تنوعت ردود الفعل الليبية بين متفائل ومتحفظ، على التأثير المحتمل لإطلاق سراح 8 من أعمدة نظام الزعيم الراحل معمر القذافي، ضمن عملية مصالحة شاملة أطلقتها السلطات، وما إن كانت ستساهم في حل أزمة البلاد، أم يبقى التعويل الأكبر على ضمان إجراء الانتخابات في ديسمبر المقبل.
وأعلن رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، الاثنين، رسميا انطلاق المصالحة الشاملة، داعيا إلى "تجاوز الخلافات والعمل لوحدة البلاد".
وكبادرة لإثبات الجدية، أعلن المجلس الإفراج عن سجناء انتهت مدة سجنهم، أو لم تتم إدانتهم قضائيا، من بينهم الساعدي القذافي، نجل معمر القذافي، والعقيد أحمد رمضان، السكرتير الخاص للزعيم الراحل.
وفي خطوة لافتة، أبدى أعيان وقبائل مدينة مصراتة، غربي ليبيا، نيتهم الإفصاح عن موقع دفن القذافي ونجله المعتصم، ووزير الدفاع أبو بكر يونس، الذين قتلهم مسلحون في الاضطرابات الدامية عام 2011، ودفنهم أشخاص من مصراتة في أماكن لم يعلنوها.
مصالحة قبلية أم شاملة؟
ورأى محللون سياسيون في تعليقهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذه "خطوات جيدة تأتي لإتمام المصالحة"، وإن تساءلوا حول ما إن كانت ستسهم في حل الأزمة السياسية، أم فقط ستنهي خلافات قبلية، فيما يبقى إجراء الانتخابات هو الحل الأهم لإنقاذ البلاد.
وفي هذا الاتجاه، يقول المحلل الليبي، جميل الزغاب، إن الإفراج عن رموز النظام السابق وأسرى ليبيين آخرين "مفيد للمصالحة بين القبائل، لكنه لن ينعكس كثيرا على المشهد السياسي وإجراء الانتخابات".
وفي تقديره، فإن "الانتخابات هي الاستحقاق الوحيد القادر على حل الأزمة"، مضيفا: "في نفس الوقت، لا نقلل من أهمية الإفراج عن السجناء، لكن هذه الخطوة مهمة فقط للمصالحة بين القبائل".
ولفت الزغاب إلى أن "الخلاف في ليبيا الآن ليست قبلية، ولكن الأزمة تتمحور في فصيل سياسي يسعى لتأجيل الانتخابات بأي شكل"، في إشارة لتنظيم الإخوان الإرهابي.
في المقابل، وبحسب المحلل الليبي عبد الستار حتيتيه، فإن المفاوضات جارية بين رموز النظام السابق والسلطات والقيادات المجتمعية والقبائل المؤثرة، وهناك اتجاه لتبادل الأسرى وليس أبناء قبيلة واحدة.
وأرجع هذا للخطوات التي اتخذها المجتمع الدولي، التي أسفرت عن الاتفاق السياسي وتشكيل الحكومة الحالية والمصالحة الوطنية.
وتوقع حتيتيه أن "كل طرف يحاول تحقيق مكاسب قبل الانتخابات، والتواجد فيها بدعم شعبي، وهناك محاولات لكسب أنصار من النظام السابق، وتفكيك تكتلات يمكن أن تؤثر سلبا، وكل الاحتمالات مفتوحة".
ترحيب أممي
من جانبها، رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالتطورات الأخيرة، قائلة في بيان على موقعها الإلكتروني، إنها علمت بالإفراج عن الساعدي القذافي في 5 سبتمبر، وأحمد رمضان و6 مسؤولين آخرين من النظام السابق، كانوا محتجزين منذ 7 سنوات.
واعتبرت أن هذه "خطوة مهمة نحو احترام سيادة القانون، وتطور إيجابي يمكن أن يسهم في تحقيق عملية مصالحة وطنية"، داعية السلطات الليبية للإفراج الفوري عن آلاف الأشخاص المحتجزين بشكل تعسفي في جميع أنحاء ليبيا، بحسب تعبيرها.
وبدورها، أعلنت المتحدثة باسم المجلس الرئاسي، نجوى وهيبة، في مؤتمر صحفي، الاثنين، أن الأيام المقبلة "ستشهد المزيد من الإفراجات عمن صدرت بحقهم أحكام قضائية، في كل ليبيا".