أفسح قانون انتخاب مجلس النواب الليبي الجديد المجال لترشح الأحزاب السياسية، إلا أن أمورا تتعلق بحداثة التجربة الحزبية في البلاد، وبالتقاليد القبلية، طرحت تساؤلا عن فرص الأحزاب في مقاعد البرلمان القادم.
وعقب إقرار مجلس النواب لقانون الانتخابات التشريعية، الاثنين الماضي، قال المتحدث باسم المجلس عبد الله بليحق، في مؤتمر صحفي، إنه بحسب القانون، لن يحظر مشاركة الأحزاب، لكن بشرط اتباع النظام الفردي وليس القائمة.
واختلف خبراء في الشأن الليبي خلال حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية" حول مستقبل الأحزاب في الانتخابات المقررة في ديسمبر المقبل، ما بين من اعتبرها تجربة جديرة بالاستمرار، ومن رآها مخالفة للطبيعة القبلية للبلاد.
يقول الباحث السياسي الهادي عبد الكريم، إن الأحزاب "لن تنجح في المجتمع ذي الطابع القبلي، ولذا فأغلبها لا تمتلك قاعدة شعبية، وإلا لكانت دعت إلى إقرار نظام القائمة".
ويشرح عبد الكريم أن الأحزاب تعتمد على مبدأ المواطنة، بمعنى أن مواطني الدولة متساوون، وتجمعهم في الحزب أفكار سياسية واحدة، لكن الأمر لا يمكن إسقاطه على الوضع الليبي حيث لا يمكن لأبناء القبائل ممارسة نشاط سياسي مع آخرين قد يكونوا في خصومة تاريخية معهم، ولذا لا يمكن وجود إطار سياسي يجمع أطراف تبعدهم خلافات قبلية.
ونصت المادة (18) من قانون الانتخابات على أن يعتمد النظام الانتخابي الفردي في انتخاب أعضاء مجلس النواب وفقا لنظام الصوت الواحد غير المتحول.
شروط النجاح
ويختلف أستاذ العلوم السياسية بجامعة بنغازي زاهي المغيربي مع الرأي السابق، ويرى أن "الأحزاب مناسبة للمجتمع الليبي، ولكن إذا ما أخذ في الاعتبار ضوابط مثل عدم إقامتها على أسس قبلية وجهوية وفئوية وطائفية وعرقية، وأن تعكس برامجها أبعادا وطنية".
لكن ماذا عن محاولة التيار الديني المتطرف استخدام الأحزاب لتمرير أجندته؟
يرى أستاذ العلوم السياسية أن المجتمع الليبي يتسم برفض الغلو في تفسير المعتقدات الدينية وفرضها، وحتى في اللحظات القليلة التي تبرز فيها تلك المعتقدات، تُرفض على المستوى الشعبي.
أسس نشأة الأحزاب
وبحسب أستاذ العلوم السياسية الليبي محمود خلف، فالأحزاب التي ظهرت منذ 2011 "جوفاء، وخالية من المضمون"، مشيرا إلى اتهام بعض الشخصيات التي أسستها بسرقة المال العام.
وتابع: "تجربة الأحزاب تتولد من التاريخ الاجتماعي السياسي النضالي؛ وتجسد الظروف التي فرضها الصراع الطبقي الاجتماعي والسياسي من أجل الأهداف القومية والتحرر الوطني، وليست نتيجة تكدُّس الأموال المنهوبة والبحث عن الحكم فقط".
ويتوقع خلف أن يرفض الليبيون الوجوه الحزبية في الانتخابات التي ينتظر أن تسفر عن ظهور الشخصيات الوطنية "المشرفة".
واعتمدت لجنة شؤون الأحزاب بوزارة العدل، أغسطس، 8 أحزاب من بين 13.
ووفق تصريحات صحفية لرئيس مصلحة الأحوال المدنية وعضو اللجنة محمد بالتمر، تم اعتماد: تكتل إحياء ليبيا، تجمع معا لأجل ليبيا، والحزب الوطني الليبي، وليبيا للجميع، ونداء القرضابية، والحركة الوطنية الليبية، وصوت الشعب، وتجمع تكنوقراط ليبيا.
وقد تم رفض الآخرين لتخلف بعض الشروط، وهم: ليبيا الوطن، حزب القمة، تيار يا بلادي، وحزب الجموع، والتجمع الوطني الحر.