ملامح الائتلاف الحكومي في المغرب، الذي سيقوده رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، بدأت تتضح حتى قبل أن يعلن حزبا الأصالة والمعاصرة (حل ثانيا) والاستقلال (حل ثالثا) توجههما للمشاركة في الحكومة المقبلة.
الأحزاب الثلاثة، التزمت الجمعة، بتوحيد صفوفها على مستوى التسيير المحلي، في خطوة سياسية مهمة.
أغلبية داخل المجالس
وكانت نتائج الانتخابات الخاصة بمجالس الجماعات والمقاطعات، أسفرت عن تصدر "الأحرار" بعد حصده 9995 مقعداً، يليه الأصالة والمعاصرة بـ6210 مقاعد، ثم حزب الاستقلال ثالثا بـ5600 مقعد.
أما على مستوى توزيع المقاعد الخاصة بمجالس الجهات، فقد انتزع حزب الحمامة 196 مقعدا وحزب الاستقلال 144 مقعدا وحزب الأصالة والمعاصرة 143 مقعدا.
وأعلنت هذه الأحزاب، في بيان مشترك، عن "التعاون والعمل على تشكيل أغلبية داخل المجالس المنتخبة التي تتواجد بها"، بهدف "تقوية مؤسسات المجالس وخلق الانسجام والاستقرار داخلها وتجنبا للنزاع والتطاحن، والتفرغ لمواجهة الرهانات والتحديات التي يطرحها المواطن".
كما تسعى الأحزاب الثلاثة إلى استكمال المسار الانتخابي "عبر تعزيز تخليق الحياة السياسية، واحتراما لسلطة أصوات المواطنين"، داعية منتخبيها إلى "ضرورة الالتزام بهذا التوجه والتقيد بالقرار الذي تبنته القيادات الحزبية".
تحالف ثلاثي قوي
ويرى المراقبون أن ما قامت به الأحزاب الثلاثة الأولى، سواء في التشريعيات أو في المحليات، خطوة سياسية تدل على التنسيق والتوافق المرتقب أيضا بين التدبير الحكومي المقبل للسياسات العمومية وبين التدبير المحلي.
واعتبر أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد المنعم لزعر، أن "البيان الصادر عن الأحزاب السياسية الثلاثة؛ هو بيان يشير إلى صفقة سياسية لتشكيل مكاتب الجماعات الترابية المختلفة، وهي صفقة بأقل تكلفة وأكبر عائد".
وأوضح لزعر، في تصريحه لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أنه "كلما كان عدد الأحزاب قليلا كلما كانت محصلة كل حزب على مستوى الرئاسات والمسؤوليات المحلية كبيرا وكذلك تكون فرصة عقد تحالفات آمنة ومستقرة ومستمرة كبيرة والعكس صحيح".
من جانبه، يؤكد المحلل السياسي، علي لحريشي، أن خطوة الأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، "تعطي انطباعا على التوافق المبدئي لتشكيل تحالف قوي من أجل أخذ زمام الأمور في تسيير مجالس الجهات و الجماعات الترابية".
وهذا التحالف "سيكون له أيضا انعكاس على تشكيلة هذه الأحزاب في مجلس المستشارين الذي يتكون ثلاثة أخماس أعضائه من ممثلي الجماعات الترابية عبر الاقتراع العام غير المباشر"، يردف المحلل السياسي، في حديثه لـ"موقع سكاي نيوز عربية".
ويعتقد لحريشي، أن "هذا التحالف الموضوعي على الصعيد الترابي هو فعلا مؤشر على ملامح الائتلاف الحكومي المقبل".
ويزكي أستاذ القانون والعلوم السياسية، عبد المنعم لزعر، هذا الرأي الذي تعضده عدة مؤشرات؛ على رأسها أن "هذه الأحزاب التي احتلت المراتب الثلاث الأولى تتوفر على الأغلبية المريحة من المقاعد بمجلس النواب، وهي أغلبية تغني هذه الأحزاب عن اللجوء أو الاستعانة بأحزاب أخرى".
إلى جانب ذلك، "فالتحالف الثلاثي فرص اتفاقه على صفقة سياسية مرضية للجميع كبيرة جدا، وأي محاولة لتوسيع التحالف سيكون على حساب حصة كل حزب من وراء هذه الصفقة السياسية؛ لذلك فالمؤشرات البراغماتية تشير إلى أن صيغة التحالف الثلاثي هي الخيار الأمثل"، يضيف لزعر.
تسيير بطريقة سلسلة
على هذا الأساس، أبرز المحلل السياسي، علي لحريشي، أن "كل التكهنات تذهب أنه في سياق هذا التحالف الحكومي، سيمكن هذه الأغلبية المريحة من تسيير الشأن العام بطريقة سلسة وتنفيذ برامجها الانتخابية التي وعدت بها الناخبين"، يقول المحلل السياسي.
وتابع ذات المتحدث، أن "كل هذه الدلالات التي تصب في اتجاه التوافق بين الأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، سيكون على كل الواجهات وطنيا في السلطة التنفيذية والتشريعية ومحليا على صعيد الجماعات الترابية".
غير أن "هذه التكهنات رهينة الجولة الثانية من المشاورات لتشكيل الحكومة المقبلة والتي ستكون حاسمة كما أكد على ذلك رئيس الحكومة المعين عزيز أخنوش عند نهاية الجولة الأولى من المشاورات"، يستطرد المحلل السياسي، علي لحريشي.