تتضافر المساعي الدولية في الوقت الراهن، من أجل اتمام الانتخابات البرلمانية الليبية في موعدها المقرر ديسمبر المقبل، كخطوة محورية في إقرار خارطة الطريق السياسية التي من شأنها دعم الاستقرار السياسي في البلاد.

وتقف عملية إخراج المرتزقة من الأراضي الليبية وكذلك حل المليشيات المسلحة حجر عثرة أمام أي جهود تستهدف الحل السياسي في البلاد، لذلك جددت القوى الدولية مطالبها بضرورة العمل على تجفيف مصادر تمويل الإرهاب في ليبيا.

وحذرت تقارير دولية من استمرار تقديم الدعم المادي واللوجستي للجماعات الإرهابية في ليبيا، مؤكدة أنه يقوض عملية الحل السياسي وينسف جميع الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار، ويدفع البلاد نحو هوة حرب جديدة.

مصادر التمويل

وترسم معلومات حصلت عليها سكاي نيوز عربية من عدة مصادر أمنية وعسكرية ليبية خريطة مفصلة حول أهم التنظيمات المسلحة في ليبيا، ومصادر تمويلها باعتبارها تمثل الخطر الأبرز أمام جهود الإصلاح.

وتتنوع مصادر تمويل الإرهاب، ما بين الاستيلاء على المال العام عبر قيادات نافذة في عدة مناصب وجميعهم من قيادات جماعة الإخوان ممن سهلوا الاستيلاء على أموال الشعب لصالح التنظيمات الإرهابية، بحكم مناصبهم منذ عام 2011، كما تعتمد بعض المليشيات على التجارة غير المشروعة سواء في عمليات الاتجار بالبشر والهجرة أو السلاح.

وتأتي جماعة تطلق على نفسها اسم "أنصار الشريعة" والتي تأسست في 2012، ثم ضمت فيما بعد جماعات وتنظيمات إرهابية أخرى مثل، مجلس شورى ثوار بنغازي ومجلس شورى مجاهدي درنة ومجلس شورى ثوار أجدابيا وسرايا الدفاع عن بنغازي، واحدة من أهم وأخطر التنظيمات التي حصلت على تمويلات ميليارية من دول خارجية دعمت الحرب في ليبيا، وأيضا جراء استيلاء عدد من المسؤولين المتحالفين معها على المال العام ووضعه نحن سيطرتها.

أما تنظيم داعش ليبيا والذي نشأ في أكتوبر 2014، فقد حصل على أموال ضخمة جراء عمليات سرقة ونهب متلاحقة، أبرزها كان السطو على مصرف الصحاري والوحدة في مدينة بنغازي عام 2013، حيث تم سرقة نحو (53) مليون دينار ليبي، بالإضافة إلى (12) مليون دولار، ونحو (5) ملايين يورو، واستولى على طائرة حملت (62) مليون دينار ليبى و(15) مليون دولار لدعم المصارف في سرت ودخول السلاح إلى ليبيا، كذلك خطف رجال الأعمال وابتزازهم، فضلاً عن الدعم الذي كان يتلقاه من التنظيم الأم في سوريا والعراق، وفق ما أورده تقرير صادر عن مركز أوروبي لمكافحة الإرهاب.

وظهر مجلس شورى ثوار بن غازي في عام 2014، فيما رصدت تقارير دولية تهريب شحنات ضخمة من السلاح والذخيرة عن طريق البحر، ولا تزال تلك العمليات مستمرة رغم القرارات الدولية بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا.

أما مجلس شورى مجاهدي درنة، فيستمد تمويله عن طريق الدعم الخارجي المباشر من تنظيمي "داعش والقاعدة".

وفي سياق متصل، كشف مسؤول بارز سابق في وكالة الاستخبارات الأميركية "CIA" عن الدور الذي لعبه محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، في إهدار المال العام، وإنفاقه على المليشيات عبر شبكة تنامت في السوق السوداء و"اقتصاد الظل".

وفي مقال لجريدة "واشنطن تايمز"، قال دانيال هوفمان، إن الفساد داخل النظام المالي الليبي لا يزال يمثل حجر عثرة رئيسية أمام مسار البلاد نحو مستقبل أكثر استقرارًا وأمانًا.

ويرى المحلل العسكري الليبي محمد الترهوني أن الحل السياسي في ليبيا سيبقى مرهون بالقدرة على مواجهة الميليشات الإرهابية والتنظيمات المسلحة والتصدي لها وحلها بشكل نهائي مع تجفيف مصادر تمويلها، وأيضاً إخراج كافة القوات المرتزقة خارج البلاد وفق ما تم الاتفاق عليه في كافة المحادثات الدولية التي جرت بشأن ليبيا.

وفي تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أكد الترهوني أن هناك قوة سياسية تعتبر المستفيد الأكبر من تأخير الحل السياسي في ليبيا هي تنظيم الإخوان، واعتبر أن "خالد المشري رئيس ما يسمى المجلس الأعلى للدولة يسعى إلى ذلك بشكل كبير، وتستهدف جميع تحركاته تعطيل الخارطة السياسية في البلاد والدفع بتأجيل الانتخابات لصالح الإخوان".