بالتزامن مع التحركات الدولية المكثفة لإخراج المرتزقة من ليبيا ورفض حالة الحرب التي صنعتها المليشيا المسلحة وعززتها بعض الأجندات على مدار أكثر من عقد ونصف، يبرز اسم الجماعة الليبية المقاتلة في تحذيرات مستمرة باعتبارها أخطر التنظيمات الإرهابية المتغلغلة في البلاد.
والأسبوع الماضي، اعتبرت دراسة صادرة عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، الجماعة التي يترأسها في الوقت الحالي الليبي عبد الحكيم بلحاج، من أخطر التنظيمات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط فيما يمتد خطرها لعدة دول أوروبية.
وفي تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، قال مدير المركز جاسم محمد إن الجماعة تمثل تحدياً كبيراً أمام أي محاولة لتفكيك الإرهاب لصالح تنفيذ خريطة المستقبل السياسي في الداخل الليبي.
ويقول محمد إن خطر هذه الجماعة قد امتد إلى عدة دول أوروبية ونفذ أعضاؤها عمليات دموية واسعة قبل سنوات، ومن ثم بدأت التحذيرات الأوروبية تتصاعد من جراء الخطر الذي تمثله الجماعة.
وصنفت الأجهزة الأمنية البريطانية "الجماعة الليبية المقاتلة" في عام 2005 كجماعة إرهابية، واصفة إياها بأنها تسعى إلى إقامة "دولة إسلاموية متشددة" على الأراضي البريطانية، وأنها جزء من حركة إسلاموية متشددة مستوحاة من أفكار تنظيم القاعدة الإرهابي.
وعلى الرغم من حل "الجماعة الليبية المقاتلة" في عام 2010، فإن قادتها الرئيسيين كانوا لازالوا نشيطين في أوروبا.
من هي الجماعة الليبية المقاتلة؟
وتأسست الجماعة في عام 1982 على يد علي العشيبي تحت اسم "شباب الجهاد" قبل أن تلاحقها السلطات الليبية، ولكن بعد اندلاع ثورة فبراير عام 2011 كانت لقيادات "المقاتلة" دور كبير بدعم من أنظمة ومخابرات للاستيلاء مناطق متفرقة في ليبيا.
وبرز عبدالحكيم بلحاج زعيم الجماعة المقاتلة كمتحدث باسم "الثوار"، ويظهر التنظيم تحت مسمى جديد هو "المجلس العسكري لطرابلس" وبعد سنة تخلى عنه ليظهر في زي السياسي زعيماً لحزب "الوطن".
ومن أبرز قاداتها، الذين ظهروا بالمظهر السياسي إسماعيل الصلابي في بنغازي شقيق علي الصلابي المنظر الأول للجماعة والمقيم خارج ليبيا، وسالم دربي آمر كتيبة بوسليم في درنة، وعلي التير رئيس اللجنة الأمنية في سرت وغيرهم، محمد بوسدرة، الذي كان عضوا بالمؤتمر الوطني العام.
ولم تفلح الجماعة الإرهابية في حصد أي مقاعد في الانتخابات البرلمانية الليبية عام 2012، لذلك لجأت للحليف الأقرب الممثل في البرلمان وهي جماعة الإخوان وعقدت تحالفاً سياسياً معها.
ما الدور الذي تلعبه في ليبيا؟
وفق المحلل العسكري الليبي محمد الترهوني، فقد نجحت الجماعة الليبية المقاتلة في تصدير فكرة المجتمع الدولي بأن الحركة الإرهابية الوحيدة الموجودة في ليبيا وتمثل خطرا هي تنظيم "داعش"، ولكن الواقع يقول إن الجرائم التي مارستها هذه الجماعة تتجاوز ما قام به داعش.
وفي تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، يشير الترهوني إلى عدة تنظيمات أخرى لعبت أدوارا هامة في صناعة الإرهاب وتجارة الحرب منها، تنظيم بوسليم الموجود في درنة، ويتبع تنظيم القاعدة، وأنصار الشريعة وأيضا ينتمي لتنظيم القاعدة، وما يسمى بالدروع، وهي مليشيات مسلحة أيضاً، منتشرة في عدة مناطق، مشيراً إلى أن تنظيم القاعدة كان ينشط بشكل كبير في الجنوب الليبي.
ويوضح الترهوني أن تنظيم القاعدة ينشط بشكل كبير جداً بعد الجهود الأمنية التي استهدفت داعش ونجحت في محاصرته، وأبرز قيادات القاعدة في ليبيا في طرابلس عبد الحكيم بلحاج الرأس الأكبر، ومعه محمد الساعدي.
ما آليات التصدي؟
وفق الترهوني تنشط الجماعة بشكل كبير في الوقت الحالي في مناطق الغرب الليبي، ولكنها فقدت السيطرة الكاملة على الكثير من مصادر تمويلهم والمراكز التي ظلوا يسيطرون عليها لسنوات.
ويشير الترهوني إلى أن الخطر المحتدم الذي تمثله الجماعة بات يهدد دول الجوار، وهناك تحركات كثيرة تهدد الداخل التونسي، مشيرا إلى أن الجزائر ومصر أيضا في خطر، وهو ما يؤكد على ضرورة التحرك السريع داخلياً ودولياً لمجابهة هذا الخطر.
ويحذر من خطر وصول عناصر الجماعة للبرلمان بعد أن خلعوا ثوب الإرهاب ولبسوا ثوب السياسة، مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية وهو ما يعني أن هناك سيناريو لما حدث في أفغانستان مرشحا للحدوث في ليبيا من خلال هذه الجماعة.