بخطى ثابتة يسير الشاب المغربي مهدي كورايبان نحو مركز الاقتراع للإدلاء بصوته في الانتخابات التي تشهدها بلاده، الأربعاء، وهي خطوات يطمح الشاب أن تقود نحو مسار التغيير والإصلاح.
ويقول كورايبان (30 سنة): "نتطلع لرؤية نخب جديدة وشباب يتقلدون مناصب المسؤولية. لقد مللنا الوجوه القديمة التي عمرت طويلا على الكراسي".
ويضيف الشاب الذي التقى به موقع "سكاي نيوز عربية"، في أحد مراكز التصويت بالدائرة الانتخابية آنفا، وسط الدار البيضاء: "فكرت طويلا قبل أن أقرر لمن سأمنح صوتي في هذه الانتخابات، لأن الأمر يتعلق بمن سيمثلني لسنوات مقبلة في الهيئات المنتخبة".
وعن سير العملية الانتخابية، يشير الشاب إلى أن الإدلاء بصوته "تم بظروف جيدة".
ويؤكد أحد المشرفين على مركز الاقتراع الذي يضم 15 مكتبا للتصويت ومكتبين لفرز الأصوات، أن التحضير اللوجستي لاستقبال الناخبين، تطلب أكثر من شهر، إلى جانب الحرص على توفير الوسائل الضرورية للوقاية من فيروس كورونا.
وتوجه المغاربة صباح الأربعاء صوب صناديق الاقتراع لاختيار من يمثلهم في البرلمان والمجالس المحلية والجهوية. ويقدر عدد الناخبين في المغرب بحوالي 18 مليون ناخب.
ومن المرتقب أن تغلق مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة الثامنة من مساء الأربعاء، على أن يتم الشروع مباشرة بعد ذلك في عملية فرز الأصوات.
رياح التغيير
يقول كورايبان الذي يشتغل بشكل موسمي في مهن مختلفة: "أكثر ما ينتظره الشباب من الحكومة الجديدة، خصوصا بعد التداعيات التي خلفتها جائحة كورونا، توفير المزيد من فرص العمل".
ويعتبر أن "توفير العمل سيساهم في استقرار الشباب من مختلف النواحي، ويبعدهم عن الإدمان أو التفكير في الهجرة غير الشرعية".
وفي خضم حديثه هب الشاب فجأة، نحو سيدة مسنة مستندة على عكازها وتجد صعوبة في النزول من الدرج، بعد أن أدلت بصوتها في مكتب اقتراع بالطابق الأول. وقبل أن تأخذ نفسا آخر، أمسك الشاب بيدها وساعدها على النزول.
وبعد أن التقطت أنفاسها، أكدت "الحاجة" السعدية حسن الدين لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنها لم تفوت أبدا فرصة واحدة للإدلاء بصوتها في الانتخابات.
وتضيف: "لدي ابنة حاصلة على دبلوم في التجارة، ولم تتح لها فرصة العمل، ناهيك عن وضعي الصحي المتدهور، مما جعلنا نعقد جميعا الأمل على هذه الانتخابات، لعل المنتخبين الجدد يلتفتون إلى وضعنا الاجتماعي".
وتستطرد حسن الدين (75 سنة) حديثها، قائلة:" مهما كان وضعي الصحي، فإن ذلك لن يقف عائقا أمام انخراطي في عملية التصويت. إنه واجب وطني".
بين العزوف والمشاركة
وغير بعيد عن مركز التصويت، وعلى مقربة من مسجد الحسن الثاني الكبير، يقف مصطفى، متأملا البحر، غير مبال بما يجري بمركز الاقتراع وبالعملية السياسية برمتها.
ويقول مصطفى (47 سنة) لموقع "سكاي نيوز عربية": "لا أرى أي جدوى من منح صوتي لأناس خذلونا لسنوات، خاصة أن الانتخابات لا تفرز لا تغييرا ولا نخبا جديدة".
وبدا المتحدث واثقا بأن المنتخبين يستغلون الظروف الاجتماعية لبعض المواطنين المغاربة ويغرقونهم في وعود "كاذبة"، لن تتحقق على أرض الواقع بعد انتهاء الانتخابات، على حد تعبيره.
أما صديق مصطفى، الذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه، فقد أقر بأنه كان بوده المشاركة في العملية، وأبدى ندمه على تفويته فرصة التسجيل في قوائم الناخبين التي تتيح له الإدلاء بصوته.
ويضيف الشاب (34 سنة)، أن العزوف عن التصويت أو المقاطعة "ليسا حلا"، قائلا: "التغيير المنشود لا يأتي إلا بانخراط الجميع في العملية الانتخابية، واختيار من يتجاوب أكثر مع انشغالاتهم ويستجيب لمطالبهم المشروعة".
وقد بلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات 12 في المائة، حتى تمام الساعة 12 ظهرا، حسب أرقام رسمية لوزارة الداخلية.
ويتطلع المغرب لتسجيل نسب مشاركة كثيفة في هذا الموعد الانتخابي، حتى لا يتكرر سيناريو انتخابات سنة 2007 التي لم تتجاوز خلالها النسبة 37 في المائة، وهي أدنى نسبة في تاريخ البلاد.