احتدمت الخلافات الداخلية بين رئيس حركة النهضة الإخوانية، راشد الغنوشي، من جهة، وعدد من قياداتها المتمسكين باستقالته من جهة أخرى.
ويصر خصوم الغنوشي في حركة النهضة على تحميله المسؤولية عن الأخطاء التي أدت تهاوى شعبية الحركة، وسقوطها أمام غضب الجماهير وقرارات الرئيس التصحيحة التي أعلن عنها في 25 يوليو الماضي.
ووفق مصادر تونسية مطلعة، دخلت قيادات بارزة من التنظيم الدولي للإخوان على خط الأزمة الداخلية، انحيازا للمطالب الخاصة برحيل الغنوشي وتسريع عقد المؤتمر العام للنهضة، الذي تم تأجيله مرارا بحجة الظروف السياسية التي تعيشها الحركة.
وتقول المصادر التي تحدثت لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن التنظيم الدولي يحاول إنقاذ حركة النهضة، لأنها الذراع السياسية الأخيرة التي بقيت له بعد سقوط التنظيم عن الحكم في عدة دول عربية، ويرى أن بقاء الغنوشي سيحيل دون أي محاولة للتوافق مع القوى السياسية التونسية، خاصة أنه فشل في تدارك الأزمة الراهنة والتعاطي معها.
وتشير المصادر أيضاً إلى أن رفض قطاع كبير من قيادات النهضة وقواعدها في تونس استمرار الغنوشي بمنصبه والصراعات التي تأججت بشكل حاد خلال الأيام الماضية وعززتها إجراءات25 يوليو، تؤكد أن مهمته أضحت أمرا شبه مستحيل، وأن الحل الأمثل لمحاولة إنقاذ الحركة هو إجراء تغييرات هيكلية كبيرة تشمل الغنوشي وعدد من القيادات الكبري لرأب الصدع الداخلي ووقف نزيف الانشقاقات.
وبحسب المصادر، يحاول التنظيم الدولي ومعه كتلة لا يستهان بها من داخل الحركة التونسية، إبعاد الغنوشي عن المشهد ولو لفترة، واختيار شخصية أكثر مرونة وتوافقية لقيادة النهضة في ظل الأزمة الراهنة، مع الاعتراف علنياً بمسؤولية الغنوشي وبعض القيادات، خاصة نواب البرلمان عن أخطاء المرحلة والاعتذار للشعب.
ولم توضح المصادر طبيعة الشخصيات المرشحة لخلافة الغنوشي مشيرة ألى أنه أخر سيحسمه المؤتمر العام، ومشيرة في الوقت ذاته إلى رفض الغنوشي قطعيا فكرة التنازل عن رئاسة الحركة، وتمسكه بالاستمرار مع المراوغة المستمرة لتأجيل انعقاد المؤتمر العام تحججاً بالوضع الراهن.
غليان في النهضة
وبسؤال المصادر عن إمكانية عزل الغنوشي داخلياً، قالت إن ما يحدث داخل الحركة في الوقت الراهن يشبه "غليان الزيت"، وإن كل الاحتمالات واردة في ظل حالة الفوضى والتمرد الداخلي، خاصة أن قرارات الغنوشي تتسم بتعنت مبالغ فيه ويبدو أنه يفضل مصلحته الشخصية على بقاء الحركة، وهو ما يزيد حالة الغضب تجاهه.
وأشارت المصادر إلى أن تحركات الغنوشي بدت مرتبكة ومتوترة إلى حد كبير خلال الأيام القليلة الماضية، وعكست حالة الفوضى داخل النهضة، فبعد تصريحاته التي وصف فيها ما حدث في البلاد بـ"الانقلاب على الدستور"، عاد مرة ثانية وتحدث عما وصفه بـ"فرصة الإصلاح".
وأكدت المصادر أن الأزمة الكبرى التي تواجهها النهضة هى الرفض الشعبي الذي تجلى في رفض دعوة الغنوشي للتظاهر يوم 26 يوليو الماضي، وظل لساعات واقفاً أمام البرلمان المغلق في وجهه مع عشرات فقط من أنصاره، وهو ما يجعل مسألة تجديد الدماء داخل الحركة باتت أمراً لا محالة.
الغنوشي كبش فداء
ويرى المحلل السياسي التونسي، نزار الجليدي، أن عمليه عزل أو إقالة الغنوشي ربما تنجح في رأب الصدع داخل الحركة التي تعيش أزمة تاريخية، لكن الشعب التونسي بات يدرك جيداً حقيقة ما يمثله هولاء جميعا، من خطر على الأمن القومي للبلاد.
وفي تصريح لـ" سكاي نيوز عربية" يؤكد الجليدي أن الأحداث قد جددت الخلاف القائم بالفعل منذ عدة شهور بين إخوان الداخل والخارج، مشيرا إلى أن عناصر التنظيم الدولي يدعمون الغنوشي لأنه واحد من الحوافز المالية للتنظيم، ولكن عناصر حركة النهضة يرفضون تماما استمراره في رئاستها.
وأوضح الجليدي أن قيادات الداخل قد عبروا عن غضبهم تجاه الغنوشي، عندما طالبه أكثر من 100 قيادي منهم برلمانيون لتقديم استقالته قبل 4 أشهر، فيما عرف باسم بيان المائة، ثم تبرأ لطفي زيتون وهو أحد أبرز القيادات داخل الحركة، من نشاطها.
و جددت قيادات بارزة في مقدمتها سمير ديلو وعبد اللطيف المكي بإقالة راشد الغنوشي وتحمل النهضة مسؤوليتها عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بالبلاد، خلال الأسبوع الجاري.