراقب دولي، فضلا عن قرابة 150 ألف مراقب محلي، في مراقبة الاقتراع، إلى جانب نحو نصف مليون مراقب، من وكلاء الأحزاب السياسية المختلفة المتنافسة".
وتتابع المتحدثة باسم المفوضية: "المراقبون المحليون والدوليون، مهمتهم ستكون متابعة العملية الانتخابية ومراقبتها بكل حيادية وشفافية".
من طرفه يرى الدكتور رائد العزاوي، رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية" أن "هذه الانتخابات مهمة ومفصلية في تاريخ العراق، خاصة وأنها تنظم وفق قانون انتخابي جديد، يحفظ للناخب العراقي صوته، بعد أن كان خلال الدورات الانتخابية الماضية بمخرجاتها، يذهب صوته سدى في دوامة الكتل والقوائم الانتخابية".
الأمر المهم الآخر في هذه الدورة الانتخابية، كما يوضح الأستاذ الجامعي العراقي: "هو العدد الكبير من المراقبين الدوليين والعرب، من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، فضلا عن مجموعة كبيرة من الصحفيين والإعلاميين، خاصة العرب منهم، وهؤلاء الإعلاميين لهم دور مهم جدا، لا يقل أهمية عن دور المراقبين، فهم وفق القانون الدولي جزء لا يتجزأ من عملية المراقبة للانتخابات".
ويضيف العزاوي: "هذا الكم من المراقبين بالتأكيد، سيدفع لكثير من الناخبين العراقيين الذين عزفوا سابقا عن المشاركة، للإقبال بحماس على التصويت بكثافة وقوة، ما يعيد الثقة بالعملية الانتخابية التي لطالما كانت مهزوزة طيلة الدورات السابقة".
وما عزز أكثر الحضور والحماسة الأمميين، بحسب رئيس مركز الأمصار للدراسات: "هو موقف رئاسة الحكومة العراقية الحالية، التي نأت بنفسها عن الترشح في الانتخابات، ما أعطى انطباعا بأن مؤسسات الدولة، لن توظف مقدراتها في العملية الانتخابية لصالح الطرف الحكومي، ما شجع الجهات الدولية على ارسال هذا العدد الكبير من المراقبين، للإسهام في انجاح الانتخابات العراقية وضمان شفافيتها وحسن سيرها".
ولا ننسى أن هناك قرار من قبل مجلس الأمن الدولي، بشأن مراقبة الانتخابات بالعراق، يردف العزاوي، متابعا: "وهو سيحترم بكل تأكيد وسيسهم في اعادة الثقة وتعزيزها بين المواطن العراقي والعملية الانتخابية، بما هي جزء أساسي من النظام الديمقراطي".
ويختم الأكاديمي العراقي: "هذا العدد الكبير من المراقبين عربيا وعالميا، سيشكل علامة فارقة في تاريخ العراق، وهذه الانتخابات البرلمانية المبكرة، ستؤسس ولا ريب لمئة سنة قادمة في العراق".
وكان مجلس الأمن الدولي قد قرر وبالإجماع، في نهاية شهر مايو الماضي، تمديد عمل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي"، لعام كامل وتوسيع نطاق اختصاصها والتفويض المعطى لها، ليشمل مراقبة الانتخابات العامة العراقية المقررة في 10 أكتوبر من العام الجاري، وذلك استجابة لطلب الحكومة العراقية.
وجاء في القرار رقم 2576، أنه تم تمديد عمل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي" حتى 27 مايو من عام 2022. وأن البعثة ستضم فريقا أمميا معززا وقويا، وطواقم إضافية قبل الانتخابات المقبلة في العراق، لمراقبة اليوم الانتخابي العراقي على أوسع نطاق جغرافي ممكن.