كشفت مصادر ليبية مطلعة، لـ"سكاي نيوز عربية"، عن بدء الميليشيات في الانسحاب بشكل واسع عن مناطق تمركزها غربي سرت، في حين ستنتشر قوة أمنية مشتركة في مواقع حاكمة على الطريق الساحلي الرابط بين شرقي البلاد وغربها.
يأتي ذلك بعدما أعلنت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5" فتح الطريق ابتداء من الجمعة، بعد "جهود كبيرة" تضمنت وضع خطط العمل لصيانة الطريق وإزالة الألغام ومخلفات الحرب، وتجهيز البوابات وأماكن إقامة الأفراد المعنيين بالتأمين وأعضاء اللجان المختلفة وغيرها من الأعمال.
وجاء هذا الإعلان إثر جولات مفاوضات طويلة شهدتها البلاد من أجل فتح الطريق، حيث ظلت تلك المسألة ورقة تحاول الميليشيات التي تنشط في المنطقة الغربية استخدامها لتحقيق عدد من المكاسب، ولكنها في النهاية أذعنت للضغوط الداخلية والدولية، حسب مراقبين.
ويشير المحلل الاستراتيجي الليبي العميد محمد الرجباني، إلى وجود ضغط دولي قوي على الميليشيات، خصوصا من الجانب الأميركي، وهو ما جعلها تذعن للإرادة المحلية والعالمية من أجل فتح الطريق.
وذكر الرجباني بأن الطريق الساحلي كان مطروحا للمساومة مع الحكومة، وتحول خلال الشهور الماضية إلى ملف "تبرم فيه الصفقات"، مشيرا إلى أن الميليشيات طلبت مئات الملايين من الدولارات من أجل فتح الطريق.
ونوه بالجهود التي بذلتها اللجنة العسكرية المشتركة من أجل إعادة فتح الطريق، خصوصا ما يتعلق بالترتيبات الأمنية من أجل تيسير الحركة عليه من قبل المواطنين.
وقالت اللجنة العسكرية، في بيانها عقب انتهاء اجتماعها بمدينة سرت، إن الطريق الساحلي يخضع لسيطرة لجنة الترتيبات الأمنية التابعة لها، مؤكدة أن هذه اللجنة ستضطلع بكل الإجراءات الأمنية بـ"حرفية" و"حيادية تامة" لضمان سلامة وأمن المارة.
وذكرت بما قررته سابقا بمنع حركة الأرتال العسكرية على الطريق الساحلي والممتدة حاليا من بوابة أبوقرين إلى بوابة الثلاثين غربي سرت، ودعت الهيئات والجهات الرسمية إلى ضرورة التنسيق المسبق معها عبر لجنة الترتيبات الأمنية في ما يخص حركة الشخصيات والوفود الرسمية المستعملة للطريق.
وثمنت اللجنة "الدور المميز" لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا لـ"إرساء السلام في ربوع ليبيا بشكل عام وفتح الطريق بشكل خاص"، وكذلك كل الأعمال التي قامت بها لجان إخلاء خطوط التماس، والترتيبات الأمنية، ونزع الألغام ومخلفات الحرب.
وأشاد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، باستكمال فتح الطريق الساحلي، واعتبارها خطوة جديدة في البناء والتوحيد، متقدما بالشكر للجنة العسكرية والبعثة الأممية على الجهود المبذولة لإنجاز هذا الملف الهام.
ويرى الباحث السياسي الليبي الهادي عبد الكريم، أن فتح الطريق من بين الإجراءات المطلوب التي تمت وكان مطلوبا إتمامها قبل عقد الانتخابات العامة المقررة في شهر ديسمبر المقبل، مشيدا بما حققته اللجنة العسكرية حتى الآن.
وأضاف أن اللجنة العسكرية ستتفرغ الآن لاستكمال أحد أبرز المهام الموكلة إليها، ألا وهي توحيد المؤسسة العسكرية، والنظر في مسألة حل المجموعات المسلحة التي تنشط غرب البلاد، وضم عناصره بشكل فردي.
وجاء في بيان اللجنة العسكرية، إنه تنفيذا لما تم الاتفاق عليه في الجلسات السابقة بضرورة وجود مراقبين محليين في هذه المرحلة، فقد تم تكليف عدد من الضباط الليبيين لمراقبة ما تم الاتفاق عليه.
وطالبت اللجنة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بسرعة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بوجود المراقبين الدوليين على الأرض للمساهمة في دعم آلية العراقية الليبية، وكررت مطالبتها الحكومة بالإسراع بتعيين وزير الدفاع.
وأعلنت اللجنة عن البدء في الإجراءات التحضيرية لإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من كافة التراب الليبي، ودعت اللجنة كافة الدول لتنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب وكذلك مخرجات مؤتمري برلين الأول والثاني.
ويحمل الطريق الساحلي الليبي رمزية كبيرة في وعي المواطنين، فبالإضافة إلى ما يمثله من أهمية لربطه شرقي البلاد بغربها، وعليه تنشط حركة التجارة والبضائع، فقد صار أمر فتخه مؤخرا رمزا يعبر عن وحدة البلاد، بعيدا عن حديث التقسيم.
ويمتد الطريق بطول ليبيا تقريبا، من مساعد عند الحدود المصرية، إلى رأس جدير قرب تونس، بطول 1800 كيلومتر، وكان شاهدا على المعارك الكبرى التي جرت خلال الحرب العالمية الثانية بين دول الحلفاء والمحور.