لم تكن الحرارة عادية في المغرب، خلال الأيام القليلة الماضية، فسجلت الحالة الجوية موجة حرارية في معظم أرجاء المملكة، لا سيما في المناطق الداخلية البعيدة عن السواحل.

وقد سُجلت درجات حرارة قياسية خصوصا يومي 13 و14 أغسطس الجاري بلغت أكثر من 49 درجة في بعض المدن، وهو ما يعد تجاوزا للحرارة القصوى الشهرية في المملكة بـ5 إلى 12 درجة.

وأرجع المسؤول عن التواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية، الحسين يوعابد، هذا الارتفاع في الحرارة في المغرب إلى "ظاهرة الشرقي".

وأضح يوعابد في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذه الظاهرة "تعزى إلى صعود كتل هوائية حارة وجافة قادمة من الصحراء الكبرى نحو بلادنا".

تغيرات مناخية عالمية

ويرى الخبير في قضايا البيئة والتغيرات المناخية، سعيد شكري، أن درجات الحرارة القياسية التي سجلت في بعض المناطق والمدن المغربية شهري يوليو وأغسطس: "ترتبط بالمناخ على المستوى العالمي، إذ اعتبر شهر يوليو الماضي من أكثر الأشهر حرارة في تاريخ الكرة الأرضية".

واعتبر الخبير في التغيرات المناخية، أن "ذلك عائد إلى أسباب مختلفة وكل طرف يعطيه تفسيرات"، مرجحا أن "التفسير الأقرب إلى الواقع هو ما يشهده العالم من تغيرات مناخية، أو ما يسمى بالحالات المتطرفة للتغيرات المناخية، والتي تتجلى في ما نلاحظه من فيضانات وارتفاع درجات الحرارة والحرائق وفترات الجفاف".

وأضاف: "نحن نعلم أنه عندما ترتفع درجات الحرارة وخاصة على مستوى المحيطات، يؤدي إلى تبخر هذه المحيطات التي ينتج عنها كتل هوائية ساخنة ترتفع في الأجواء وتصل إلى بعض المناطق".

مدن بدون غابات

وفي تفسير آخر، لا يستبعد أستاذ علم المناخ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، محمد حنشان، معطى آخر للظاهرة الجوية، التي "تنمو بتغول الكتل الحارة من المناطق المدارية"، تتعلق بـ"التمدن والتوسع الحضري على حساب المساحات الخضراء".

وقال أستاذ علم المناخ، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية": إن "ارتفاع الحرارة أصبح أكبر في المدن التي لا تتوفر على مساحات خضراء".

وتابع قائلا أنه مع موجات الحرارة تصبح الحياة داخل المدن الداخلية خصوصا "أشبه بالعيش وسط الجحيم"، مبرزا أن "المدن الخضراء يمكن أن تساهم في تلطيف المناخ الحضري، وجعل الناس يقضون صيفهم في درجة حرارة محتملة".

تهديد للبيئة والإنسان والحيوان

ويرجح الخبراء أن هذه الحرارة المرتفعة ستكون صعبة على كوكبا الذي يشهد ازديادا في الاحترار، وسيشكل تهديدا حقيقيا للبيئة والإنسان والحيوان.

وفي هذا الإطار، أوضح الخبير في قضايا البيئة والتغيرات المناخية، سعيد شكري، أن "ارتفاع درجات الحرارة لها تأثير أكيد على البيئة، ولعل الحرائق اليوم هي نموذج حي، لأن التغيرات المناخية وخاصة تعاقب فترات الجفاف تؤدي إلى جفاف الغطاء النباتي وقابليته للاشتعال. لهذه الظاهرة الجوية تأثيرا على التنوع البيولوجي، باعتبار الكائنات الحية سواء البحرية أو البرية، مرتبطة بشكل كبير بدرجات الحرارة".

وخلص شكري إلى أن "المتضرر الأكبر من هذه الحرارة تبقى هي المناطق الهشة التي ليست لها إمكانيات ووسائل من أجل مقاومة هذه الحرارة والتكيف معها".

وضع متفاقم ومستقبل حار

مسألة التكيف، وإن على مضض، تبقى واردة جدا، لأن توقعات الخبراء في المناخ لا تستبعد أن تشهد المملكة على المدى القريب والمتوسط موجات حر منتظمة وأكثر كثافة إذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه.

ووفق شكري فإن "ارتفاع مستوى الحرارة سيستمر في السنوات القادمة"، مشيرا إلى أن "التقرير الأخير للهيئة العلمية لتتبع المناخ توقعت أن العالم سيعرف ارتفاعا في درجات الحرارة بـ1.5 في أفق 2030".

أخبار ذات صلة

بعد التهام واحات الجنوب.. الحرائق تستعر بغابات شمال المغرب

وبدوره لفت المسؤول عن التواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية، الحسين يوعابد، إلى أن "التقارير الصادرة عن اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، تؤكد أن كمية انبعاث الغازات الدفيئة في الهواء وصلت إلى مستوى غير مسبوق مما يسبب في احترار العالم، وإذا لم تتخذ إجراءات صارمة، جريئة وآنية سيتفاقم الوضع مستقبلا أسوأ مما هو عليه الآن".