تصاعدت المطالبة في إقليم كردستان العراق لتعويض عشرات الآلاف من ضحايا عملية "الأنفال"، التي أطلقها النظام السابق، ضد الأكراد، أواخر الثمانينيات من القرن الماضي.

ويطالب هؤلاء الحكومة المركزية في بغداد بتعويض الضحايا وذويهم، لكن هناك حالة من الإحباط تسود إقليم كردستان العراق، بسبب عدم التزام الحكومة المركزية العراقية بأي من تعهداتها أو قرارات المحكمة العراقية العُليا، القاضية بالتعويض المادي والرمزي والحقوقي لما يقارب 180 ألف مدني كُردي عراقي، كانوا ضحايا تلك الحملات، في عهد نظام صدام حسين.

رحلة مريرة

روجين هماوندي واحدة من أُسر الضحايا الأكراد تروي لموقع "سكاي نيوز عربية" قصة مطالبتها بحقوقها المادية والرمزية من الحكومة المركزية.

وتقول: "كانت قريتنا في منطقة كرميان جنوب شرق مدينة كركوك من أولى المناطق التي تعرضت لحملة الأنفال، في أوائل ربيع عام 1988. زوجي الذي كان يعمل مدرسا ابتدائيا، ومعه اثنان من أولادي الذين كانوا بعمر المراهقة، راحوا ضحايا تلك الحملة. فبعد فصلنا عنهم، وجدت جثثهم في مقابر جماعية في منطقة السماوة جنوب العراق عام 2012".

وتضيف: "بفقدان زوجي دمرت حياتنا، هُجرنا من القرية وفقدنا حق الملكية في أراضينا الزراعية، لم يُكمل أبنائي الباقيين دراستهم، وعملت في أقسى أنواع المهن لتأمين الأساسيات. منذ قرابة 20 سنة نتقدم بطلبات ودعاوي للتعويض، جزء منها مادي، لكن الأهم هو التعويض الرمزي، فمثلاً زوجي كان مُدرساً لقرابة 20 عاماً، وعلم آلاف الطلبة، فما المشكلة مثلاً لأن تُسمى مدرسة ما باسمه".

تفاصيل الحملات

حملات الأنفال كانت عبارة عن 6 عمليات عسكرية، قادها الجيش العراقي والميليشيات المرادفة له على مختلف المناطق ذات الأغلبية الكردية.

وسميت الحملة بذلك الاسم، كون صدام حسين كان يستخدم الآية الأولى من السورة الثامنة من القرآن الكريم "سورة الأنفال" في مقدمة البيانات العسكرية خلال تلك الحملة.

تقول الأرقام التي حددتها حكومة إقليم كُردستان العراق، إن قرابة 2000 قرية كُردية قد تم تدميرها، وإن أكثر من 180 ألف مدني كردي قتلوا، إلى جانب ترحيل قرابة نصف مليون كردي إلى المناطق الجنوبية من العراق، وتقترب هذه الأرقام مما لدى المنظمات الدولية من معطيات.

أخبار ذات صلة

بعد 33 عاما من الكارثة.. وضع إداري جديد لـ "حلبجة" العراقية
ثلث قرن على كارثة حلبجة.. مأساة حية في ذاكرة الأكراد

قرار غير منفذ

وفي أواسط عام 2006 بدأت محاكمة صدام حسين و6 متهمين آخرين بتهمة ممارسة الإبادة الجماعية فيما يتصل بجريمة الأنفال، وكانت المحكمة مُستمرة حين تم إعدام الرئيس العراقي في أواخر ذلك العام، بعدما أُدين لدوره في مذبحة الدجيل.

وفي شهر يونيو من العام 2007، أصدرت المحكمة الجنائية العراقية العُليا حُكماً في قضية الأنفال، أدانت فيها النظام العراقي السابق بارتكاب الجريمة السابقة، وطالبت حكومة البلاد بتعويض الضحايا.

ولم تفِ الحكومة العراقية بتعهداتها السابقة، ولم تتخذ أية إجراءات في ذلك الاتجاه، بما في ذلك بعض التعويضات الرمزية للضحايا، بالرُغم من كل الدعوات السياسية والشعبية، وفق إقليم كردستان.

ويقول الباحث الحقوقي الكردي، زانيار جيلي، لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الحكومة المركزية في العراق لا تفي بتعهداتها   لجهة عدم تعويض ضحايا حملات الأنفال.

وأضاف "إهمال مسألة ضحايا الأنفال هي سياسة مُتبعة من جميع الحكومات العراقية منذ العام 2004 وحتى الآن، الامر الذي يعني أنه أمر يتعلق بمختلف القوى السياسية العراقية المركزية، التي لا تريد أن تعرف فعليا إن آلاف القرى ومئات الآلاف من الأكراد تمت إبادتهم في مختلف المناطق الكُردية في العراق، وإن عمليات التعريب والتغيير الديموغرافي تلتها مباشرة، وأن أي تعويض مادي ورمزي يفترض أن تُستعاد حقوق هؤلاء المدنيين الأكراد، وتالياً ضمن مناطق كُبرى استقطعت من إقليم كُردستان وتم ضمها إلى محافظات أخرى".