كشفت مصادر أمنية في بغداد، أن الحرس الثوري أطلق مؤخرا خطة لتعقب المعارضين الإيرانيين داخل الأراضي العراقية، بالتزامن مع قرب تسلم الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي مهامه رسميا مطلع أغسطس المقبل.

وقال مصدر في جهاز الأمن الوطني العراقي إن "الخطة الجديدة التي أطلقها الحرس الثوري خلال زيارات أجراها قادته إلى بغداد، حيث التقوا قادة مجموعات مسلحة وفصائل في الحشد الشعبي، وبحثوا معهم طبيعة وجود المعارضين الإيرانيين في إقليم كردستان وبعض مناطق العاصمة".

وأضاف المصدر الذي طلب حجب اسمه، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الخطة الجديدة شملت إعداد قوائم جديدة بملاحقة عناصر المعارضة، وتفعيل لوائح أخرى كانت مجمدة، ورفع تقارير إلى شعبة خاصة بذلك في الحرس الثوري، لاتخاذ القرارات اللازمة".

ولفت إلى أن "أجهزة الأمن العراقية، خاصة في إقليم كردستان، تلقت مؤشرات عن تلك الخطة من جهات أخرى".

وتثير تلك الأنباء تساؤلات عما إذا كانت إيران ستتبع سياسية جديدة تجاه المعارضين بعد وصول رئيسي إلى سدة الحكم في البلاد، خاصة أن العراق ساحة نفوذ كبيرة لها.

لكنها قد تواجه مأزقا في إربيل عاصمة إقليم كردستان، حيث يصعب تنفيذ عمليات اغتيال كما يحصل في مدينة السليمانية، خاصة بعد مقتل المعارض الإيراني بهروز رحيمي.

أخبار ذات صلة

بعد الاغتيالات والتفجيرات..إيران تلاحق معارضيها بأوروبا هكذا
بعد دعوته خامنئي للتنحي.. اعتقال نجل زعيم إيراني معارض
طالبوا باستقالة خامنئي.. فاختفوا وراء القضبان
ألبانيا تضبط شبكة إرهابية تابعة للحرس الثوري الإيراني

 مقتل رحيمي

وقتل رحيمي برصاص مجهولين في منطقة نائية من محافظة السليمانية، الخميس، فيما بدأت السلطات المحلية بالتحقيق في الحادثة.

وقال المتحدث باسم شرطة السليمانية سركوت أحمد، إن "مواطنا من شرق كردستان كان يعيش في الإقليم قتل بالرصاص على حدود محافظة السليمانية".

وأضاف سركوت في حديث لوسائل إعلام كردية، إن "الضحية كان حارسا في أحد المخازن، وهو من مواليد عام 1972".

وبحسب نشطاء كرد، فإن رحيمي، هو أحد الأكراد الإيرانيين المسجلين كلاجئين سياسيين في السليمانية، يعتبر أحد المطلوبين داخل إيران بتهمة معارضة النظام، علما أنه كان ينتظر برنامج التوطين الخاص بالأمم المتحدة.

وأظهر مقطع مرئي بثته وسائل إعلام محلية، رحيمي، عندما كان يروم دخول منزله، لكن سيارة توقفت أمامه فيما أمطره المسلحون بوابل من الرصاص وأردوه قتيلا.

وأعلن مجلس معني باللاجئين الكرد الإيرانيين، الخميس، مقتل رحيمي برصاص مجهولين في محافظة السليمانية.

وقال مسؤول منظمة "لاجئي شرق كوردستان (إيران)" رزا مرادي، إن "مسلحين مجهولين اغتالوا اللاجئ السياسي المستقل بهروز رحيمي الملقب بـ(ريبين)، وعمره 49 عاما".

وأوضح أن "ريبين فارق الحياة جراء تلقيه 4 رصاصات خلف الرأس من سلاح مزود بكاتم للصوت"، مشيرا إلى أنه تعرض للهجوم عندما كان على رأس عمله في منطقة زالة قرب ناحية عربت، حيث كان حارسا في إحدى مخازن الأدوية".

وشدد مرادي على ضرورة إجراء تحقيق عادل للوصول إلى الجناة وتقديمهم للمحكمة لينالوا جزاءهم.

اتهام للنظام الإيراني

ولم يستبعد مرادي في حديثه لوسائل إعلام محلية "وقوف النظام الإيراني خلف الاغتيال، لأنه كان سياسيا ومعارضا مستقلا".

وحمّل ناشطون أكراد السلطات الإيرانية وأجهزتها الأمنية بالوقوف وراء عملية اغتيال الناشط السياسي المعارض.

وتشير منظمات حقوقية معنية بضحايا المعارضين، إلى أن الأجهزة الأمنية الإيرانية ووكلاءها اغتالت في العقود الأخيرة ما يقرب من 400 من الناشطين السياسيين وأعضاء أحزاب من أبناء القومية الكردية داخل إقليم كردستان.

وما تزال عملية استدراج المعارض والصحفي المعروف روح الله زم، من فرنسا إلى العراق، ماثلة في أذهان العراقيين، ودليلا على تغول الحرس الثوري ونشاطاته ضد المعارضين.

وأعلن الحرس الثوري الإيراني عام 2019 الوصول إلى زم، الذي كان واحدا من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل.

ووجهت للمعارض 13 تهمة من بينها التحريض على إثارة حرب أهلية، وتأجيج الاحتجاجات التي شهدتها إيران بين عامي 2017 و2018، و"نشر الفساد في الأرض" والتجسس لصالح جهات أجنبية.

نشاط متصاعد

وتوجد 6 أحزاب وجماعات سياسية إيرانية كردية معارضة لطهران على الأراضي العراقية منذ ثمانينيات القرن الماضي، وكانت أغلبها تتلقى دعما من الحكومة العراقية، وبشكل خاص خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988.

وبعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، تراجع نشاط أحزاب المعارضة الإيرانية بشكل لافت نتيجة التدخلات الإيرانية في شؤون العراق، وانتشار المليشيات الموالية لها في أنحائه، حتى باتت بعض الأحزاب العراقية في البرلمان تضغط لطردها نهائيا من البلاد.

ومطلع الشهر الجاري، احتضنت بغداد سلسلة اجتماعات لقيادات في الحرس الثوري، بحضور رئيس الاستخبارات في الحرس حسين طائب.

وبحسب مصادرنا، فإن طائب التقى مسؤولين عراقيين وقيادات في الحشد الشعبي والفصائل المسلحة، وبحث معهم ملف وجود القوات الأميركية، وكذلك وضع الانتخابات والمعارضين الإيرانيين على الأراضي العراقية.

وقال الناشط الكردي سرهنك عثمان، إن "نشاط الحرس الثوري تزايد في إقليم كردستان خلال السنوات الماضية، خاصة في محافظة السليمانية، إذ أن لديهم وجودا غير مرئي بالتعاون مع بعض الأحزاب والكيانات، وهذا يؤثر على سمعة الإقليم في المجتمع الدولي مما يحتم اتخاذ موقف حاد وواضح، خاصة أن تلك المجموعات لديها أهداف توسعية ولا تكترث لأمن البلاد الأخرى".

ويضيف الناشط في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "مناطق إقليم كردستان كانت على مدار السنوات الماضية، عصية على الفصائل والحرس الثوري بنسبة كبيرة جدا، لكن الخلافات الأخيرة داخل إدارة الإقليم ستلقي بظلالها سريعا على أمن السليمانية، مما سيفسح المجال ربما إلى تدخل دول الجوار مثل تركيا وإيران".