قصف الحرس الثوري الإيراني بالطائرات المسيرة "درونز" وبالمدفعية الثقيلة، مقرات وقواعد الأحزاب الكردية الإيرانية، في مناطق متاخمة للحدود كسيدكان وجومان في محافظة أربيل .
ويأتي هذا التصعيد بعد تحذير قائد القوات البرية للحرس الثوري الإيراني، محمد باكبور، الاثنين الماضي: "على الحكومة العراقية وسلطات إقليم كردستان العراق منع الإرهابيين من تحويل المنطقة إلى مرتع لهم لتهديد إيران".
وأضاف "أي تقصير وأي غفلة عن ذلك، يتعارض مع حسن الجوار والعلاقات الطيبة بين البلدين، واستغلال جماعات إرهابية لشمال العراق ضد إيران أمر غير مقبول وسنرد بالشكل المناسب".
من جانبه، قال محمد تقي أوسانلو، أحد قادة قطعات الحرس الثوري المتمركزة في كردستان إيران: "لا يجوز أن ترعى حكومة إقليم كردستان العراق، هذه المجموعات في أراضيها، وأبلغنا مسؤولي الإقليم أنه يجب طردها".
وتابع: "بكل تأكيد سنهاجم تلك المجموعات المسلحة، وأطلب من السكان المدنيين الابتعاد عن مقراتها".
ويري المراقبون للمشهد أن إيران تهدف من وراء هذا التصعيد، التأثير في الساحة العراقية والكردية، مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي العراقي بعد شهر واحد من الآن، وذلك لخلط الأوراق وتوتير الأوضاع، والتنبيه إلى أن إيران قادرة على زعزعة أمن العراق وإقليم كردستان العراق متى ما أرادت، وهي محاولة استباقية بحسبهم لأية نتائج قد تكون غير سارة لطهران، وغير مرضية لها جراء تلك الانتخابات.
وفي هذا المضمار، يقول مصدر قيادي في تحالف أحزاب المعارضة الكردية الإيرانية الرباعي، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "ليست هذه المرة الأولى ولن تكون الأخيرة في ممارسة إيران لإرهابها المنظم بحقنا إن داخل إيران أو خارجها، لكنها هذه المرة تتحدث بصوت مرتفع أكثر، وتهدد وتتوعد السلطات العراقية وسلطات إقليم كردستان العراق، وكأننا لم نكن موجودين هنا في الإقليم الكردي العراقي على مدى سنوات طويلة، وفجأة اكتشف الحرس الثوري مواقعنا هنا، فبات يطلق تهديداته، وبلا شك فإن كلمة السر في هذا التصعيد، والذي ترجم عمليا اليوم، هو الخوف الذي يخيم على النظام من الداخل ومن الخارج".
ويضيف: "نتوقع الأسوأ وعلينا أن نكون محتاطين، فنحن نتعامل مع نظام متمرد على القوانين الدولية ومحاصر ومنبوذ عالميا، وهو لا ينتعش سوى في أجواء الحرب والفوضى والدم، كي يتهرب من الاستحقاقات الداخلية الضاغطة، من وباء كورونا الذي يفتك بالناس، إلى الانهيار الاقتصادي، إلى العزلة والفشل على الصعيدين الداخلي والخارجي".
وحول هذا التصعيد العسكري الإيراني عشية الانتخابات العراقية، يقول الكاتب والمحلل السياسي العراقي علي البيدر، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية": "هذا القصف الإيراني العنيف، يدل طبعا على أن إيران كجاري عادتها لا تحترم سيادة العراق كدولة، ولا تتعاطى معه بطريقة ندية، فهي مستمرة في انتهاكاتها بمختلف السبل في هذا السياق.
ويضيف: "رغم أن لديها علاقات حسنة مع غالبية القوى السياسية إن في بغداد أو في إقليم كردستان العراق، لكن طهران مع ذلك تصر على ممارساتها الاستفزازية والتوسعية في العراق".
ويستطرد الكاتب العراقي: "التوقيت يؤشر في جانب منه لإرسال رسالة للأحزاب والقوى الكردية الإيرانية المعارضة، لمنعها من الاسهام في الحراك والتململ المتصاعد ضد النظام داخل إيران من عربستان والتي تسميها طهران خوزستان إلى كردستان، والذي تجسد في مظاهرات وحراك شعبي وسياسي عارم وفي مختلف المناطق والمحافظات الإيرانية، جراء تراكم وتصاعد الأزمات المعاشية الاقتصادية والصحية والاجتماعية في البلاد، وهي رسالة تحذيرية مفادها، أنكم إن تماديتم فسوف نصلكم حيث أنتم هنا".
ويتابع: "لا شك أن القوى الكردية تشكل جزءا رئيسيا من المعارضة الإيرانية، وبهذا فإن النظام يسعى لترهيبها ومحاولة تحييدها، مع تزايد الضغط والرفض الشعبيين لحكم الملالي، وما جره من ويلات وكوارث على عموم الإيرانيين".
ويطالب البيدر بغداد برد جدي على الانتهاكات الإيرانية، بالقول: "على العراق مواجهة هذا التصعيد الإيراني الجديد بشكل حازم، وصولا حتى لتقديم شكوى دولية للأمم المتحدة ومجلس الأمن على خلفية خرق إيران للسيادة العراقية، تحت حجج واهية لا تخفي أجندتها الداخلية المشبوهة في العراق".
ولا تستبعد مصادر كردية عراقية خاصة تحدثت إلى موقع "سكاي نيوز عربية" وجود مخطط إيراني لتغيير قواعد اللعبة، واشتراط خروج قوات البشمركة الكردية الإيرانية، المتواجدة في مقرات ضمن الحدود العراقية في إقليم كردستان العراق، وذلك لإحراج سلطات الإقليم ووضعها في مواجهة مع بني جلدتها من أكراد إيرانيين، اضطروا للنزوح والتمركز في كردستان العراق، نتيجة القمع والملاحقة والحرب المفتوحة عليهم، من قبل السلطات الإيرانية، خاصة وأنهم لا يقومون بشن أي هجمات انطلاقا من إقليم كردستان على إيران.
هذا ويعاني نحو 12 مليون كردي في إيران، من انعدام أبسط حقوقهم القومية والديمقراطية، وتطبق السلطات هناك سياسات تمييز قومي ممنهج ضدهم، وتمارس سياسات القمع والإرهاب بحقهم داخليا وخارجيا.