"وزير الغلابة.. أبو المدن الجديدة"، وغيرها من الألقاب التي أطلقها المصريون على واحد من أبرز الوزراء الذين مروا على مصر، وهو الوزير حسب الله الكفراوي، الذي غيبه الموت، الخميس، عن عمر ناهز 91 عاماً.

اشتهر الكفراوي بنظافة اليد وقربه من البسطاء، وقيادته مشروعات الإعمار والتعمير والمدن الجديدة، فقد شهد عهده إنشاء 17 مدينة جديدة، إضافة إلى ست مناطق تعميرية في نطاقات مختلفة على صعيد الجمهورية، بخلاف مقترحاته الطموحة التي لم تر النور في فترة تقديمها.

خلال عهد الرئيس الراحل أنور السادات، بزغ نجم الكفراوي كأحد أبرز الوزراء الذين قادوا مهام التعمير، لا سيما بعد حرب السادس من أكتوبر، وقد أنجز جملة من المشروعات التي حفرت اسمه بحروف من نور. وواصل المسيرة في العقد الأول من عهد الرئيس الأسبق، حسني مبارك.

مسيرة حافلة

الكفراوي الذي ولد بإحدى قرى محافظة دمياط (شمالي مصر) في 22 نوفمبر من العام 1930، صاحب مسيرة عطاء زاخرة، حفرت اسمه ضمن أبرز المسؤولين المصريين الذين أسهموا بصورة كبيرة في التغيرات العمرانية بالبلد، وبشكل خاص لجهة "المدن الجديدة" الأولى.

بدأ الكفراوي مسيرته المهنية بعد تخرجه في كلية الهندسة جامعة الإسكندرية (شمال مصر) في العام 1950، إذ تدرج في مناصب مختلفة بالجهاز الإداري للدولة حتى وصل لمنصبه الأشهر الذي مكّنه من ترك بصمات خالدة، وهو وزارة الإسكان.

عمل الكفراوي بوزارة الكهرباء كمدير مشروعات في الفترة من 1967 وحتى 1973، ثم عمل نائباً لرئيس الجهاز التنفيذي لمشروعات تعمير القناة بعد حرب أكتوبر، وذلك في الفترة من 1974 وحتى 1975، كما عمل رئيساً للجهاز نفسه في الفترة من 1975 وحتى العام 1976، وشغل منصب نائب وزير شؤون التعمير بمجلس الوزراء بعد ذلك.

شغل حسب الله الكفراوي الذي شارك في بدايات حياته المهنية بالأعمال الأولية لبناء السد العالي في الفترة من العام 1957 حتى العام 1964، منصب الوزارة لمدة 16 عاماً متتالية، وذلك بداية من شهر سبتمبر 1977 وحتى شهر أكتوبر 1993.

البداية كانت مع توليه شؤون وزارة الإسكان في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات في الفترة من 1977 حتى العام 1978، وتوليه وزارة التعمير والمجتمعات الجديدة بعهد السادات من العام 1978حتى العام 1980. ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي في الفترة من 1980 حتى 1984.

وفي عهد الرئيس السادات أيضاً طرح الكفراوي مشروعه الطموح، والخاص بتحويل ممر قناة السويس إلى مركز لوجيستي عالمي؛ قائلاً إنه يسعى إلى خلق نموذج "هونغ كونغ" المصرية، إلا أن ذلك المشروع لم ير النور آنذاك.

وكان قد شغل منصب محافظ دمياط في عهد الرئيس السادات في الفترة من العام 1976 وحتى يناير 1977. وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، تولي الكفراوي الذي تمسك به سبعة رؤساء وزارة في مصر، وزارة الزراعة أولاً، ثم تولى حقيبة الإسكان من العام 1984 حتى العام 1991. وانتخب نقيباً للمهندسين في العام 1991.

المدن الجديدة

ينسب إليه الفضل في مشروعات الجيل الأول من المدن الجديدة في مصر، بإجمالي 17 مدينة، وأبرزها؛ مدينة السادات (نسبة إلى الرئيس الراحل أنور السادات) ومدينة العاشر من رمضان ومدينة 15 مايو ومدينة السادس من أكتوبر ومدينة دمياط الجديدة ومدينة مراقيا.

شهدت تلك المدن مجتمعات صناعية وعمرانية متطورة. وقد بدأ العمل فيها في وقت واحد، وأقيم فيها 920 مصنعاً.

يضاف هذا إلى دوره الكبير في تعمير العديد من المناطق، لا سيما في نطاقات القناة والساحل الشمالي وسيناء؛ انطلاقاً من المناصب التي شغلها في هذا السياق كواحد من أبرز الذين أسهموا في الخارطة العمرانية الجديدة لمصر في عهد الرئيس أنور السادات والعقد الأول من عهد الرئيس حسني مبارك.

أخبار ذات صلة

رحيل "أبو المدن".. أشهر وزراء الإسكان في مصر

وتماشياً مع تلك المشروعات العمرانية ودعماً لنهج الدولة آنذاك، أسس الكفراوي بنك التعمير والإسكان في العام 1978 وهو البنك الأول من نوعه في مصر؛ لدعم مشروعات البناء الخاصة بالشباب، مما أسهم في بناء مليوني وحدة سكنية لمحدودي الدخل في تلك الفترة.

وزير الغلابة

أطلق عليه المصريون لقب "وزير الغلابة" نظراً لدوره الداعم لمحدودي الدخل، لا سيما فيما يتصل بمشروعات الإسكان والمدن الجديدة، التي استفاد منها 2 مليون مواطن على الأقل. وكان الراحل يتميز ببساطته وقربه من الناس.

ونظير أدواره وإسهاماته العمرانية التاريخية، حصل الكفراوي على عدة تكريمات وأوسمة؛ أهمها وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى، ووسام بطولة العمل من الاتحاد السوفيتي، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى، ووسام الاستحقاق الفرنسي من الطبقة الأولى.