في خطوة قد تشكل مزيداً من الضغط على التحالف الحاكم لتركيا في الأوساط الدولية، ولحزب العدالة والتنمية تحديداً، يستعد مجلس النواب الأميركي لتصنيف منظمة "الذئاب الرمادية" التركية اليمينية  كجماعة إرهابية، إسوة بالعديد من الدول الأوربية، التي حظرت هذه المنظمة وصنفتها كجماعة إرهابية في فترات سابقة من هذا العام.

وبحسب التعديلات الأخيرة التي أقرها مجلس النواب الأميركي على قانون "تفويض الدفاع الوطني"، فإن وزارة الخارجية الأميركية مُجبرة، حاليا، على إيفاد مجلس النواب بتقرير تفصيلي حول منظمة "الذئاب الرمادية"، في مُدة لا تتجاوز الستة أشهر.

وتستوجب التعديلات أيضا أن تُبين الوزارة من خلال تقريرها ما إذا كانت هذه المنظمة وأنشطتها تمس مصالح الولايات المُتحدة وشركائها الدوليين، فضلا عن إيضاح ما إذا كانت تحقق الشروط الموضوعية للمنظمات الإرهابية أم لا، وفي حال كان التقرير المُقدم ينفي ذلك، فعليه أن يوضح أسباب ذلك ويقنع المجلس بمضامينه.

ألمانيا تتهم "الذئاب الرمادية التركية" بنشر العنصرية

 

التعديل الذي أقره مجلس النواب الأميركي سيُرسل لمجلس الشيوخ ومنه إلى الإدارة الأميركية، وبذلك ستكون الأرضية مُجهزة تماماً لإمكانية تصنيف أكبر منظمة قومية تركية كجهة إرهابية في التشريعات الأميركية، هي وكُل الفروع والتنظيمات والهيئات المنبثقة عنها، تنظيماً وفكراً وسلوكاً، أياً كانت تسميتها.

وحسب هذا فإن "قانون التفويض الوطني" للعام القادم 2022، سيفرض على المؤسسات الدفاعية والأمنية الأميركية ما يجب أن تتصرف به عسكرياً وأمنياً على مستوى العالم مع هذه المنظمة ورعاتها والجهات الممولة والمدافعة عنها.

سجل طويل

ومنظمة "الذئاب الرمادية" القومية التركية كانت قد تأسست منذ سبعينات القرن الماضي، كجناح عسكري "عصاباتي" لحزب الحركة القومية اليمينية التركية MHP، واتهمت بممارسة الآلاف من عمليات التصفية الجسدية بحق أعضاء الحركات والأحزاب اليسارية والكُردية في تُركيا، بتواطؤ وموافقة ضمنية من أجهزة الأمن والجناح العسكري من السلطة. لكن المنظمة بدأت بالتقلص منذ أوائل التسعينات.

منذ العام 2016 صارت المنظمة تستعيد نشاطها في العديد من دول العالم، بالذات في القارة الأوربية، في أوساط الجالية التركية والآسيوية. وكانت تركز نشاطها على خلق حملات تحشيد وتأييد للرئيس أردوغان، وخلق حملات عنف ومتابعة بحق معارضيه السياسيين، التي وصلت في أكثر من حالة للعنف وخطف المعارضين.

تركيا.. "الذئاب الرمادية"

 

الناشط والباحث، فرات دينيز، شرح في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، كيف أن توسع نشاطات المنظمة التركية قد ترافق مع بدء تحالف حزب العدالة والتنمية مع الحركة القومية التركية منذ العام 2015، ومع زيادة مستويات التدخل التركي في الشؤون الإقليمية والدولية.

وتابع دينيز"في كُل تفصيل من ردود فعل الحكومة التركية على قرارات الدول الأخرى ضد حركة الذئاب الرمادية، يقال إن المنظمة جناح سري عسكري وخارجي، للتحالف الحاكم لتركيا، وليس للحركة القومية المتطرفة فحسب. حدث ذلك حينما حظرت فرنسا المنظمة داخل أراضيها، وتكرر الأمر حينما فعلت النمسا الأمر نفسه، فدائماً تتصرف الحكومة التركية بطريقة توحي بأنها مستهدفة من خلال القرارات التي تصدر ضد المنظمة".

أخبار ذات صلة

أوروبا تصنف منظمة تركية "إرهابية".. وتضع أنقرة بمرمى النيران

يضيف دينيز في حديثه مع "سكاي نيوز عربية"، "تختبئ المنظمة في شبكة واسعة من منظمات المجتمع المدني والشركات الاقتصادية والمراكز البحثية والمجموعات الشبابية، لكنها فعلياً تسعى إلى تنظيم وتجهيز مئات الشُبان في كُل مدينة أو منطقة، وتسليحهم عقائدياً وتسليحياً، لتنفيذ أجندات أمنية وسياسية وجنائية سرية ومنظمة، بتوجيهات من قيادتها العليا في تركيا. وقد تضخم عملها بعد الانقلاب المزعوم في العام 2016، بحيث صارت المنظمة تخوض حرباً ضد معارضي الحزب الحاكم، حتى داخل الولايات المُتحدة، حيث ينتشر مؤيدو الداعية فتح الله كولن، أبرز معارضي أردوغان".

اتهامات بالضغط

الأجهزة الإعلامية والسياسية المرتبطة بحزب العدالة والتنمية الحاكم اتهمت اللجنة الوطنية الأرمنية الأميركية بالقيام بحملة ضغط دفعت مجلس النواب الأميركي للقيام بمثل هذا التعديل على قانون التفويض الوطني.

المنظمة الأرمنية - الأميركية، وهي مجموعة ضغط أميركية، لم تنكر الاتهامات الموجهة لها، لكن قريبين منها أكدوا أن العديد من أعضاء مجلس النواب قدموا طلبات بتقديم التعديل على قانون التفويض الوطني، ومن كِلا الحزبين. 

أخبار ذات صلة

النمسا تقر قانون مكافحة الإرهاب.. الإخوان في قائمة الحظر

وأشارت العديد من الوكالات والأبحاث إلى أدوار المنظمة وأفعالها داخل الولايات المُتحدة والدول الأوربية، وتبعا لذلك، فإن التوجه الأميركي ناتج عن سلوكيات المنظمة وليس عن أي ضغط من جهة بعينها.

خلال الشهور القادمة، سوف تتوجه الأنظار إلى التقرير الذي ستقدمه الخارجية الأميركية إلى مجلس النواب، وفي حال أقر بقيام المنظمة بأنشطة إرهابية، فإن اتهامات مشابهة قد تطال باقي التنظيمات المرتبطة بالتحالف الحاكم في تركيا.