بعد مرور أكثر من شهر ونصف على الإجراءات الاستثنائية، التي اتخذها الرئيس التونسي، قيس سعيد، جدد الاتحاد العام التونسي للشغل، مطالبته بالتسريع بتشكيل حكومة مصغّرة تتولّى مجابهة الملفات الاقتصادية والاجتماعية والصحية.
ويرى مراقبون أن البيان جاء للتوافق بين الاتحاد والرئاسة التونسية، وقال المحلل السياسي التونسي، نزار الجليدي، إن ما جاء في البيان عموما عبر عن التناغم بين الاتحاد الذي يعد المؤسسة الوطنية الأولى في البلاد وقرارات مؤسسة الرئاسة، وهو ما يؤكد أن كلاهما يرفض عودة البرلمان المجمد والعودة إلى الوراء.
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، قال الجليدي إن الرسالة الأبرز كانت رفض الاتحاد تماما، لجنوح بعض القوى السياسية للاستقواء بالخارج ودفع بعض الدول للتدخل في الشأن التونسي، مشيرا إلى أنه كان منذ بداية الأحداث السياسية مع اندلاع الثورة في البلاد عام 2011 رافضا وبشكل قطعي لأي محاولات لرفض التدخل الأجنبي في شؤون البلاد.
مغزى الرسائل
وحول رسائل الاتحاد التي عبر عنها في بيان اليوم، يقول الجليدي إنها جاءت في مجملها داعمة لقرارات رئيس الجمهورية، وتأتي أيضاً في وقت هام للغاية، قبيل موعد التظاهرات التي دعت إليها حركة النهضة الإخوانية عبر وكلاءها، في المشهد السياسي التونسي للتأكيد على موقف الاتحاد جراء تطورات المشهد السياسي في البلاد.
وقال إن الاتحاد بعد لقاءه مع قيادات الحزب الدستوري الحر، نسق كل منهما موقف يعكس تناغم تام مع قرارات رإجراءات رئاسة الجمهورية في رسم خارطة سياسية مستقبلية للبلاد.
ويرى الجليدي أن ما جاء في البيان بشأن التسريع في تشكيل الحكومة لمعالجة الأزمات الراهنة التي تمر بها الدولة التونسية، يؤكد على التوافق بين القوى الوطنية حول خريطة الطريق السياسية، مع التأكيد على الرفض القاطع أن تجري الإجراءات من جانب الرئاسة التونسية بدافع الضغط الخارجي الذي تحاول النهضة تفعيله خلال الوقت الماضي، من أجل تعميق جراح الاقتصاد التونسي أو زعزعة الأمن، للضغط على الشارع.
ويؤكد الجليدي أن موقف الاتحاد الذي يعد أكبر قوة قادرة على تعبئة الشعب التونسي أراد توجيه رسائل واضحة جدا للمواطنين وللأحزاب والمؤسسات أيضا، وربما رسالة تحذيرية إلى حركة النهضة الإخوانية مفادها، " إذا خرجتم للتظاهر أو حاولتم الاستقواء بالخارج فإننا سنخرج داعمين للراية الوطنية ومتوافقين مع ما يقتضيه صالح البلاد"، وهو ما عبرت عنه أيضا رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي.
ويرى الجليدي أن رسائل الاتحاد جاءت واضحة ولا تقبل التأويل، مع التأكيد على الاستحقاقات الوطنية للفترة ما بعد 25 يوليو، عقب إجراءات الرئيس.
"المطلوب حكومة مصغرة"
وقال الاتحاد الذي يعد أكبر مظلة نقابية وعمالية في البلاد في بيان، الأربعاء، إنه الفترة الاستثنائية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية طبقا للفصل 80 من الدستور منذ يوم 25 يوليو الماضي، وجددها في 25 أغسطس تتواصل، دون الإعلان عن موعد انتهاءها أو بدء تشكيل الحكومة.
وجدد الاتحاد العام التونسي للشغل، مطالبه بتشكيل حكومة مصغرة تتولى مجابهة الملفات الاقتصادية والاجتماعية والصحية وتضمن استمرارية الدولة.
وذكر الاتحاد، على موقعه الرسمي، أن مطالبه تأتي "بعد مرور أكثر من شهر ونصف على الإجراءات الاستثنائية ونظرا لغموض الوضع العام بالبلاد وحرصا على الدور التاريخي الوطني والاجتماعي للاتحاد العام التونسي للشغل وإيمانا منه بضرورة ألا نفوت على البلاد فرصة أخرى للتغيير الحقيقي".
وجدد المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد "مطالبته بالتسريع بتشكيل حكومة مصغرة تتولى مجابهة الملفات الاقتصادية والاجتماعية والصحية وتضمن استمرارية الدولة وتنفيذ تعهداتها وتوفر مناخات ملائمة لتجاوز الأزمة وتمثل الدولة التونسية في كل المحافل الدولية"، مشيرا إلى أنه "يعتبر أن أي تأخير في ذلك لن يفضي إلا إلى تعميق الأزمة وإلى تفكيك الدولة وتهديد كيانها".
الحفاظ على الحوار الاجتماعي
وأضاف "يؤكد على وجوب تحديد نهاية الفترة الاستثنائية وتحديد معالم الإجراءات الضرورية اللاحقة للخروج من الأزمة السياسية ومن حالة الشلل العام الذي أصاب أغلب أجهزة الدولة وذلك وفق رؤية تشاورية وتشاركية من شأنها أن تسهم لاحقا في مناقشة رؤية سياسية بديلة ووضع تصوّر وطني لنظام حكم يلقى مشروعية شعبية وسياسية".
كما أكد الاتحاد العام التونسي للشغل "على وجوب احترام مبدأ الحوار الاجتماعي الذي تميزت به تونس لعقود، ويشدد من جديد على وجوب احترام المكاسب التي جاءت بها ثورة الحرية والكرامة وتضمّنها الدستور من حريات وحقوق، ومنها حرية الإعلام وحرّية التنقل وحق الدفاع والحق في الاحتجاج والحق في المحاكمة العادلة وضمان استقلالية القضاء وعدم إقحام القضاء العسكري في القضايا المدنية"، داعيا إلى الكفّ عن شيطنة القطاعات والشروع في إصلاحها.
وفي ختام البيان، أدان الاتحاد "مرة أخرى استقواء بعض القوى السياسية بالخارج وتمسّحها على عتبات السفارات وتحريضها ضدّ البلاد"، كما يرفض "رفضا قطعيّا توريط تونس في سياسة المحاور الإقليمية والدولية تحت أيّ تعلّة كانت".