رغم إقرار البرلمان العراقي قانون لدعم ضحايا إرهاب تنظيم داعش منذ 7 أشهر إلا أن بنوده لم تطبق حتى اليوم، لذا طالبت الأمم المتحدة الحكومة العراقية تفعيل قانون دعم الناجيات من جرائم تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي وصفته باللحظة الفاصلة لمعالجة الأخطاء المرتكبة بحق الأقليات.

وطرحت ممثلة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع، باميلا باتن، 3 توصيات أساسية ترتكز على ضمان إصغاء الحكومة العراقية لأصوات الناجين والمجتمع المدني المتأثرين بممارسات التنظيم، مع إتاحة طلبات التعويض لجميع المستحقين وتسهيل عملية استلام الطلب بمساعدة منظمة أو التقدم بشكل شخصي أو التواصل إلكترونيا، إضافة إلى ضرورة تخصيص ميزانية للقانون كجزء من عملية إعادة الإعمار.

وفي ظل تدني المستوى الأمني بالمدن العراقية وتأخر رواتب بعض القطاعات وبطيء حركة إعادة إعمار المدن المتضررة من الحرب، يطرح السؤال نفسه هل تصبح الحكومة العراقية قادرة على تخصيص أموال لتعويض ضحايا الإرهاب؟

وأقر البرلمان العراقي بعد نحو عامين من طرحه قانون لتقديم الدعم للناجيات من النساء الإيزيديات والطوائف الإثنية والدينية الأخرى، التي استهدفهن عناصر التنظيم خلال فترة سيطرته على المدن العراقية ما بين عامي 2014 و2017.

وينص القانون على تخصيص إدارة للناجيات، يديرها مسؤول بدرجة مدير عام من المكون الإيزيدي، بهدف إعادة تأهيل الناجيات ودمجهن في المجتمع مرة أخرى بجانب إعادة إعمار المدن المتضررة، إضافة منحهن تعويضات مالية ومعنوية تتمثل في راتب وقطعة أرض مع الأولية في التوظيف.

كما خصصت الحكومة يوم الـ 3 من أغسطس من كل عام تاريخ احتلال داعش لقضاء سنجار، يوما وطنيا للتعريف بجرائم داعش في المحافل الدولية.

وأبدت وزارة العمل العراقية، قلقها من تعطل تنفيذ قانون دعم الإيزيديات، موضحة عجز حكومة بغداد عن مباشرة القانون لصعوبة توفير مخصصات لتنفيذه وكوادر بشرية من الإيزيدين لتطبيقه، حيث يتوزع أكثر من 65 بالمئة من الإيزيدين في مخيمات بإقليم كردستان، وحوالي 5 بالمئة في دول خارج العراق.

تفعيل القانون

يقول أستاذ الإعلام الدولي بالجامعة العراقية فاضل البدراني إن الحكومة العراقية نفذت جوانب إيجابية بشأن تفعيل بعض بنود قانون دعم ضحايا تنظيم داعش من الناجيات وأبنائهن، وتقديم تعويضات مالية ومنحهن الحق في التعليم والحصول على الوظائف.

ويوضح خلال تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن التوصيات الدولية بشأن توفير العدالة والإصغاء للجميع وتخصيص ميزانية لضحايا الإرهاب جاءت نتيجة تعثر شمول القانون جميع المتضررين من إرهاب داعش وحصولهم على الحقوق التي أقرها البرلمان العراقي، مشيرا إلى أن الأسباب تتعلق بالجانبين السياسي والاقتصادي.

وتعد الفوضى العارمة في المشهد السياسي وتأثير الأحزاب السلبي وتوغل الفساد بالدولة العراقية سبب رئيسي في تأخر تحقيق العدالة لجميع الناجين، حيث يزج البعض بأسماء عوائل وشخصيات كمستحقين للتعويضات وهم ليسوا ضحايا، بحسب تصريحات البدراني.

ويضيف: "الحكومة العراقية الآن أمام مشكلة اقتصادية كبيرة رغم وجود موارد مالية من مبيعات النفط تقدر بحوالي 6 مليارات دولار شهريا، إلا أن هبوط أسعار النفط في أي وقت يؤدي إلى إفلاس الدولة العراقية لاعتمادها على النفط فقط".

ويرى مراقبون استمرار معاناة العراق من أزمات الفساد المالي والإداري التي تهدر أموال طائلة، نظرا لتفشي نظام المحصاصة داخل النظام السياسي العراقي بعد عام 2003 وعدم تفعيل الرقابة على السياسيين والأحزاب وأنشطتهم المالية وسيطرة المليشيات المسلحة على بعض الأحزاب، إضافة إلى غياب آلية إعادة الأموال العراقية المهربة للخارج التي تقدر بأكثر من 350 مليار دولار ومحاسبة المسؤولين المتهمين بقضايا فساد تصل إلى مليارات الدولارات.

أخبار ذات صلة

شهادات من أبنائها.. نافذة من واقع الجاليات العربية بالعراق
في ذكرى تحريرها.. "خلوها أجمل" ترمم ذكريات الموصل
بين الحروب وكورونا.. الاكتئاب يفترس نفسية العراقيين
فيديو.. نازحة بسبب داعش تحصد لقب ملكة جمال العراق

دعم دولي

ارتكب داعش بحق أهالي سنجار ذات الأغلبية الإيزيدية، جرائم تسببت في نزوح أكثر من 350 ألف شخص لمخيمات شمالي العراق، عاد منهم 100 ألف نازح، كما تعرضت أكثر من 6500 فتاة وطفل للاختطاف، مع بقاء 2800 امرأة وطفل في عداد المفقودين رغم مرور 7 سنوات على تحرير سنجار.

وتسند الأمم المتحدة مهمة متابعة ورصد تنفيذ قانون تعويضات ضحايا الإرهاب، إلى هيئة مستقلة مكونة من خبراء حقوق إنسان عن أي منظمة وحكومة تخصص لمهمة مراقبة أوضاع معينة في بدان محددة أو متابعة وضع حقوق الإنسان على مستوى العالم كله. 

ويشدد البدراني على دور المجتمع الدولي لدعم العراق في تنفيذ القانون، وتخصيص ميزانية وصندوق لدعم ضحايا الإرهاب برعاية الأمم المتحدة، خاصة وأن العراقيين أكثر الشعوب التي عانت من ممارسات التنظيم طوال فترة احتلاله للبلاد.