تصاعدت حدة الأزمة داخل صفوف بتنظيم الإخوان الإرهابي خلال الأسابيع الأخيرة بين المرشد الحالي إبراهيم منير، والأمين العام السابق محمود حسين، ووصل الأمر حد ترتيب اجتماعات سرية لعزل الأول وعودة الثاني إلى منصبه، في خطوة تنذر بتفكك التنظيم.
ووفق معلومات حصل عليها موقع "سكاي نيوز عربية"، فإن الخلاف المحتدم بين جبهتي منير وحسين، وصل ذروته بعد القرارات الأخيرة بتحويل الثاني ومجموعة من القيادات المحسوبين على تياره إلى التحقيق بتهم فساد مالي، بعد أن قرر منير عزلهم جميعاً عن مناصبهم.
أسباب الخلافات
ويتأثر الخلاف بين قيادات تنظيم الإخوان الإرهابي بعدة عوامل بعضها داخلية، يرتبط بالصراع على المناصب وتقسيم المراكز القيادية والأموال، بينما يرتبط الآخر بعوامل الضغط الخارجي، والتضييق الأمني والسياسي والاقتصادي على نشاطها كما هو الوضع في تركيا وعدة دول أوروبية، تخلت عن دعمها للتنظيم ولم تعد حواضن آمنة.
وتقول المعلومات إن الصراع الداخلي تسبب في فقدان الثقة لدى القواعد الإخوانية في قيادتها، ما نتج عنه مئات الانشقاقات، خاصة بعد تخلي قيادة التنظيم عن حماية شباب التنظيم الموجودين في تركيا تحت الإقامة الجبرية والمهددين بالترحيل إلى مصر في أي وقت، بسبب إدانتهم بقضايا إرهاب.
وسهل عدد من القيادات النافذة في التنظيم الدولي للجماعة هروب القيادات من تركيا، فيما تم التخلي بشكل كامل عن بقي العناصر ممن يمثلون توجهات مختلفة عن التيار التاريخي داخل التنظيم.
واشتعلت الأزمة خلال الأيام الماضية بين الإخوان وحلفاءهم، ممن يصفون أنفسهم بأنهم معارضة مصرية من الخارج، خاصة الموجودين على الأراضي التركية، في ظل اتهامات متبادلة بالفشل والفساد والتخاذل.
غليان في التنظيم
ويشهد التنظيم حالة من الغليان منذ إعلان القائم بأعمال المرشد العام، إبراهيم منير، رسميا قرار حل المكتب الإداري لشؤون التنظيم بتركيا وكذلك مجلس شورى في يونيو الماضي، وكذلك تأجيل الانتخابات الداخلية التي كان من المزمع إجراؤها خلال أسابيع لاختيار أعضاء مجلس الشورى العام، لمدة ستة أشهر.
وإلى جانب الصراع المحتدم بين قيادات التنظيم الإرهابي، تعيش الجماعة خلافاً حاداً مع حلفائها، لعدة أسباب، الأول؛ هو محاولة الجماعة خوض التجربة التفاوضية مع مصر بالضغط على النظام التركي، لوضعها على أجندة المناقشات، وهو ما أفصح عنه مرشد التنظيم على إحدى القنوات الفضائية، فيما بدا أن أنقرة تجاهلت عناصر التنظيم الموجودين على أراضيها منذ عام 2014.
السبب الثاني، وفق المعلومات، يتعلق بتخلي التنظيم الدولي تماما عن الشباب الموجودين في تركيا دون أوراق رسمية، وإن كان العدد الأكبر منهم منتمي للتنظيم، وكانوا قد حصلوا على عدة وعود لإنهاء إجراءات إقامتهم في تركيا أو استخراج أوراقهم للتمكن من السفر إلى خارج البلاد، بينما يعيش أكثر من 2000 شاب حالة من الرعب خشية الترحيل إلى بلادهم في ظل التقارب المصري التركي.
السبب الثالث، يتمثل في وقف التمويلات "الضخمة" التي قدمها التنظيم الدولي، مقابل الهجوم على مصر، سواء من خلال الإعلام أو الكتائب الإلكترونية.
ويبدو أن التغييرات السريعة التي تشهدها السياسة الإقليمية، وفشل التنظيم في تحقيق أي أهداف تتعلق بأجندة عمله ضد الدولة المصرية، دفعت التنظيم الدولي لمراجعة حساباته خلال الفترة الماضية، وبإعادة تقييم الموقف رأى أن هؤلاء الأشخاص يمثلون عبأ عليه.
تركيا تدير ظهرها
وفي سياق متصل أكدت مصادر مطلعة أن السلطات التركية، رفضت مغادرة بعض قيادات التنظيم وحلفاءه البلاد، على رأسهم أيمن نور ومعتز مطر ومحمد ناصر، فيما غادر محمود حسين ومدحت الحداد البلاد لأنهما يحملان جنسية دولة أوروبية، وجميعهم مطلوبون على قوائم الإنتربول المصري ومتهمين على ذمة قضايا إرهاب.
ويرى الباحث المصري المختص في الإسلام السياسي، مصطفى أمين، أن حالة من الغضب الكبير تسيطر على قيادات التنظيم وأعضائها بسبب قرارات المرشد العام إبراهيم منير، متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة تحركات تصعيدية ضده قد تصل بالفعل إلى عزله، باعتباره تسبب في أزمات كبيرة للتنظيم ولم ينجح في حسم أي من الملفات العالقة.
واعتبر أمين في مقابلة مع "سكاي نيوز عربية " أن المرشد الحالي أساء التصرف إلى حد كبير ردا على التقارب المصري التركي، بسبب تصريحاته المتناقضة في حواره مع إحدى القنوات ولقاءه عدد من قيادات التنظيم مع حزب السعادة المعارض للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
وأوضح أمين التنظيم يعيش حاليا أزمة داخلية عاصفة سوف ينتج عليها انشقاقات داخلية وتصدعات، بعد أن كشفت قرارات الجانب التركي مدى خداع التنظيم لأعضائه برسم صورة غير حقيقية عن طبيعة الدعم التركي الذي سرعان ما تلاشى نهائيا بعد أن أدرك الرئيس أردوغان مدى الخطر الذي يمثله التنظيم على مستقبله السياسي وعلاقات بلاده مع محيطها الإقليمي.