تدهورت أوضاع الصحافة الورقية في السودان بشكل كبير، مما دفع 7 من الصحف اليومية للتوقف عن الصدور، وفاقم ذلك من ظاهرة هجرة الصحفيين نحو وظائف أخرى، بعضها شاق.
وعزا مختصون أزمة الصحافة السودانية إلى 4 أسباب وهي: تراجع حجم الإعلان بنحو 60 بالمئة، وانخفاض التوزيع بمقدار 25 بالمئة، إضافة إلى ارتفاع كلفة الإنتاج باكثر من 500 بالمئة خلال الفترة ذاتها، وعدم توفر البيئة المهنية والمادية اللازمة لاستقرار الكوادر الصحفية والفنية.
ويقول الأمين العام للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية، حسام الدين حيدر، لموقع "سكاي نيوز عربية" إن المجلس يعمل حاليا على وضع أسس تنظيمية جديدة تصب في إطار تحسين أوضاع المؤسسات الإعلامية والصحفية لضمان توفير بيئة مهنية جاذبة تحافظ على حقوق الصحفيين.
تراجع الإعلان والتوزيع
وإضافة إلى التراجع الكبير في حجم الإعلان الحكومي والتجاري خلال السنوات الثلاث الماضية؛ يشير تقرير صادر عن المجلس القومي للصحافة إلى انخفاض واضح في توزيع نحو 31 صحيفة يومية وأسبوعية.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى ان معدل التوزيع الحالي يتراوح بين 35 إلى 40 ألف نسخة يوميا وهو معدل منخفض جدا مقارنة بعدد سكان السودان البالغ نحو 39 مليون نسمة، كما أنه بعيد عن المعيار العالمي لمنظمة اليونسكو الذي يفترض معدلات توزيع 100 نسخة لكل ألف من السكان.
هجر المهنة
فاقمت أزمة الصحافة الورقية في السودان من ظاهرة هجر الصحفيين لمهنة الصحافة والبحث عن أعمال أخرى تمكنهم من الوفاء باحتياجاتهم المعيشية، في ظل تدني الأجور وارتفاع تكاليف الحياة بشكل كبير.
وضجت وسائل التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة بالعديد من قصص الصحفيين الذين لجأوا للعمل في أنشطة أخرى بعيدة عن الخط المهني، مثل الميكانيكا وقيادة سيارات الأجرة وإدارة محال البقالة وغيرها.
ووفقا لعثمان الطيب الذي عمل في الصحافة أكثر من 15 عاما ووصل إلى مدير تحرير تنفيذي لإحدى الصحف الرياضية، فإنه ورغم الخبرات التراكمية التي اكتسبها، إلا أن راتبه الشهري لا يكاد يكفي احتياجاته الأسرية لأسبوع واحد، مما دفعه لترك المهنة والعمل كسائق أجرة.
ويقول الطيب لموقع "سكاي نيوز عربية" إن بيئة العمل في الصحافة السودانية أصبحت طاردة، ولا تتوفر فيها أبسط الاحتياجات، مثل الأجر المعقول وفرص التدريب والمعينات التي تمكن الصحفي من تطوير نفسه ومواكبة المتغيرات العالمية المتلاحقة.
أزمات متلاحقة
ويرى الكاتب الصحفي حيدر المكاشفي أن الصحافة السودانية تعاني الكثير من الأزمات التي تدفع الصحفيين خارجها.
ويوضح المكاشفي لموقع "سكاي نيوز عربية": "تفاقمت حدة أزمة الصحافة السودانية منذ نهايات القرن الماضي بسبب الارتفاع الجنوني في أسعار الورق ومستلزمات الانتاج والطباعة إضافة إلى الرسوم الضريبية والجمركية العالية الأمر الذي اثر سلبا على الشكل والمحتوى ومستويات اجور الصحفيين".
ويشير المكاشفي إلى ضرورة التفات الدولة لحقيقة المخاطر التي تتعرض لها صناعة الصحافة والتفكير جديا في البحث عن سيناريوهات واقعية لإنقاذها، عبر خيارات مثل تشجيع الدمج او التدخل الحكومي الغير مباشر من حيث تقديم الإعفاءات الجمركية والضريبية وتنظيم تدفق الإعلان الحكومي.
جهود حكومية
من جانبه، يؤكد حسام الدين حيدر، الأمين العام للمجلس الوقومي للصحافة والمطبوعات الصحفية أن المجلس يعمل بالتعاون مع الصحفيين والجهات المختصة الاخرى على وضع الأسس اللازمة لمعالجة الأزمات التي يعاني منها القطاع.
وأوضح أن المجلس ينخرط في لقاءات تفاكرية وورش عمل مع الشركاء المعنيين للوصول إلى رؤية متكاملة تضع حلولا موضوعية وقابلة للتنفيذ.
وشدد على أن الصحف ملزمة بتوفير بيئة العمل الصالحة لممارسة المهنة، من حيث المقار الآمنة والتجهيزات والمعينات الداعمة للعمل المهني إضافة إلى برامج التدريب والتأهيل المستمر التي تعزز وتطور قدرات الصحفيين.
وقال إن المجلس يضع ضمن أولويات المرحلة الحالية تبني الأسس اللازمة لتحسين اوضاع الصحفيين والحفاظ على حقوقهم.