لم تزح الاشتباكات الدائرة بين جماعات مسلحة جنوب العاصمة الليبية طرابلس الستار فقط عن الوضع الأمني الهش في المنطقة الغربية بالبلاد، ولكنها كشفت أيضا عن تحركات "مريبة" لمقاتلين "مجهولي الهوية".
وقال آمر ما يسمى بـ"منطقة طرابلس العسكرية"، عبدالباسط مروان، إنه أمر قواته باقتحام معسكر التكبالي، مقر "ميليشيا 444" التي تتبعه أيضا، والسيطرة على مخازن الأسلحة فيه، وذلك بعدما لم تعد تلك المجموعة "تمتثل للأوامر".
وأضاف مروان، في مقطع فيديو، أن عناصره عثروا على مقاتلين، سبق أن نبه قائد "ميليشيا 444"، ويدعى محمود حمزة، على "فك الارتباط بهم"، دون أن يفصح عن هويتهم، لافتا إلى أن تلك الميليشيات سحبت 10 ملايين دينار مؤخرا، كما غادر حمزة إلى إحدى الدول في الإقليم.
وحديث مروان فتح الباب أمام الكثير من التحليلات حول هؤلاء المقاتلين، إذ طلب مهتمون بالشأن الليبي فتح تحقيق لمعرفة من هم، ولماذا يتمركزون قرب مخازن أسلحة تعد الأكبر في العاصمة، وهل هم من الإرهابيين الذين فروا من المنطقة الشرقية، أم هم المعنيون في وثيقة الإنتربول في تونس، التي تحدثت عن تمركز 100 إرهابي في قاعدة الوطية، استعدادا لدخول تونس وبث الفوضى.
ويرى الباحث السياسي الليبي ناصر السبيع إن الصراع الذي دار أمس (الخميس) كشف الوضع الذي تعاني منه طرابلس، في ظل سيطرة المجموعات المسلحة، بل وأيضا التبعية الخارجية لبعض تلك المجموعات، التي تسعى إلى تحقيق أهداف أخرى غير مسألة فرض النفوذ أو الحفاظ عليه.
ويوضح السبيع أن "ميليشيا 444" تتلقى إسنادا من جهات عدة، ودعما كبيرا، مكنها في النهاية من النجاة من هجوم الخميس، الذي شنته "ميليشيا غنيوة"، التي سيطرت لبرهة على مقر الأولى قبل أن تضطر إلى الانسحاب أخيرا.
ويتفق معه الخبير الاستراتيجي الليبي العميد محمد الرجباني، مشيرا إلى تبرؤ آمر ما يسمى بـ"منطقة طرابلس العسكرية" من "ميليشيا 444"، ما قد يعنى أن عناصرها، أو متحالفين معها، قد يقدمون على تنفيذ "عمليات كبرى"، قد يطال العقاب الجميع بسببها.
ولفت الرجباني إلى أن الطرف الآخر في الصراع، اتهم تلك الميليشيا بأنها "مدعومة من جهات خارجية"، رغم أن الإثنين يشتركان في نفس التبعية، مشيرا إلى أن الطرفين في الأساس لم يخفوا هذا الأمر من قبل، لكن يثار الآن نتيجة للاشتباكات وتراشق الاتهامات.
ونعت "ميليشيا 444" أحد أفرادها الذي قتل في الاشتباكات، قائلة إنه "قضى أثناء التصدي لمشروع خارجي بأيدٍ خبيثة ضلت الطريق"، مردفة أن نهاية من وصفتهم بالمجرمين "قد اقتربت".