قررت الجزائر تشديد إجراءات الحجر المنزلي، وذلك بالنظر لتدهور الحالة الوبائية في الأسبوع الماضية، وما رافقها من أزمة في الأوكسجين على مستوى مستشفيات البلاد.
وجاء قرار العودة للحجر الصحي المنزلي بداية من الثامنة مساء إلى غاية السادسة صباحا، بأمر من الرئيس عبد المجيد تبون، خلال اجتماع مجلس الوزراء الذي عقد، يوم الأحد.
وشهدت الجزائر بداية من الأسبوع الأول من الشهر الجاري، انتشارا كبيرا لفيروس "دلتا"، وذلك بنسبة 71 في المئة من بين الفيروسات.
وتوقع معهد باستور أن تبلغ نسبة انتشاره أكثر من 90 في المئة خلال الأسابيع المقبلة.
أزمة الأوكسجين وقرارات حاسمة مرتقبة
في مقابل ذلك، تواجه مستشفيات الجزائر أزمة في الحصول على قارورات الأوكسجين المخصص لمرضى كوفيد-19، وقد دخل المواطن الجزائري في دوامة من البحث عن تلك المادة الحساسة، وتحولت صفحات التواصل الاجتماعي إلى منصة يوجه عبرها أهالي مرضى كوفيد-19 طلبات المساعدة للحصول على الأوكسجين.
وأمام هذه الوضعية دعا وزير الصحة عبد الرحمان بن بوزيد، إلى ضرورة التجند واليقظة لتوفير مادة الأكسجين وتشديد الرقابة على أجهزة حفظ هذه المادة.
وأحصت الجزائر في الأربع والعشرين ساعة الماضية حوالي 20 وفاة إثر الإصابة بالفيروس، مع تماثل 761 مريضا للشفاء خلال نفس الفترة، فيما تتواجد 46 حالة في العناية المركزة.
ورغم أن هذه الأرقام تبدو منخفضة مقارنة بالعديد من الدول التي تسجلت أرقاما كبيرة في الإصابات و الوفيات، إلا أن سوء تسيير الموارد البشرية والطبيبة هو ما يدفع بالأطباء في الجزائر لدق ناقوس الخطر، مع ظهور بوادر دخول البلاد في موجة ثالثة يصعب السيطرة عليها.
وأمام هذا المشهد المعقد، ارتفعت أصوات الأطباء والمواطنين المطالبين بضرورة فرض البلاد للحجر الكلي مع إعلان حالة الطوارئ لمدة أسبوعين.
ووصف رئيس النقابة الوطنية للأساتذة والباحثين الجامعيين البروفيسور رشيد بلحاج، الوضع الوبائي الذي تشهده الجزائر بالكارثي، مشيرا إلى ضرورة إعلان حالة الطوارئ بسبب عجز المستشفيات في الجزائر على احتواء الوضع.
من جهته، أكد البروفيسور بقاط بركاتي أن تدهور الوضع الصحي بهذا الشكل هو أمر خطير تعيشه البلاد في ظل وضع اقتصادي صعب.
وقال بركاتي لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الأزمة تتعلق بالتسير العام للمستشفيات التي شعرت بنوع من الاطمئنان في الأشهر الماضية مع تراجع عدد الإصابات، وتخفيف إجراءات الحجر الصحي.
وأكد بقاط أن تزايد الطلب على الأوكسجين، يعكس تعقد حالات المصابين سواء الذين يتواجدون داخل المستشفيات أو خارجه، وقال :"نحن أمام موجة ثالثة عنيفة جداً، مع انتشار أنواع مختلفة من الفيروسات التي لا نعرف التعامل معها بالشكل السريع".
صدمة رحيل أشهر الإعلاميين
وقد تحولت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، إلى صوان للعزاء، الذي يعلن في كل دقيقة عن وفاة جديدة لمصاب بكورونا.
ولعل من أبرز الأخبار التي صدمت الجزائريين، إعلان وفاة الإعلامي الشهير كريم بوسالم "49 سنة" متأثرا باصابته، وقد صارع الفيروس لمدة أسبوع بمستشفى تيز وزو.
ويعد بوسالم أحد أبرز مقدمي نشرات الأخبار في التلفزيون الحكومي وقد نزل خبر وفاته كالصاعقة على الجمهور والمتابعين.
في مقابل ذلك، فضلت السلطات الجزائرية اتخاذ قرارات صارمة لمحاصرة الوباء، حيث قررت غلق العديد من الشواطئ وأماكن التجمعات مع تعديل توقيت الحجر الليلي كحل للأزمة.
وقد أحصت الجزائر منذ بداية الأزمة 158.213 حالة مؤكدة، بينما بلغ عدد المصابين الذين تماثلوا للشفاء 108.537 شخص، في الوقت الذي وصل فيه إجمالي الوفيات 4008 حالة.
تحديات الاقتصاد وجلب اللقاح
ويرى الخبير الاقتصادي حميد عليو أن الجزائر تواجه أزمة مزدوجة، وهي تنظر للشق الاقتصادي والصحي بنفس العين، خاصة في ظل استمرار غلق الحدود البرية والجوية للبلاد منذ مارس 2020 (اعتمدت الجزائر نظام الفتح الجزئي للحدود الجوية شهر يونيو 2021).
وقال عليو لموقع "سكاي نيوز عربية" إن هناك أولوية قصوى لفرض الصرامة في تطبيق البرتوكول الصحي، مشيرا إلى أن قرار الحجر يحتاج لمزيد من الوعي لدى المواطن.
وقال: "هناك تحديات اقتصادية يجب أخذها بعين الاعتبار والأهم هو الإسراع في عمليات التلقيح خلال شهر أغسطس وذلك قبل الدخول الاجتماعي شهر سبتمبر الذي سيكون ساخنا بكل ما تحمله الكلمة من معنى".
ورغم هذا المشهد المقلق، إلا هناك بعض المؤشرات التي تحمل نوعاً من الأمل، حيث لم تسجل 15 ولاية أي حالة جديدة، فيما تشير الأرقام إلى أن 14 ولاية أخرى سجلت بها من حالة واحدة إلى 9 حالات، فيما سجلت 19 ولاية آخرى أزيد من 10 حالات.
وفي الفترة الأخيرة، كثفت الجزائر من حملات التلقيح وقد تسلمت مؤخرا 2.4 مليون جرعة من لقاح سينوفاك الصيني، ما يرفع عدد الجرعات إلى ستة ملايين تشمل لقاحات سبوتنيك-في وسينوفاك وسينوفارم.
وتحتاج الجزائر لـ40 مليون جرعة من أجل تلقيح 20 مليون شخص وذلك لبلوغ البلاد المناعة الجماعية التي ستكون بمثابة المرحلة النهائية لمعركة البلاد مع فيروس كورونا.