رغم أن تركيز التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، ينصب على تنظيم "داعش" بالدرجة الأولى، وعلى وجه الخصوص في مناطق شرق الفرات السورية، فإن الضربة الجوية التي نفذت مؤخرا ضد قياديين من تنظيم القاعدة في إدلب تشير بحسب مراقبين لتوسيع نطاق تلك الحرب.
فقد قتل قياديان بارزان في تنظيم القاعدة خلال الغارة الجوية، بعد استهداف طائرة مسيرة تابعة للتحالف الدولي سيارة تقلهما، على الطريق بين مدينتي إدلب وبنش، بالمنطقة التي تعد آخر معاقل الفصائل المسلحة في سوريا.
وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان أن هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، اعتقلت نحو 10 أشخاص من بينهم إعلاميون، بتهمة التعاون مع التحالف الدولي وتقديم إحداثيات لاستهداف السيارة، التي مرت بأحد حواجز الهيئة قبل قصفها، مما يكشف مجددا بحسب مختصين في شؤون الجماعات الإرهابية، حقيقة أن إدلب باتت مرتعا لتنظيم القاعدة الإرهابي.
وللحديث حول دلالات هذه العملية، يقول الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الإرهابية طارق جوهر لموقع "سكاي نيوز عربية": "هذه الغارة التي تمت ضد تنظيم القاعدة المتمركز في محافظة إدلب السورية تطور مهم ولافت في سياق (تزخيم) الحرب الدولية على الإرهاب، حيث كان هناك ما يمكن اعتباره تراخيا إلى حد ما في محاربة الفرع السوري لتنظيم القاعدة المتمثل في جبهة النصرة التي تحكم سيطرتها على مناطق واسعة من محافظة إدلب شمال غربي سوريا، ومع هذه العملية المهمة التي استهدفت رؤوسا كبيرة في التنظيم الإرهابي يمكن القول إن ثمة توجها جديدا لعدم حصر الحرب ضد الإرهاب في داعش فقط".
ويضيف جوهر "جبهة النصرة وداعش وجهان لعملة واحدة، والتحالف الدولي، وواشنطن خاصة، إذا كانا جادين في مكافحة الإرهاب والقضاء عليه فإن الأحرى بهما استهداف الفرع السوري للقاعدة بلا هوادة الذي يسيطر على المناطق الخاضعة للجماعات التكفيرية والإرهابية المتحالفة معه في إدلب، التي تدّعي كونها معارضة سورية، ففرع القاعدة السوري هو الآخر مثل داعش يمثل خطرا داهما ولا بد من تحرير إدلب منه. إدلب غدت مع الأسف أشبه بتورا بورا السورية".
من جانب آخر، رحب مصدر مقرب من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهي تحالف فصائل أغلبها كردية، بهذه الضربة.
وقال المصدر لموقع "سكاي نيوز عربية": "لا شك أن إدلب وغيرها من المناطق الخاضعة للاحتلال التركي والمتعاونين معه شمالي وغربي سوريا، ساحة مفتوحة أمام مختلف التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم القاعدة".
واعتبر أن "عملية نوعية مثل التي تمت ستسهم بلا شك في توسيع نطاق حربنا ضد الإرهاب، لتطال كافة أوكار ومناطق تجمع الإرهابيين الذين لا فرق إن كانوا دواعش أو من عناصر القاعدة في هيئة تحرير الشام".
وتخضع إدلب ومناطق عدة في ريفها لسيطرة هيئة تحرير الشام بالدرجة الأولى، وفصائل أخرى تمولها تركيا، مثل ما يعرف باسم "الجيش الوطني السوري"، ويقدر مساحة تلك المناطق بنحو 3 آلاف كيلومتر مربع، ويعيش فيها أكثر من 3 ملايين سوري من بينهم نسبة كبيرة من النازحين.
وتنضوي محافظة إدلب ضمن مناطق خفض التصعيد، التي تشكلت بموجب اتفاقات بين روسيا وتركيا وإيران، في إطار محادثات أستانا.