حددت القوى السياسية التونسية الخامس والعشرين من يوليو الجاري لتنظيم تظاهرات حاشدة ضد حركة النهضة الإخوانية، فيما أطلقت عليه "يوم الحشد"، ردا على وصفته بالانتهاكات التي مارستها الحركة وزادت مؤخراً من اعتداءات صريحة على المعارضة وشبهات حول استغلال المؤسسات القضائية.
وتتزامن الدعوات السياسية لإسقاط الإخوان مع حالة من الغضب الشعبي المسيطر على البلاد من جراء سياسيات النهضة التي أفسدت المسار الديمقراطي وعنفت المعارضين فضلا عن فضح محاولة استغلال المؤسسة القضائية لإفساد ملفات التقاضي في عدة قضايا إرهابية أبرزها مقتل شكري بلعيد ومحمّد البراهمي.
وكان مجلس القضاء العدلي، قرّر إيقاف القاضي السيد البشير العكرمي عن العمل، وأحاله للنيابة العامة، ولم تنجح محاولات حركة النهضة المستميتة في إيقاف القرار، الذي اعتبره مراقبون صفعة لمواجهة المحاولات الإخوانية لاختراق المؤسسات القضائية واستغلالها للضغط على الخصوم.
من جانبه طالب النائب منجي الرحوي بمصادرة أموال قيادات الإخوان وعلى رأسهم راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة ورئيس البرلمان، مؤكدا أن تضخم ثرواتهم تم على حساب مصلحة الشعب التونسي وإنه قد حان الوقت لاسترداد الحقوق.
وقال منحي داعياً الشعب التونسي للتظاهر ضد الحركة: "لنستعد ليوم الحسم ويوم العزة فالوطن في خطر" مضيفا:" لم يعد أحد يشك في الطابع الاجرامي لهذه الطغمة الحاكمة التي تستهدف الشعب في حياته، نعم في حقه في الحياة، وتستهدف الشعب في قوته وقوت أبنائه، وفي كرامته التي تداس يوميا، وفي سيادته الوطنية التي تستباح يوميا والتي تمرغ في الوحل."
وأضاف: "ليس للتونسيات والتونسيين ما يخسرون اليوم، ولم يعد لهم ما يخسرون سوى كسر قلاع القهر والظلم والحيف".
وتابع: "أحرار تونس توحدوا نظموا أنفسكم منذ الآن في الأحياء والمزارع والمصانع والمعاهد والكليات والمدن والأرياف في كل نقاط هذه البلاد، نظموا أنفسكم واتحدوا، ولن يستغرق منكم الكثير ولن يصمدوا كثيرا لأنهم جبناء أنهم أوهن من خيط العنكبوت، وليكن قرارنا استرجاع البلاد وعزة البلاد، والذل والعار لأعداء الشعب والوطن".
من جنبها جددت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى دعوات سحب الثقة من راشد الغنوشي، مؤكدة أنه الحل الوحيد أمام الشعب التونسي لإسقاط الظلام والتصدي لمحاولات خرق القانون وتدمير الدولة لصالح الولاءات الخارجية.
وأكدت موسى أن سلاح القوى السياسية التونسية المناهضة للإخوان هو تنوير العقول للتخلص من حركة النهضة، واصفة النهضة بالعصابة التي تحكم تونس.
ويقول المحلل السياسي التونسي بلحسن اليحياوي، إن دعوات القوى السياسية للتظاهر يوم ٢٥ يوليو تستهدف الحكومة وحركة النهضة وكافة المكونات المشاركة في الحكم في البلاد.
ويؤكد اليحياوي في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن حركة النهضة في الوقت الحالي محاصرة بالأزمات، خاصة بعد قطع الطريق أمامها باستغلال المؤسسة الفضائية وتطويعها للتلاعب بالملفات القضائية وخاصة الإرهابية التي لها صلة وثيقة بقيادات النهضة، ما يشكل قطع ذراعها القضائي، والإعلامي أيضاً، فضلاً عن الكثير من الانتقادات التي توجه للحركة على المستوى الإقليمي والدولي.
وأشار المحلل التونسي إلى أن استمرار الدعوات للتظاهر بشكل عشوائي ودون نظام ربما يصب في مصلحة حركة النهضة، إذا لم تتخذ شكلاً منظماً، مشدداً على أهمية أن تتم التظاهرات وفقاً لخارطة طريق، لأن استمرار الدعوات دونها يفرغها من مضمونها، ومشدداً على ضرورة أن تجتمع كافة الطوائف المناهضة لحكم النهضة على مجموعة من الأهداف والعمل على تحقيقها من خلال التظاهرات.
ويرى اليحياوي أن الإشكالية الخاصة بحركة النهضة تتمثل في الولاء، لأنها تعمل لصالح أجندة التنظيم العالمي للإخوان وليس وفق أجندة وطنية، ويغيب عن أدبياتها تماما مفهوم الدولة وقيم الوطنية، وبالتالي عندما وصلت إلى صنع القرار الساسي في تونس إبان الانتخابات التي جرت عقب 2011، لم تقدم أي جديد للسياسة التونسية، ولم تتمكن من تحقيق نجاح في إدارة الدولة.
وأوضح اليحياوي أن حركة النهضة لا تمتلك الأدوات التي تمكنها من إدارة الدولة أو تشكيل الحكومة بما تطلبه هذه العملية من إدراك لمختلف المعطيات، بالإضافة إلى غياب مفهوم الدولة القطر، التي تختلف أولوياتها مختلفة تماما عن هذا التنظيم الدولي للإخوان الذي لا يؤمن بالوطن ويعمل فقط لمصالحه الخاصة.
ويتابع اليحياوي أن جل تحركات حركة النهضة الإخوانية كانت تصب لصالح أجندات خارجية، مؤكدا أن العمل لصالح هذا التنظيم برأسيه قطر وتركيا كانت مسبقة على مصالح الوطن في تونس.
ويؤكد المحلل التونسي أن الجريمة الكبرى لحركة النهضة هي ما اقترفته بشأن ليبيا، الجارة العربية، التي تأذت بسبب تمكن حركة النهضة من مفاصل الدولة في تونس، وتواجدها على رأس دوائر صناعة القرار، وهو ما جعلها تقدم الكثير من التسهيلات للأطراف التي أرادت العبث بالجغرافيا الليبية، ولذلك كانت مساهمة حركة النهضة كبيرة جدا في تسهيل عمل تركيا في ليبيا وسهلت، خلال فترة حكمها للبلاد، مرور المسلحين والجهاديين إلى ليبيا عبر الأراضي التونسية، كما عبرت الأسلحة من حوض البحر المتوسط إلى ليبيا.
وبالعودة إلى الداخل التونسي يقول اليحياوي إن حركة النهضة أدخلت تونس في مرحلة خطيرة وجديدة وتسببت في أزمة سياسية غير مسبوقة.
وأشار إلى أن ما كانت تسمى بالجمعيات الخيرية في داخل البلاد وتلقت أموالا طائلة تحت الغطاء الخيري، لكنها في الحقيقة كانت مجرد ممرات لتدريب وتسليح العناصر المتطرفة والإرهابية، وغذت الجماعات الإرهابية في العالم، وهذه واحدة من الأشياء التي جعلت تونس تشهد للمرة الأولى اغتيال لرموز العمل السياسي الوطني.
وأكد أن حركة النهضة تحاول بشكل كبير ومكثف التغطية على اغتيال السياسي شكري بلعيد في المحاكم، مشيرا بهذا الصدد إلى محاولات الجماعة المستميتة للسيطرة على القضاء التونسي وهو ما نجحت به وتمكنت من تزوير عشرات القضايا لصالحهم.