لم يستطع قادة حزب العدالة والتنمية في المغرب، استيعاب وقع الهزيمة النكراء التي تكبدوها في انتخابات البرلمان، يوم الأربعاء، فتعددت ردود الأفعال وسط قادة التنظيم السياسي بين دعوة إلى استقالة الأمين العام للحزب، سعد الدين العثماني، وبين أصوات تقول إن ما حصل كانت نتيجة متوقعة.
وتقهقر حزب العدالة والتنمية الذي يحسب على تيار "الإسلام السياسي" إلى المرتبة الثامنة، في الانتخابات النيابية، بعدما نال 12 مقعدا فقط، بعدما كان متصدرا في انتخابات 2016 بـ125 مقعدا.
وسارع الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، إلى دعوة العثماني لتقديم الاستقالة، على إثر الهزيمة "المؤلمة" التي لحقت بالحزب.
وكان بنكيران قد تزعم أول ائتلاف حكومي، في ضوء الدستور الجديد لسنة 2011، ثم جرى تكليفه بتشكيل الحكومة، سنة 2016، لكنه أخفق جمع الأغلبية، فتم إعفاؤه، وقام الملك محمد السادس، بتعيين سعد الدين العثماني.
وينص الدستور المغربي على تعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي يتصدر الانتخابات البرلمانية في البلاد، وهو ما حققه حزب العدالة والتنمية في محطتي انتخاب، في 2011 و2016، لكنه فشل فشلا ذريعا سنة 2021.
ارتدادات الهزيمة
وعلى غرار بنكيران، دعت البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية في المجلس المنتهية ولايته، أمينة ماء العينين، إلى استقالة سعد الدين العثماني، على خلفية النتائج المخيبة للآمال.
وقالت ماء العينين في تدوينة على موقع "فيسبوك"، " نتائج صادمة وقاسية وغير منتظرة حتى من أكثر المتشائمين".
ووصفت ماء العينين ما حصل بـ"الاندحار المُحزن"، ثم خاطبت العثماني "تسلمت القيادة الحالية (الحزب) كبيرا قويا متماسكا وتُسَلِّمه اليوم ضعيفا منكسرا".
وأردفت عضوة حزب العدالة والتنمية أن هذا الأمر “ليس جلدا للذات أو محاولة لتعليق الفشل على قيادة الحزب، ولا داعي لأن يخلق الحزب تقاطبا جديدا بين تيار ينتقد القيادة وتيار يدافع عنها. لقد جربنا هذا الخيار، ويجب أن نعتبر بالنتائج".
في غضون ذلك، قال القيادي في حزب العدالة والتنمية، عزيز رباح، "لا أجد أي تفسير لهذه النتائج الكارثية، لو احتسبنا فقط الأعضاء والمتعاطفين وأسرهم والأقرباء والأصدقاء والجيران وبعض الموظفين الذين جربونا وبعض المقتنعين بعملنا وجهدنا ونزاهتنا، لو احتسبنا هذا فقط لكنا في الرتب الأولى وبامتياز".
بين الإنكار والقبول
أما الوزير السابق في حزب العدالة والتنمية، الحبيب الشوباني، فحاول التشكيك في الانتخابات، من أجل قراءة الهزيمة التي هزت أركان حزب العدالة والتنمية، وعصفت به إلى ذيل التصنيف، بعدما كان في صدارة الصناديق.
وتحدث الشوباني، في عدد من تدويناته على موقع "فيسبوك"، فقال إن الثامن من سبتمبر، أي يوم الانتخابات، سيظل شاهدا على ما وصفه "بتجريف" المال لهيبة الإدارة ولقيم التنافس السياسي النزيه في المجتمع".
وأورد الشوباني في تدوينة أخرى "لا يوجد تفسير في علم السياسة وعلم الاجتماع لنتائج اقتراع 8 سبتمبر حتى لو كان العدالة والتنمية عدوا لدودا لكل طبقات الشعب بدون استثناء".
في المقابل، فضل الوزير السابق والقيادي في حزب العدالة والتنمية، لحسن الداودي، الإقرار بالهزيمة، وذكرت تقارير صحفية في المغرب، أنه قدم استقالته من قيادة الحزب، قائلا إنه أقدم على هذه الخطوة من باب "ربط المسؤولية بالمحاسبة".
حسم السباق
وفجر الخميس، أعلن وزير الداخلية المغربي، عبد الوافي الفتيت تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار (ليبرالي) لنتائج الانتخابات التشريعية في المغرب بحصوله على 97 مقعدا.
كما حصل حزب الأصالة والمعاصرة على 82 مقعدا، وحزب الاستقلال على 78 مقعدا، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على 35 مقعدا، وحزب الحركة الشعبية على 26 مقعدا، وحزب التقدم والاشتراكية على 20 مقعدا والاتحاد الدستوري على 18 مقعدا، والعدالة والتنمية على 12 مقعدا، بينما نالت باقي الأحزاب الأخرى 12 مقعدا.
وقال وزير الداخلية إن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات التي تضمنت كذلك الانتخابات المحلية، 50.35 في المئة، مقابل 42 في المئة في عام 2016.
وأضاف أن انتخابات الثامن من سبتمبر شهدت "مشاركة 8 ملايين و789 ألف و676 ناخب، أي بزيادة مليونين و152 ألف و252 ناخب مقارنة مع الانتخابات التشريعية عام 2016".