بعد شهر على الانتخابات العامة التي نظمت في المغرب، تم الخميس الكشف عن تشكيلة الحكومة الجديدة التي أدت القسم أمام عاهل البلاد الملك محمد السادس، لتباشر مهامها خلفا للحكومة التي كان يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي مني بهزيمة مدوية في الاستحقاقات.
وتضم الحكومة الجديدة المكونة من تحالف لثلاثة أحزاب، 28 وزيرا بينهم 7 نساء، بما يمثل ثلث الوزراء. ومن المرتقب أن يتم رفع التمثيلية النسائية مع تعيين كتاب الدولة لاحقا.
وقد حازت النساء على حقائب وزارية استراتيجية في الحكومة الجديدة، بينها حقيبة الاقتصاد والمالية التي يتم إسنادها، لأول مرة في تاريخ المغرب، لسيدة.
وتشمل الحقائب الست المتبقية الصحة والإسكان والسياحة والطاقة والأسرة وإصلاح الإدارة.
وكانت الحكومة السابقة بقيادة العدالة والتنمية تضم أربع وزيرات، بعد التعديل الحكومي الذي أجري عام 2019، والذي قلص التمثيلية النسائية إلى النصف.
واللافت في تشكيلة حكومة الاتلاف الثلاثي، الذي يضم أحزاب التجمع الوطني للأحرار (ليبرالي) والأصالة والمعاصرة (وسط اليسار) والاستقلال (اليمين المعتدل)، أن معظم النساء حصلن على حقائب وزراية، عكس الحكومات السابقة حيث عادة ما كانت النساء تتقلدن منصب وزيرات منتدبات أو كاتبات للدولة.
وفي تعليقه على التشكيلة الجديدة، يرى عبد الحميد بنخطاب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أكدال بالرباط، أن إسناد حقائب وزارية استراتيجية للنساء، يعكس الإرادة السياسية الحالية لتمكينهن من مشاركة فعالة وحقيقية في الجهاز التنفيذي المغربي وليس فقط لتأثيث المشهد.
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أكد الأستاذ الجامعي أن الحكومة الجديدة برئاسة عزيز أخنوش، عرفت طفرة نوعية على مستوى الثقة في الكفاءات النسائية، خاصة مع إسناد وزارة الاقتصاد والمالية لإمرأة، وهي سابقة في تاريخ الحكومات المغربية.
ويرى المتحدث أن النساء اللواتي تم اختيارهن لتولي المناصب الحكومية يتميزن بكفاءة عالية.
وتنتمي الوزيرات السبع لمجالات مختلفة بينها الطب والمحاماة والطاقة وأنظمة المعلوميات. وبين الوزيرات الجديدات، الوزيرة السابقة للسياحة التي ستتولى وزارة الاقتصاد.
تاريخ المشاركة الحكومية
وقد كان على النساء المغربيات الانتظار 44 سنة قبل أن يبصمن على أول مشاركة حكومية. فقد جاءت كل الحكومات بصيغة المذكر، منذ أول تشكيلة وزارية بقيادة مبارك البكاي عام 1955 وإلى غاية الحكومة التي قادها عبد اللطيف الفيلالي عام 1997 والتي شهدت، لأول مرة تعيين نساء على رأس 4 وزارات.
وقد شهدت نسبة المشاركة النسائية في الحكومات المتعاقبة مدا وجزرا. غير أن الحكومة الأولى للإسلاميين (2011) شهدت تراجعا كبيرا بتعيين سيدة واحدة على رأس وزارة الأسرة.
ولكن عندما خضعت الحكومة لتعديل وزاري إثر انسحاب حزب الاستقلال من الائتلاف الحكومي، وتعويضه بحزب التجمع الوطني للأحرار، في أكتوبر 2013، عادت حصة النساء في الحكومة لترتفع إلى 5 وزيرات.
هذا وقد استقبلت الحركة النسائية بنوع من الرضا، تعيين 7 نسوة على رأس وزارات مهمة في التشكيلة الحكومية الجديدة.
وفي هذا السياق، أكدت خديجة الرباح المنسقة الوطنية للحركة من أجل ديمقراطية المناصفة أن التواجد الكمي والكيفي، الذي استبعد المرأة من الحقائب التقليدية، يرضي مطالب الحركة النسائية.
وفي حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية"، تؤكد الفاعلة الجمعوية أن التفكير في وضع النساء لتسيير الشأن الاقتصادي للبلاد ومنحهن حقائب استراتيجية يؤكد أن هناك استماعا لمطالب الحركات النسائية وعلى رأسها تمكين النساء.
الطريق نحو المناصفة
وتعتبر خديجة الرباح أن منح النساء أكثر من التلث في الحكومة المقبلة يعني أن الطريق بات معبدا أمام تحقيق المناصفة، معبرة عن أملها في أن تتم ترجمة هذا التقدم على مستوى منح رئاسة البرلمان المقبل لسيدة.
في المقابل، تؤكد المنسقة الوطنية للحركة من أجل ديمقراطية المناصفة، أن الحركة كانت تتمنى أن تشهد انبثاق حكومة تعنى بشؤون المناصفة، وهو المطلب الذي تم رفعه منذ مدة.
وينص قانون الانتخابات المغربي على تخصيص ثلث أعضاء البرلمان للنساء في إطار نظام التمييز الإيجابي، الذي يشتغل به المغرب منذ عقد من الزمن.
وقد بدأت أصوات تتعالى من أجل إعادة النظر في هذه الآلية المؤقتة والبحث عن سبل أخرى لتعزيز تواجد المرأة في الساحة السياسية.
وكانت ثلاث سيدات قد انتخبن لعمودية العواصم الثلاث للمغرب، وهي الرباط العاصمة الإدارية والدار البيضاء العاصمة الاقتصادية ومراكش العاصمة السياحية.