جهود مكثفة للجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5" في جنيف لوضع اللمسات الأخيرة لخطة خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، وسط مناشدات بدعم دولي لقراراتها.
خبراء سياسيون أثنوا على جهود اللجنة في الفترة الأخيرة خاصة بعد فتح الطريق الساحلي، وأكدوا على أهمية إجراء الانتخابات بموعدها، إضافة للدعم الدولي واتفاق الدول المتداخلة بالأزمة الليبية لتنفيذ خطة خروج المرتزقة نهائيا من البلاد.
ويأتي اجتماع اللجنة في إطار الجهود التي تبذلها لإحراز تقدم في المسار الأمني الليبي بالتوازي مع الجهود الدولية المبذولة في سياق مؤتمر برلين حول ليبيا، وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 23 أكتوبر 2020 وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وجاء الاجتماع برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا التي أكدت أن مهمة اللجنة أكبر من جوانبها العسكرية والأمنية؛ كونها لها تأثير مباشر على مجمل التطورات في البلاد.
واللجنة العسكرية المشتركة "5 + 5" هي اللجنة التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر برلين حول ليبيا في 19 يناير 2020.
وبموجب الاتفاق تم اختيار خمسة عسكريين من قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، و5 عسكريين آخرين من الحكومة بطرابلس، لتثبيت وقف إطلاق النار في طرابلس وغربي ليبيا.
رسالة أممية
وفي كلمته الافتتاحية، قال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، يان كوبيش، إن "الجميع يدرك أيضًا أنكم إذا تمكنتم من التوافق والاتفاق على خطة العمل هذه، فإنكم تبعثون رسالة هامة".
وأوضح أن الرسالة "ليست فقط إلى القادة السياسيين والمؤسسات في الدولة، بل هي أيضا رسالة أمل لشعبكم بأنه يمكن إحراز تقدم، بما في ذلك المضي نحو الانتخابات التي يُتوقع أن تُحدث تغييراً في جميع مؤسسات وسلطات البلاد بناء على شرعية شعبية متينة".
وأكد على أن "الموضوع معقد"، وأنه "ليس مصدر قلق لليبيا فحسب، بل وأيضاً مبعث انشغال لدول المنطقة وللمجتمع الدولي".
وشدد على أن "الأمم المتحدة وشركاءها الدوليين يقفون على أهبة الاستعداد لدعمكم في هذا المسعى بكل ما أوتينا من قوة، بما في ذلك من خلال إرسال المراقبين الأمميين المعنيين بوقف إطلاق النار، الذين سيعملون تحت إشرافكم وبناءً على طلبكم لمراقبة عملية الانسحاب والتحقق منها".
وأشادت البعثة بروح الوطنية والالتزام التي أبداها أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة "5+5"، وحثتهم على اغتنام هذه الفرصة لوضع خطة العمل المطلوبة لانسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية.
انسحاب كامل
وتوقع الخبير الاستراتيجي الليبي، العميد محمد الرجباني، أن يتم التوافق على خطة خروج المقاتلين الأجانب من البلاد تدريجيا، ولكن بـ"شكل كامل" دون استثناء.
وأثنى الرجباني على ما حققته اللجنة حتى الآن فيما يتعلق بفتح الطريق الساحلي، ومؤخرا بالتفاهم حول ملف انسحاب المرتزقة، متوقعا انطلاق العملية بإشراف منها بشكل منظم خلال الأيام المقبلة.
ونهاية يوليو الماضي، أعلنت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5 +5"، إعادة فتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق ليبيا وغربها، بعد أكثر من عامين من إغلاقه.
ويرى الخبير الاستراتيجي أن الأمر سينعكس بشكل إيجابي على المسار السياسي في البلاد، وبالتحديد بالنسبة للانتخابات المقرر إجراؤها خلال أقل من ثلاثة أشهر، "لتعود البلاد إلى الليبيين" مجددا، حسب تعبيره.
إنهاء ملف المرتزقة
رئيس الهيئة العليا لتحالف القوى الوطنية الليبية، توفيق الشهيبي، قال إن تدخلات بعض الدول الخارجية تزيد من تعقيد الأزمة الليبية.
وأكد على أهمية الاجتماع كونه يعطي مزيدا من الزخم الدولي حول قرارات اللجنة ورؤيتها للمرحلة المقبلة.
وأشار إلى أنه بدون الدعم الدولي فإن الأمر يتجاوز بكثير قدرة لجنة "5+5".
ولفت إلى أن الولايات المتحدة ترغب في إنهاء ملف المرتزقة في ليبيا لتحجيم التدخل الأجنبي في ليبيا وإفريقيا بوجه عام.
وأكد على أن اتفاق الدول المتداخلة مع الأزمة الليبية ضروري لخروج المرتزقة "فالأمر ليس إرادة ليبية خالصة، وإن كانت بعض الأطراف الليبية تؤيد بقاءهم لمصالحهم الخاصة".
وعن حديث وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، منذ أيام عن خروج مجموعة من المقاتلين الأجانب، قال الشهيبي: "لم نعرف على الأرض من هم، وما جنسياتهم، وعددهم، ومن أين خرجوا؟"
وتابع: "المرحلة القادمة ستبين إمكانية خروج المرتزقة قبل عقد الانتخابات، وإن كنت أرى أن الانسحاب الكامل قبلها غير ممكن لظروف عديدة، ولكنه ممكن عقب إجرائها وتحديد شخصية الرئيس وتركيبة مجلس النواب هي من ستحسم أمر تلك القضية".
واتفق معه في الرأي المحلل السياسي الليبي، إبراهيم الفيتوري، بالتأكيد على أن جهود لجنة 5+5 إذ لم يتم تدعيمها بجهود دولية ودعم عالمي لن تجدي نفعا خاصة في ملف المرتزقة الذي تتحكم فيه بشكل كبير قوى خارجية.
خطة الخروج الكبير
وأضاف الفيتوري، في تصريح لسكاي نيوز عربية، أن فكرة التباحث مع أطراف ذات أيدولوجيات مختلفة وتوجهات مختلفة يتطلب تعاونا مكثفا وكبيرا حتى تستطيع حل المعادلة وإخراج كافة القوات الأجنبية.
وأشار الفيتوري إلى أن فكرة خروج كافة المرتزقة من ليبيا قبل الانتخابات قد تكون صعبة بعض الشيء، متوقعا أن تكون هذه الفترة حاسمة فقط للاستراتيجية التي بمقتضاها سيتم تنظيم "الخروج الكبير" للمرتزقة من البلاد.
ومنذ إعلان البعثة الأممية إلى ليبيا في 5 فبراير الماضي، تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة، عاد ملف المرتزقة الأجانب في ليبيا إلى واجهة الأحداث.
وفي الآونة الأخيرة، كثرت المطالبات الدولية بسحب تلك العناصر من ليبيا، واحترام خارطة الطريق الأممية التي ستقود البلاد إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في ديسمبر المقبل.
وتعهدت الولايات المتحدة ودول أخرى باستخدام نفوذها الدبلوماسي لدعم رحيل فوري للمرتزقة من البلد الذي يعاني من ويلات التدخل الأجنبي، غير أن تركيا التي تنشر آلاف المرتزقة في الأراضي الليبية لم تتحرك بشكل إيجابي في هذا الملف.