بإصداره الأمر الرئاسي المتعلق بالتدابير الاستثنائية الجديدة لتسيير شؤون البلاد، أنهى الرئيس التونسي قيس سعيد الأربعاء حالة الجدل والترقب في الشارع التونسي، فقد نص الأمر الرئاسي على مواصلة تعليق جميع اختصاصات مجلس النواب، واستمرار رفع الحصانة عن جميع نوابه، ووضع حد لجميع المنح والامتيازات المسندة لرئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي وبقية النواب.
وأكد الأمر الرئاسي على مواصلة العمل بجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع التدابير الاستثنائية في البلاد، إضافة إلى إلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، ووفق الأمر ذاته تتولى لجنة لإصلاح النظام السياسي إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية حتى يصادق عليها رئيس الجمهورية.
وستعمل رئاسة الجمهورية على إصدار مراسيم، تتعلّق بالموافقة على المعاهدات، وتنظيم العدالة والقضاء، وتنظيم الإعلام والصحافة والنشر، وتنظيم الأحزاب والنقابات والجمعيات والمنظمات والهيئات المهنية وتمويلها، إضافة الى تنظيم الجيش وقوات الأمن الداخلي والديوانة، والقانون الانتخابي، والحريات وحقوق الانسان، والأحوال الشخصية، والأساليب العامّة لتطبيق الدستور والواجبات الأساسية للمواطنة، والسلطة المحلية، وتنظيم الهيئات الدستورية، والقانون الأساسي للميزانية، وإحداث أصناف المؤسسات والمنشآت العمومية، والالتزامات المدنية والتجارية والاجراءات أمام مختلف أصناف المحاكم وضبط الجنايات والجنح والعقوبات، والعفو العام، وضبط قاعدة الأداءات والمساهمات ونسبها وإجراءات استخلاصها.
كما تتخذ شكل المراسيم أيضا النصوص الخاصّة بنظام إصدار العملة، والقروض والتعهدات المالية للدولة، وضبط الوظائف العليا، والتصريح بالمكاسب، والضمانات الممنوحة للمدنيين والعسكريين، وتنظيم المصادقة على المعاهدات، وقوانين غلق الميزانية، والمصادقة على مخططات التنمية، إضافة إلى المبادئ الأساسية لنظام الملكية والحقوق العينية، والتعليم والبحث العلمي والثقافة والصحة العمومية والبيئة والتهيئة الترابية والعمرانية والطاقة، وقانون الشغل والضمان الاجتماعي.
هذا وتطرق الأمر الرئاسي إلى تكوين الحكومة المرتقبة من رئيس وزراء وكتاب دولة يعينهم رئيس الجمهورية، لتسهر على تنفيذ السياسة العامة للدولة كما نص على أن تهدف التعديلات السياسية إلى التأسيس لنظام ديمقراطي حقيقي يكون فيه الشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات ويمارسها بواسطة نواب منتخبين أو عبر الاستفتاء، وتقوم على أساس الفصل بين السلط والتوازن الفعلي مع ضمان الحقوق والحريات، وتحقيق أهداف ثورة 17 ديسمبر 2010 في الشغل والحرية والكرامة.
زلزال دستوري شجاع
واعتبر مراقبون ما أعلنه سعيد ليلة 22 من سبتمبر الخطوة الأهم بعد قرارات 25 يوليو الماضي تاريخ إعلان الرئيس التونسي تفعيل الفصل الثمانين من الدستور وتجميد البرلمان وإلغاء العمل بالحكومة بسبب خطر داهم هدد صحة التونسيين وأمنهم الاجتماعي زمن حكم الإسلاميين.
ويصف البعض ما جاء في الأمر الرئاسي بالزلزال السياسي الذي قال عنه أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي، في تصريح لسكاي نيوز عربية، إنه "زلزال دستوري تطلب شجاعة كبيرة من قيس سعيد".
وأضاف الخرايفي أن "الرئيس نفذ وعوده وفق قراءته للدستور وهي القراءة الرسمية في تونس ولا توجد اية آلية قانونية للطعن فيها، كما أنها إجراءات يطلبها المزاج العام للتونسيين في هذه المرحلة من تاريخ البلاد".
وأوضح الخرايفي: "أنهى سعيد بهذه الإجراءات البرلمان بالتدريج، أما الدستور فيبقى نافذا كما نص عليه الأمر الرئاسي صراحة بالإبقاء على التوطئة وباب الحريات والأحكام العامة وبعض الفصول المتعلقة بالسلطتين القضائية والمحلية ما لم تتعارض مع الأحكام الاستثنائية أي بالسلطة التنفيذية، أما النصوص المتعلقة بالسلطة التشريعية فقد حذفت برمتها الأمر الذي ينهي دور البرلمان رسميا".
ومن جهته أكد أستاذ القانون الدستوري عطيل الظريف في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية أن الأحكام الانتقالية ستربط بين فترة سابقة تم التخلي عنها وفترة لاحقة بصدد الإعداد لها وهي لا تعني مخالفة الدستور، فالرئيس لم يصرح بإلغاء دستور 2014 وكل ما أعلنه يتعلق بفعل الفصل 80 حيث تعذر السير العادي لهيئات السلط العمومية نتيجة الظرف الاستثنائي ما حتم اللجوء للتدابير الاستثنائية التي تجعل السلطات بيد الرئيس لفترة انتقالية وهو ما يسمح به الدستور.