أدى انفجار خزان للوقود في بلدة التليل بعكار شمالي لبنان، فجر الأحد، لسقوط أكثر من 20 شخصا، وإصابة قرابة 100 آخرين، بعضهم في حالة حرجة للغاية، وتم نقلهم إلى مستشفيات عكار وطرابلس.
واستفاق اللبنانيون على مشهد مروع ذكرهم بمشهد تفجير مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020 في بلدة التليل، المحاذية لبلدة الكواشرة الحدودية مع سوريا.
ولا تزال ظروف وقوع الانفجار غير واضحة حتى الساعة، بانتظار نتائج التحقيقات، والاستماع الى إفادات المصابين الناجين ممن تجمعوا حول الخزان لتعبئة البنزين من المستودع المخفي تحت ورشة بناء، وقيل إنه بالقرب من الخزان المنفجر كانت هناك خزانات أخرى مخبأة، وهي تحت سلطة نائب المنطقة في التيار الوطني الحر أسعد درغام.
وكان أهالي منطقة عكار قد كشفوا عن الخزان بعد ظهر السبت، وحضرت قوة من الجيش في حينه لمعالجة الأمر.
وقال شهود عيان لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه وبعد مغادرة قوة من الجيش المكان ليلا، حصل تدافع كبير من قبل أبناء المنطقة لتعبئة ما تبقى من البنزين في الخزان، بوجود عناصر من مخابرات الجيش اللبناني في المكان، ويعتقد أنهم أصيبوا بالانفجار.
وتضاربت المعلومات حول سبب الانفجار، فبينما قال شهود عيان لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن شابين من بلدة التليل هما أصحاب الخزان أحدهم يدعى جورج رشيد، وهو من عناصر التيار الوطني الحر، قدم ولاعة لأحد أبناء الجالية السورية الذي يعمل لديه والمقيم في البلدة لتهديد الموجودين إلا أن الولاعة سقطت منه أرضا، ما أثار غضب صاحب الخزان وأطلق النار من مسدسه الخاص على الخزان ولاذ بالفرار بواسطة مجموعة من الشبان قبل الانفجار بثوان قليلة.
وعندما دوى الانفجار طارت أشلاء الجثث في المكان المموه كموقع لمواد البناء لصاحبه المدعو جورج رشيد، ليكشف الأمر لاحقا أنه صار مستودعا لتخزين البنزين والمازوت بشكل غير قانوني.
مسرح الانفجار
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، قال رئيس مجلس إدارة مستشفى خلف الحبتور في بلدة حرار في عكار، إن عددا من الجثث وجدت في المكان في ساعات الصباح الأولى، مضيفا: "هناك جثث متفحمة من الصعب التعرف على أصحابها".
ومن جانبه، قال مدير مستشفى السلام في مدينة طرابلس، غبريال سبع لموقع "سكاي نيوز عربية": "يصعب التعرف على الجثث المتفحمة والحروق التي أصيب بها الجرحى فهي من أقوى الدرجات، وقد توفي أكثر من جريح بعد وصوله إلى المستشفى، والجرحى لا يزالون يصلون المستشفى".
وطالب سبع المعنيين بضرورة تأمين العلاج المتخصص بالحروق، ومادة البنج للحاجة الملحة إليها.
وعلم موقع "سكاي نيوز عربية" أن الخزان المنفجر كان يحوي حوالي 60 ألف ليتر من مادة البنزين، ولا زالت هناك خزانات أخرى في جواره وعلى مقربة من مكان ورشة جورج رشيد.
رواية رئيس البلدية
وروى رئيس بلدية التليل العكارية جوزف منصور الذي كان في مكان الحادثة، التفاصيل التي شهدها قبل حصول مجزرة خزان البنزين نافيا ما يشاع عن إطلاق نار أدى إلى الانفجار، موضحا: "جرت مصادرة خزان البنزين عصر أمس السبت، وعند الثانية والنصف من فجر الأحد، تجمع عدد كبير من أهالي البلدة بالقرب من الخزان للحصول على البنزين، وحضرت قوة من الجيش وبدأت مفاوضات على أن يحصل اتفاق بتفريغ المادة المصادرة وتزويد الأهالي بها، وحصل تجمهر لعدد من الأشخاص، وحصل الانفجار بعد إشعال أحدهم ولاعته".
واستدعت الكارثة تدخلا عاجلا وطلب وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن من "المستشفيات جميعها في عكار والشمال وصولا إلى بيروت استقبال جرحى التليل على نفقة الوزارة".
أصداء الكارثة
وناشد أهالي التليل وعكار المواطنين التبرع بالدم من الفئات كافة، وتجمع المئات منذ ساعات الصباح الأولى في محيط موقع الانفجار حيث ضرب الجيش طوقا أمنيا حول المكان.
واقتحم عدد من أبناء عكار الذين تجمّعوا صباحا موقع الانفجار، وعمدوا إلى رمي عناصر الجيش بالحجارة.
وليلا، شاركت القوى الأمنية والدفاع المدني والأهالي والصليب الأحمر في إجلاء القتلى والجرحى، كما توجهت فرق الإسعاف في جهاز الطوارئ والإغاثة من طرابلس إلى المكان للمساعدة في عمليات نقل الجرحى والمصابين.
موقف رئاسة الجمهورية
واعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون، في بيان، أن "هذه المأساة التي حلّت بمنطقة عكار العزيزة أدمت قلوب جميع اللبنانيين الذين يقفون اليوم مع أبناء المنطقة في هذه المحنة التي ألمّت بهم".
وطلب "استنفار القوى والأجهزة الأمنية والصحية في المنطقة لمكافحة الحريق ونقل المصابين إلى المستشفيات وتقديم الإسعافات لهم على حساب وزارة الصحة"، كما طلب من "القضاء المختص إجراء التحقيقات اللازمة لكشف الملابسات التي أدت إلى وقوع الانفجار".