في عملية عسكرية هي الثانية من نوعها في غضون نحو 10 أيام، أعلن رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، الاثنين، إطلاق عملية جديدة في قضاء الطارمية شمالي بغداد، لملاحقة الخلايا النائمة لتنظيم داعش الإرهابي هناك.
وجاء الإعلان عن انطلاق العملية العسكرية هذه خلال زيارة الكاظمي إلى الطارمية، وفق بيان مكتبه الإعلامي.
وكان قضاء الطارمية، قد شهد قبل يومين، هجوما لداعش على مقر لميليشيات الحشد الشعبي، ما أسفر عن سقوط 3 قتلى من عناصرها.
هذا وكانت القوات العراقية قد أطلقت في الـ14 من أغسطس الجاري، عملية ضد بقايا تنظيم داعش الإرهابي، شمالي العاصمة العراقية بغداد.
وشاركت في العملية قيادة عمليات بغداد، وساندتها القوات الجوية وطيران التحالف الدولي لمحاربة داعش، بالإضافة إلى عناصر الشرطة الخاصة والشرطة الاتحادية وميليشيات الحشد الشعبي.
وحول مجمل التطورات الأمنية المتسارعة في قضاء الطارمية، قال المحلل والباحث السياسي جبار المشهداني، وهو من أبناء تلك المنطقة في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية": "بفعل موقع الطارمية الجغرافي الحساس، كونها خاصرة بغداد الشمالية، ومحاذية لمحافظات ديالى شرقا وصلاح الدين شمالا والأنبار غربا، ما يجعلها إحدى بوابات بغداد الأساسية، فضلا عن كونها منطقة غنية اقتصاديا، حيث المزارع والبساتين ومزارع الأسماك وغيرها، ما يضعها دوما في عين العاصفة وتكثر الأطماع فيها، حيث كثيرا ما يتم اتهامها بكونها من الأماكن التي تكثر فيها حواضن الإرهاب وخلاياه النائمة، وما يثير الاستغراب أن العمليات العسكرية منذ العام 2004، وهي مستمرة فيها، فأين النتيجة من كل هذه الحملات المتوالية وعلى مدى نحو عقد ونصف، وكيف يمكن لتلك الخلايا النائمة البقاء رغم كل هذه الحملات العسكرية والأمنية الحكومية المحمومة، ما يطرح علامات استفهام حول حقيقة دوافع ما يتم في الطارمية".
وأضاف المشهداني: "القضية سياسية في واقع الحال وليست أمنية، ومن أهم الأسباب لما تتعرض له الطارمية هو موقعها الجغرافي الاستراتيجي، حيث تقع على طريق الحرير الإيراني الذي يمر من ديالى فالطارمية فالأنبار فسوريا، ولهذا هي مستهدفة بغية إحداث تغيير ديمغرافي سكاني فيها، كي تتحول لممر آمن لتصل إيران عبرها لموانئ البحر الأبيض المتوسط، وهذا هو الهدف الأساسي غير المعلن".
وتابع قائلا: "لطالما طالب أهالي الطارمية بأن يكون أبناء المنطقة هم من يتولون أمنها وحمايتها، في سلك الشرطة وقوى الأمن المحلية، لكن مع الأسف فالذي يسيطر على الأجهزة الأمنية والعسكرية في الطارمية هي ألوية الحشد الشعبي وفصائله الغريبة عن المنطقة".
وعن العملية العسكرية التي أعلنتها الحكومة العراقية في الطارمية، قال المشهداني: "هذه ليست العملية العسكرية الأولى ولن تكون الأخيرة، لكن السؤال هنا ما هي الجدوى منها؟ حيث نظمت قبلا حملات أكبر وأشمل من هذه لكنها لم تنجح، كون شرط النجاح يكمن في فرض الأمن والاستقرار في تلك المنطقة، هو تولي أبنائها مسؤولية ضبط الأمن فيها، فهم وحدهم يعرفون الغرباء عنها، ويعرفون جيدا تضاريس الطارمية ومداخلها ومخابئها، لأن المنطقة وعرة وصعبة عسكريا، حيث تنتشر البساتين والحقول الكثيفة، وهي مطلة على نهر دجلة فضلا عن كونها مفتوحة على 4 محافظات مجاورة لها، ما يعني أن الحاجة ماسة لتشكيل قوات محلية من أهل المنطقة، لمسك زمام الأمور وتكريس الأمن والسلام فيها".
ومن جانبه يرى مصدر صحفي مقرب من الحكومة العراقية، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية" أن : "لدى أهالي الطارمية مظالم ومطالب محقة، والمنطقة بحاجة لاهتمام جدي بها ومعالجة ما تعانيه خاصة على الصعيد الأمني، فضلا عن كونها منطقة زراعية حيوية جديرة بالاستثمار في مواردها وطاقاتها الوفيرة، لكن هذا كله لا ينفي أن ثمة تواجدا لعناصر من داعش في المنطقة، وأن المطلوب هو تضافر الجهود الحكومية والأهلية، لتجفيف منابع التنظيم الإرهابي هناك، وطي صفحته السوداء التي تعكر صفو المنطقة".
جدير بالذكر أن وتيرة العمليات الإرهابية لبقايا تنظيم داعش وخلاياه النائمة، باتت تتصاعد بشكل ملحوظ ولافت، خلال الأشهر القليلة الماضية في مختلف أرجاء العراق، وخاصة في مناطق رخوة أمنيا كقضاء الطارمية ومناطق التماس بين القوات العراقية وقوات البشمركة في محافظات كركوك ونينوى وديالى وصلاح الدين، موسعة نطاق استهدافاتها لتطال فضلا عن المواقع العسكرية والمدنية العراقية، حقول النفط والغاز، وشبكات إنتاج وأبراج نقل الطاقة الكهربائية والمائية.