عام مضى على توقيع الاتفاق الإبراهيمي بين الإمارات والبحرين وإسرائيل، الذي منح فرصة حقيقية لدول الشرق الأوسط بأن تنعم بالسلام والاستقرار، بعد عقود طويلة من الصراعات والتوترات التي أثرت على مستقبل شعوبها.

ففي 15 سبتمبر من العام الماضي، وقعت الإمارات اتفاقا لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وذلك في البيت الأبيض برعاية وحضور الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، تزامنا مع توقيع البحرين اتفاقا مماثلا.

ومثّل التوقيع على معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية "لحظة تاريخية فارقة" حسب وصف ترامب حينها، ومنذ هذا الوقت جرت إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين أبوظبي وتل أبيب، جنبا إلى جنب مع توقيع اتفاقيات ثنائية في مجالات متعددة، على رأسها التكنولوجيا والاتصالات والطيران المدني والرعاية الصحية والسياحة.

وهذا ما ذهب إليه وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، خلال كلمته بحفل توقيع المعاهدة، عمندما قال إن الاتفاقية "تعد إنجازا تاريخيا لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات. لن يتوقف أثرها الإيجابي، بل إننا نؤمن بأن ثمارها ستنعكس على المنطقة بأسرها، فكل خيار غير السلام سيعني دمارا وفقرا ومعاناة إنسانية".

تسامح وحوار

ويرى مراقبون أن هذه المعاهدة التاريخية ساهمت في تعميق التعامل بين الأطراف العربية وإسرائيل، باعتباره المدخل الرئيسي لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، مما دفع إلى تراجع فرص الصدام ونشر ثقافة التسامح والحوار.

ويأتي الاحتفال بالذكرى الأولى لاتفاق السلام، بعد أسابيع من افتتاح الإمارات سفارتها في تل أبيب، بمشاركة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ووزيرة الدولة للأمن الغذائي والمائي الإماراتية مريم المهيري.

أخبار ذات صلة

بيان مشترك بين الإمارات وإسرائيل يؤكد تعزيز التعاون الثنائي
عبدالله بن زايد يلتقي وزير الخارجية الإسرائيلي في أبوظبي

وقالت الوزيرة الإماراتية إن "افتتاح السفارة يمثل علامة فارقة، وسيسهل تبادل المعارف والخبرات عبر مختلف القطاعات الحيوية، ونتطلع إلى تعزيز التعاون بما يسهم في تحقيق رؤيتنا. هذه حقبة جديدة من التطور والازدهار لبلدينا".

كما افتتحت إسرائيل سفارتها في أبوظبي وقنصليتها في دبي أواخر يونيو الماضي، خلال زيارة وزير الخارجية يائير لابيد للإمارات، وهي أول زيارة رسمية يقوم بها وزير إسرائيلي للإمارات منذ توقيع البلدين معاهدة السلام.

ويتزامن الاحتفال بالذكرى الأولى لمعاهدة السلام مع تقديم السفير البحريني خالد يوسف الجلاهمة أوراق اعتماده لإسرائيل، ليصبح أول سفير للمملكة في تل أبيب.

وفي أعقاب توقيع المعاهدة، انضمت السودان والمغرب لركب السلام مع إسرائيل.

ومن المقرر أن يعقد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اجتماعا عبر الفيديو، بمشاركة نظرائه بالإمارات والبحرين والمغرب وإسرائيل، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لتوقيع اتفاقيات السلام.

وأوضح متحدث باسم الخارجية الأميركية أن بلينكن سيلتقي وزراء خارجية الإمارات والبحرين والمغرب وإسرائيل "للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لتوقيع اتفاقات إبراهيم، وبحث سبل ترسيخ الروابط وبناء منطقة أكثر ازدهارا".

الاتفاق الإبراهيمي كسر جمود عملية السلام بالشرق الأوسط

سياسة جديدة بالمنطقة

وأشار الخبير في العلاقات الدولية أيمن سمير إلى أن "اتفاق السلام الذي وقعته الإمارات والبحرين مع إسرائيل قبل عام، يتعمق في المنطقة بشكل كبير للغاية، عكس ما روج له البعض بأنه اتفاق هش وقد يزول، خصوصا مع الإدارة الأميركية الجديدة".

وأكد سمير في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "حريصة على توفير سبل الدعم وتهيئة المناخ لإنجاح اتفاقيات السلام، والدليل على ذلك الاجتماع الذي سيعقده بلينكن خلال أيام مع وزراء خارجية الإمارات والبحرين والمغرب وإسرائيل، ليؤكد على أن اتفاق إبراهيم سيكون أساسا لعلاقات طبيعية وإيجابية في المنطقة".

وأضاف أنه "بعد مرور عام، هناك قناعة لدى الكثيرين داخل المنطقة العربية وإسرائيل بأن السلام بين الشعوب يجب أن يكون أساسا للعلاقات المستقبلية في المنطقة، إذ أن هذا الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل وما تلاه من اتفاقات أخرى مع البحرين ثم المغرب والسودان، ساهمت في نشر سياسة جديدة بالمنطقة تقوم على فكرة تبريد وإنهاء الصراعات والتوتر، وبدء مرحلة جديدة تقوم على التعاون وتقديم لغة الحوار والتفاوض على اللغات الأخرى القائمة على الرصاص".

ولفت خبير العلاقات الدولية إلى أن "هذا الاتفاق أسس لنظام إقليمي جديد يقوم على استكشاف فرص التعاون المشترك ومواجهة التحديات والعثرات، بعد سنوات من التنازع والحروب في المنطقة العربية والشرق أوسطية".

وقال سمير إن "أهم مكسب في هذه الاتفاقية أنها خلقت أجواء إيجابية يمكن أن نحصد منها مزيدا من الثمار في السنوات المقبلة، وهناك إحساس عام بأن الصراعات والمشاكل والحروب أخذت الكثير من الوقت واستنزفت مقدرات شعوب الشرق الأوسط، وبالتالي فإن وقت السلام قد حان".

كما أكد أن معاهدة السلام "خلقت إطارا جديدا يقوم على التوازن في العلاقات، لتعظيم المكاسب وجني الأرباح للجميع بشكل عادل، دون استئثار طرف على حساب الآخر".