شهد لبنان، صباح اليوم الاثنين، جولة جديدة من الاستشارات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة، بعد أقل من عام فشلت خلاله محاولات تشكيل حكومة تتولى مهمة إخراج البلاد من دوامة الانهيار الاقتصادي المتسارع.

وتم تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة، بعد حصوله على 72 صوتا مقابل 42 لا تسمية وصوت واحد لنواف سلام وغياب 3.

وأتت هذه الاستشارات النيابية عقب اعتذار رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري عن تشكيل الحكومة.

وأبرز الأحزاب التي سمت ميقاتي، صباح الاثنين، عبر كتلها النيابية هي "تيار المستقبل" برئاسة الحريري و"حركة أمل" برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري و"المردة" برئاسة سليمان فرنجية وكتلة الوفاء للمقاومة برئاسة "حزب الله".

الجدير بالذكر أن الميثاقية في التشكيل أي التمثيل المسيحي من الممكن أن تتأمن من خارج تأييد الكتلتين النيابيتين المسيحيتين الأقوى في البرلمان، إذ أن هناك ما يفوق الـ20 نائبا مسيحيا من المرجح أن يعطوا تأيدهم للرئيس ميقاتي بتشكيل الحكومة.

تفاهم بين رؤساء الحكومات السابقين

بدوره، وصف النائب السابق مصطفى علوش لموقع "سكاي نيوز عربية " الجو بـ"التفاهم التام بين رؤساء الحكومات السابقين"، وقال إن "الشروط التي أصرّ عليها سعد الحريري ستبقى كما هي وترجم ذلك من خلال تأييد كتلة المستقبل للرئيس ميقاتي اليوم".

وأضاف علوش: "يبقى السؤال للعهد هل سيتغير الموقف تجاه الرئيس ميقاتي؟ فإذا حصل فهل هذا يعني أن الهدف كان إبعاد الرئيس الحريري؟ كما أن ارتباط المسألة بتأييد حزب الله للرئيس ميقاتي صار واضحاً وحينها يبقى العهد بمفرده في الساحة".

"لا أستغرب موقف حزب الله"

وقال الوزير والنائب السابق أحمد فتفت، لموقع " سكاي نيوز عربية": "شخصيا لن أنسى أن الرئيس ميقاتي كان يوما رئيس حكومة "القمصان السود"، وبالتالي لا أستغرب موقف حزب الله اليوم الذي سمى الرئيس ميقاتي، رغم أن البعض مقتنع أن الحزب بحاجة للدولة ولو كان هذا الكلام دقيقاً لكان دعم حزب الله كل من الرئيس الحريري أو السفير أديب".

وأضاف: "في النهاية، البلاد تحتاج لتشكيل حكومة وفي حال التزم الرئيس نجيب ميقاتي في بيان رؤساء الحكومات السابقين فؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام، نحن معه حتى النهاية لأن البيان تناول المفهوم السيادي الذي لا يؤمن به حزب الله بالممارسة وأيضا تناول التعاون مع صندوق النقد الدولي وحزب الله ضده وعلناً".

ووصف فتفت بيان الرؤساء السابقين للحكومات اللبنانية بالممتاز وقال إنه "بيان وطني بامتياز يصب في المصلحة الوطنية العليا".

وتابع: "أنتظر لأرى هل سيسمح حزب الله للرئيس ميقاتي بتأليف حكومة وإذا سمح له أي حكومة ستكون؟ وهل سيتم ذلك قبل جلاء الأمور بين أميركا وإيران في مفاوضات جنيف، فأنا على قناعة تامة بالمتغيرات الإقليمية الدولية".

أخبار ذات صلة

قصة 3 شقيقات.. يتألمن بصمت بين جدر أحد مشافي لبنان
ميقاتي بعد تكليفه: لا أملك عصا سحرية.. لكن لديّ ضمانات دولية

الأفعال تكشف حزب الله

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي أسعد بشارة لموقع" سكاي نيوز عربية": "يبقى حزب الله المنظومة الحاكمة نفسها التي تحكم لبنان والمستفيد الوحيد فلمجرد تسمية الحزب للرئيس ميقاتي هناك محاولة لإرضاء الطائفة السنية بعد أن تبين أن ميقاتي هو مرشح رؤساء الحكومات الأربعة السابقين وبينهم سعد الحريري، وعندما يصبح الرئيس ميقاتي رئيسا مكلفا وجب على حزب الله أن يضغط لتشكيل الحكومة فإذا كان الحزب جاداً في مواقفه، على عون تشكيل الحكومة سريعا وإذا لم يفعل هذا يعني أنه لا يريد حكومة وأن يبقى مهندساً للفترة التي تسبق الانتخابات النيابية".

وختم بشارة: "الرئيس المكلف أمام مهمة دقيقة جدا، ففي حال وضع مهلة زمنية لنفسه يكون قد نجا من السقوط في حقل ألغامهم بينما إذا انصاع لهم تكون بذلك قد سقطت حكومتهم قبل أن تولد".

يذكر أن ميقاتي سيكون الشخصية الثالثة التي يكلفها عون بتشكيل حكومة بعد استقالة حكومة حسان دياب إثر انفجار مرفأ بيروت المروّع في الرابع من أغسطس 2020، والذي أدى إلى مقتل أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من 6500 بجروح.

ويقع على عاتق الحكومة المقبلة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي كخطوة أولى لإخراج لبنان من الأزمة الاقتصادية التي صنفها البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي.