قبل ساعات من إجراء الانتخابات البرلمانية العراقية العامة، ما يزال الوضع السياسي والأمني في دائرة منطقة سنجار شمال غربي محافظة نينوى "الموصل" شديد التوتر، حيث تتبادل مُختلف الأحزاب المُتنافسة الاتهامات بشأن منع مُرشحي الأحزاب من مزاولة الدعاية الانتخابية، وفرض شروط خاصة على العملية الانتخابية بقوة السلاح.

أخبار ذات صلة

انتخابات العراق 2021

فتلك المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية في المثلث الحدودي العراقي السوري التركي، مُسيطر عليها من قِبل مزيج من التنظيمات المُسلحة، وليست خاضعة فعلياً لسيطرة القوات النظامية العراقية، سواء الجيش أو الأجهزة الأمنية.

وكانت اللجنة العُليا للانتخابات في الحزب الديمقراطي الكُردستاني قد أصدرت بياناً خاصاً بشأن منع مُرشحيه من الوصول إلى تلك المنطقة، متهماً أحزاباً وقوى عسكرية "غير عراقية"، بمنع مُرشحيه بـ"قوة السلاح" من الوصول وتنظيم مؤتمر انتخابية خاص بالحزب في تلك المنطقة.

سكاي نيوز عربية.. تغطية خاصة للانتخابات النيابية العراقية

 

نازح إيزيدي.. حين يتحول الوطن إلى مخيم.

اتهامات الحزب الديمقراطي الكُردستاني كانت موجهة لفصائل مُسلحة مُرتبطة بحزب العُمال الكُردستاني PKK، الذي يُسيطر فعلياً على تلك المنطقة ذات الأغلبية السُكانية من أبناء الديانة الايزيدية، والمتحالف مع فصائل من الحشد الشعبي العراقي، المُقربة من إيران.

وكان حزب العُمال الكُردستاني قد أرسل المئات من مُقاتليه إلى تلك المنطقة اعتباراً من أواسط العام 2014، بعد أن غزا تنظيم داعش الإرهابي تلك المنطقة، ونفذوا مجزرة كُبرى بأبناء الديانة الايزيدية هناك. لكن بعد تحرير تلك المناطق في العام 2017، فإن مقاتلي العُمال الكُردستاني رفضوا مغادرة تلك المنطقة، مذكرين إن المقاتلين المرتبطين بها أنما هُم من السُكان المحليين، المتخوفين من تسلم المنطقة إلى الأجهزة الأمنية وقوى الجيش العراقي، خشية أن تعود التنظيمات المُتطرفة للسيطرة عليها من جديد. حيث لم تتمكن الحكومة المركزية وحكومة إقليم كُردستان العراق من إعادة سيطرتها على تلك المنطقة الحيوية، بالرغم من اتفاق أمني سياسي مُشترك بينهما بشأن الموضوع، منذ أكثر من عام.

أخبار ذات صلة

انتخابات العراق.. صراع حول منصب رئيس الجمهورية

 

ويعتبر المراقبون إن الانتخابات البرلمانية الحالية ذات أهمية كبيرة في تلك المنطقة، لأنها ستحدد الجهة ذات الشرعية المباشرة للتعبير عن تطلعات السُكان المحليين، كما يشرح الباحث همبار فواز في حديث مع سكاي نيوز عربية، وهو أحد السُكان المحليين من تلك المنطقة "ثمة ثنائية في الشرعية في تلك المنطقة منذ أكثر من أربعة سنوات.

ففي حين تُركز الحكومة المركزية ونظيرتها في إقليم كُردستان العراق على أنها السُلطة الشرعية الوحيدة المخولة بالحُكم دستورياً وقانونياً، فإن الفصائل المُسلحة تعتبر نفسها ممثلة عن السُكان المحليين، الذين تعرضوا لغبنٍ شديد، وأن الحكومة المركزية وحكومة إقليم كُردستان كانت مسؤولة عما لحق بالسُكان طوال أعوام كثيرة ماضية".

يُتابع فواز حديثه لسكاي نيوز عربية قائلاً "الانتخابات الحالية ستكون بمثابة امتحان مباشر للجهة الأكثر حظياً بالرضا الشعبي في تلك المنطقة، خصوصاً وأن النظام الانتخابي هذه المرة يجري عبر نمط الدائرة الصُغرى، أي أن الانتخابات ستُعبر عن المزاج العام وخيارات السُكان بالضبط، والفائز سيستند على تلك النتائج للتعبير عن شرعية سُلطته في تلك المنطقة".

تُعتبر سنجار منطقة شديدة الأهمية جغرافياً وعسكرياً، لأنها بمثابة المُفتاح للتواصل اللوجستي والأمني وحتى التجاري الاقتصادي بين الدول الثلاث، العراق سوريا وتُركيا، وهي لأجل ذلك محل صراع سياسي وعسكري على المستوى الإقليمي، خصوصاً تركيا وإيران، التي تدعم كُل منهما جهة سياسية وفصائل مُسلحة بعينها في تلك المنطقة.

وكانت المفوضية العُليا المُستقلة للانتخابات في العراق قد أعلنت في وقت سابق إن منطقة سنجار قد شهدت أقل إقبال للحصول على البطاقات الانتخابية على مستوى العراق، مذكرة أن عدم الحصول البطاقات البايومترية في تلك المنطقة أنما قد يحرم قرابة خمسين ألفاً من سكان تلك المنطقة من حق المشاركة في العملية الانتخابية.

وكانت الممثلة الأممية في العراق جينين هينيس بلاسخارت قد عبرت عن مخاوفها من تأثير الأوضاع الأمنية والصراعات الحزبية على إجراء الانتخابات البرلمانية في منطقة سنجار، التي سينتخب نصف سُكانها في مناطقهم، بينما سيصوت قرابة نُصف السُكان من داخل المُخيمات التي يقيمون فيها داخل إقليم كُردستان