مع اقتراب موعد اليوم الانتخابي الكبير، ترتفع الأصوات المطالبة بزيادة عدد المقاعد المخصصة للمسيحيين في مجلس النواب العراقي، البالغة 5 مقاعد من أصل 329، وسط تذمر من أن نظام الكوتا لا يوفر تمثيلا متوازنا وحقيقيا لهم تحت قبة البرلمان.

ويرى البرلماني المسيحي السابق المرشح الحالي للانتخابات جوزيف صليوا، أن "الكوتا المسيحية تتعرض للأسف لانتهاكات كبيرة من قبل بعض الأحزاب الكبيرة، خاصة الكردية والشيعية، وهذه الكوتا بالأساس عدد مقاعدها قليل جدا وغير منصف، ولا بد من إعادة النظر فيه".

وحسب حديث صليوا مع موقع "سكاي نيوز عربية"، فإنه "لا بد من وقف تدخلات الجهات غير المسيحية، فهناك بعض المرشحين من المكون المسيحي التابعين للقوى الكردية والشيعية، التي تقوم بالترغيب والترهيب في صفوف المواطنين المسيحيين وغير المسيحيين طبعا".

ويضيف: "يتم شراء الذمم والأصوات وتوزيع الأموال والسلاح والسيارات في سبيل تعزيز الحظوظ الانتخابية للكتل المتنفذة الكبيرة، وهذه الممارسات تمثل بالطبع خرقا واضحا لقواعد اللعبة الديمقراطية، وتؤثر سلبا في دور المسيحيين السياسي والبرلماني".

أخبار ذات صلة

انتخابات العراق.. إقبال كبير خلال "التصويت الخاص"
انتخابات العراق.. مراكز الاقتراع تفتح أبوابها للتصويت الخاص

وكان الرئيس العراقي برهم صالح قد تعهد قبل أيام، بأن تبذل السلطات ما في وسعها من أجل ضمان نزاهة الانتخابات، التي انطلقت الجمعة بالتصويت الخاص لقوات الأمن والنازحين والسجناء، قبل يومين من الموعد المقرر للتصويت العادي.

ويردف المرشح عن حزب اتحاد بيت نهرين الوطني: "رغم إحباط العراقيين عامة ومن ضمنهم المسيحيين من الوضع العام في البلاد وخشيتهم من عودة نفس الوجوه والقوى في هذه الانتخابات، خاصة على صعيد ممثلي مقاعد كوتا المسيحيين ممن لا يعبرون عن نبض الشارع المسيحي الآشوري الكلداني السرياني، فإننا كمسيحيين سنشارك رغم كل المضايقات والصعاب ومحاولات فرض مرشحين علينا".

ويردف صليوا: "لا بد على الأقل من رفع عدد مقاعدنا البرلمانية إلى 10، فحين تم إقرار هذه الكوتا كانت مجحفة كون معدل الاحتساب هو أنه لكل 100 ألف نسمة مقعد برلماني، وكان عدد المسيحيين في العراق آنذاك أكثر من مليون ونصف، وحتى وفق المبادئ الحقوقية فإن الديمقراطية ليست عددية فقط، خاصة في بلد تعددي كالعراق. يجب أن تكون توافقية ويؤخذ في الاعتبار العمق التاريخي للمسيحيين في هذه الأرض، فهم سكانها الأصليون وبنوا حضارات عظيمة فيها، لكنهم الآن تحولوا لأقلية" بعد انتهاكات تنظيم داعش خلال الفترة التي سيطر فيها على مساحات كبيرة من العراق.

الانتخابات العراقية.. آلية اختيار رئيس الجمهورية

من جهة أخرى، يقول المرشح عن الحزب الوطني الآشوري عمانوئيل خوشابا، إن "الحديث عن مستقبل المسيحيين في العراق ذو شجون، فبعد أن كنا نعادل نسبة 10 بالمئة من السكان، باتت نسبتنا بالكاد تبلغ 2 بالمئة، بسبب انتهاكات الدواعش ضدنا، وما تبعها من هجرة واسعة من البلاد، وحتى قبل ظهور تنظيم داعش الإرهابي، لا سيما مع الأحداث التي رافقت الحرب الطائفية بعد سقوط نظام صدام حسين، والاستهدافات المنظمة للمسيحيين، مما خلق حالة من عدم الثقة بالمستقبل في هذا البلد لدى هذه الفئة، التي بادرت بنسب عالية جدا إلى الخروج من العراق".

وأضاف خوشابا لموقع "سكاي نيوز عربية": "نحن جزء أصيل من بلاد ما بين النهرين التي بناها أجدادنا وأعطوها تسميتها وكل ما تحمله من عمق حضاري إنساني وتاريخي، لكن الآن مع الأسف نسبة التفاعل المسيحي مع مجمل العملية السياسية والانتخابات هزيلة بسبب التهميش الذي نتعرض له، واستحواذ الكتل السياسية الكبرى على قرار شعبنا ومصادرته، والهيمنة على مختلف مقدرات البلاد ومؤسساتها".

ويردف القيادي المسيحي العراقي: "الكوتا بلا جدوى ما لم تكن هناك قناعة لدى الكتل السياسية الكبرى بوقف الاستهدافات تجاه المجتمع المسيحي، ليس فقط عبر الاستحواذ على الأراضي في المناطق المسيحية ومصادرة حقوق المسيحيين، بل ومن خلال صناعة شخوص من قبلها وتصويرهم كممثلين للمسيحيين، في حين أن أولئك وتحت إغراءات المال والسلطة يندرجون في سياق خدمة أجندات تلك القوى ولا يعبرون عن المسيحيين ومطالبهم ومظالمهم".

العراق.. التحديات الأمنية تهدد انتظام المسار السياسي

"التصويت على الكوتا المسيحية لا يقتصر على الناخبين المسيحيين، بل يحق لكل الناخبين العراقيين التصويت على مرشحيها، ولا مشكلة من حيث المبدأ في ذلك" كما يقول المرشح، لكن "وجه الخلل هو أن الكتل الكبيرة غير المسيحية الكردية والشيعية والسنية، لكل منها مرشحوها المسيحيون، وبحكم كونها تملك قواعد انتخابية كبيرة فإنها بداهة تتمكن من إيصال مرشحيها لشغل مقاعد الكوتا المسيحية".

ويضيف خوشابا: "سعينا لتعديل نظام الكوتا وجعل التصويت عليها مقتصرا على الناخب المسيحي لكن من دون جدوى، وحتى الأمم المتحدة رفضت مقترحنا هذا، مؤكدة أنه لا يمكن تقسيم الانتخابات طائفيا ودينيا، ولا يمكن وجود أكثر من صندوق انتخابي واحد للعراق كله".

ورغم عدم وجود إحصاءات دقيقة لعدد المسيحيين في العراق حاليا، فإن مصادر ترجح أنهم يتراوحون بين ربع مليون إلى 300 ألف شخص، من أصل قرابة مليوني مسيحي تناقصت أعدادهم تدريجيا على مدى العقدين الماضيين.

ووفق قانون الانتخابات العراقي في الفصل الرابع والمادة 13 منه، فإن البرلمان يتكون من 329 نائبا، يتم توزيعهم على 320 مقعدا على مختلف محافظات العراق، و9 مقاعد كوتا يخصص منها 5 للمكون المسيحي، في محافظات بغداد ونينوى وكركوك ودهوك وأربيل.