تتواصل حالة الفوضى في الغرب الليبي، حيث تستمر الاشتباكات بين المجموعات المسلحة في الزاوية وورشفانة، الواقعة جنوب غربي طرابلس، بينما تدفع مصراتة ضريبة عودة العناصر الميليشياوية من الجبهات ليتسببوا في انفلات أمني واسع داخل المدينة.
وقالت مصادر مطلعة، لـ"سكاي نيوز عربية"، إن الزاوية شهدت اشتباكات مؤخرا بين مسلحين في منطقة البرناوي، استخدمت فيه قاذفات مضادة للدروع ما أسفر عن أضرار في الممتلكات الخاصة، إضافة إلى سقوط ضحايا.
وأوضحت المصادر أن مصراتة استقبلت خلال الأيام القليلة الماضية شباب منها عائدين من بوقرين، غربي سرت، وطرابلس، والذين زادوا من الأزمة الأمنية المستمرة في المدينة منذ سنوات، وسط اشتباكات تدور بينهم لأقل أسباب، وتستخدم فيها أسلحة متوسطة وثقيلة.
كما استمرت حالة الاحتقان بين ميليشيات الزاوية وورشفانة، بعدما أقدمت الأولى على تفجير محل للمواد الغذائية في منطقة بئر سردين، مملوك لشقيق أحد قادة ميليشيات ورشفانة، إذ يتصارع الطرفان على الهيمنة على مسارات "تهريب الوقود"، حيث أوقفت مجموعات ورشفانة سيارات لتهريب الوقود تابعة لميليشيات الزاوية، وذلك في بوابة حيوية بالطريق الساحلي يبسطون سيطرتهم عليها، وسعت ميلشيات الزاوية إلى تضييق الخناق عليها، لترد اليوم بتلك العملية "الانتقامية".
الإخوان وتركيا.. والفوضى
ويرى مراقبون أن تلك التحركات، لا تأتي في إطار التصارع الميليشياوي فحسب، بل يتم إذكائه من قبل جماعة الإخوان، التي تسعى إلى تأكيد حالة الفوضى في الغرب الليبي، وبالتالي تعطيل الانتخابات، وخصوصا الرئاسية منها، وهو الأمر الذي يتوافق مع رغبات الجانب التركي الذي يسعى لضمان بقائه في ليبيا، ويتخوف موقف السلطة المنتخبة المقبلة التي ينتظر منها استعادة سيادة البلاد كاملة.
وهو الرأي الذي يذهب إليه الباحث السياسي الليبي محمد قشوط، مؤكدا أن ما يحدث من في طرابلس والمنطقة الغربية خلال الفترة الحالية، والتهديد بحرب بين الميليشيات، التي قد تندلع بشكل واسع في أي لحظة، بأنه يأتي في إطار "التأثير على خطة تأمين المراكز الانتخابية وضمان سلامة المواطنين".
وأضاف قشوط أنه حتى الآن تظل الصعوبات قائمة والعراقيل في الطريق إلى موعد الاستحقاق الانتخابي، متوقعا أنه كلما اقترب الموعد "ازدادت محاولات خلط الأوراق" من قبل جماعة الإخوان.
ويرجع الباحث السياسي لجوء الجماعة لهذه التكتيكات إلى تأكدها من "انعدام شعبيتها وتضائل حظوظها في أن تحقق مكاسب عبر الصندوق"، مردفا أن الشعب قد اختبر الإخوان وبات مدركا لحقيقتهم.
وهذه التحركات الميليشياوية، والفوضى الأمنية، لا يمكن النظر إليها بعيدا عن حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومسؤولي بلاده إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، خلال زيارته الأخيرة إلى إسطنبول، حيث جرى التفاوض حول "مستحقات" على حكومة فائز السراج منتهية الولاية، كما تناول أيضا معه ملف تعويضات الشركات التركية التي كانت تعمل في ليبيا، إضافة إلى استصدار "خطابات ضمان" لها من قبل مصرف ليبيا المركزي، وفق ما كشفته مصادر مطلعة.
كما جدد وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، موقف بلاده الخارج عن الإجماع الدولي بشأن ليبيا، قائلا إن قواته "باقية هناك ولن تغادر"، متجاهلا الدعوات الإقليمية والدولية، وطيف واسع من القوى السياسية في ليبيا المطالبة بخروج القوات الأجنبية والمرتزقة الذين جلبتهم أنقرة، تمهيدا لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة في ديسمبر المقبل.
وقال أكار في تصريحات صحفية إن الوجود التركي في ليبيا يأتي في إطار "التعاون العسكري والتعليمي" الذي تقدمه بلاده لصالح طرابلس، وفقا للتفاهمات الطرفين.
وأشار في تصريحات صحفية أن بلاده "تقدم استشارات أمنية وتدريبية، وأنهم (الأتراك) ليسوا أجانب في ليبيا وإنما يواصلون أنشطتهم هناك بدعوة من الحكومة".
ويوضح المحلل الاستراتيجي الليبي، محمد الترهوني، أن تركيا ماضية على نهجها، الذي تعتبر فيه منطقة غرب ليبيا تابعة لها، وذلك من خلال أذرع ليبية تمكنها من إقليم طرابلس، و"جعلت أموال الشعب الليبي في خدمة اقتصاد أنقرة المنهار".
وأفصحت تركيا عبر مواقفها الأخيرة عن نواياها "الرافضة" لإجراء الانتخابات، والحديث للترهوني الذي يشير إلى أنها "تعتبر نهاية وجودها في البلاد"، خاصة أن الشعب الليبي لفظ الإخوان، الذي تريد أنقرة به الإبقاء على مشروعها التوسعي في المنطقة.
وطالب الترهوني المجتمع الدولي باتخاذ خطوات جادة ضد التدخلات التركية، مبرزا أن "ليبيا تعتبر الأخير للمشروع الإخواني بقيادة تركيا ولذلك فهذه التصريحات وغيرها من الممارسات التركية تعتبر ’رقصة الديك المذبوح‘، لأنها إذا فقدت ليبيا بعد الخسارة الفادحة الذي مني بها التنظيم الإرهابي في مصر وحاليا في تونس سينتهي طموح الحكم العثماني الساعي إلى السيطرة على المنطقة".