دخلت الطائرات المسيّرة عالم تهريب المخدرات إلى أوروبا، بعدما ضيّق الأمن المغربي الخناق على مهربي المخدرات على مستوى المسالك التقليدية بحرا.
فبعد تفكيكها شبكة إجرامية تنشط في نقل المخدرات من المغرب نحو البلدان الأوروبية، حجزت السلطات الإسبانية بتنسيق مع نظيرتها الفرنسية في ملقة جنوب إسبانيا، طائرة مسيّرة يبلغ طول جناحيها 4.35 أمتار، مع مدى طيران يصل إلى سبع ساعات، كانت تستعمل في نقل المخدرات بين المغرب وإسبانيا.
وانطلقت عملية البحث حول هذه الشبكة بداية السنة الجارية، بعدما توصل السلطات الأمنية بمعلومات تفيد بوجود منظمة إجرامية على سواحل ملقة، أفرادها من أصل مغربي وفرنسي، تشتغل في تهريب المخدرات من المغرب، ونقلها إلى فرنسا، وذلك إما عبر السيارات المسروقة أو إخفائها بين البضائع.
أمر ليس غريبا
ووفق تقارير إعلامية سابقة، فإن أنشطة الشبكات الإجرامية عرفت انتعاشا كبيرا، خاصة في سنة 2019، من دون أن يتم كشف حقيقتها لمدة طويلة، إذ تُستعمل الرؤية الليلية عبر التحليق على علو منخفض، حتى لا يتم رصد الطائرة من قبل رادارات الأجهزة الأمنية بالمغرب وإسبانيا.
وتابعت التقارير ذاتها، أن الطائرات المسيرة تعمد إلى التحليق قرب الطواحين الهوائية لتضليل الحرس المدني، ومن ثَمّ تجنب الملاحقات الدورية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية الإسبانية، بفضل مهارات القيادة الممتازة التي يتمتع بها ربابنة طائرات الهليكوبتر الذين ينحدرون في الغالب من أوروبا الشرقية وأميركا اللاتينية.
ويرى شكيب الخياري، الناشط الحقوقي المدافع عن تقنين زراعة القنب الهندي لأغراض طبية، أن لجوء مهربي المخدرات إلى "استعمال طائرات بدون طيار في عمليات تهريب المخدرات ليس بالأمر الغريب".
وأوضح الناشط الحقوقي، في تصريحه لـموقع سكاي نيوز عربية"، أنه "ليست المرة الأولى التي يتم فيها تهريب المخدرات بهذا الشكل، فالسنة الماضية تم حجز إحدى الطائرات المسيّرة نقلت المخدرات من المغرب إلى سبتة على سبيل المثال".
كما أكد المتحدث ذاته، أنه كان هناك أيضا "تهريب بواسطة الطائرات الخفيفة بطيّار تستخدم تقنية التحليق المنخفض، إذ ضُبطت العديد من الشبكات في المغرب التي تستعمل هذه الوسيلة، فيما لازالت مجموعة منها تسقط في بعض النواحي بالمملكة".
محاصرة الزوارق واستعمال الغواصات
وتعد "هذه وسائل ضمن أخرى جديدة يفترض أنه قد تم استعمالها على نطاق ضيق؛ ويتعلق الأمر بالغواصات الصغيرة تقليدية الصنع التي تم حجزها في أوروبا"، يردف شكيب الخياري، الناشط الحقوقي والمدافع عن تقنين القنب الهندي.
وكشف المصدر ذاته، أن الغواصات الصغيرة "استعملت عن طريق انطلاقها من سفن الترفيه والصيد وسط البحر لجلب كميات المخدرات التي تنقلها وسائل أخرى مثيلة لها، إذ ضبطت إحداها لدى شبكة في إسبانيا واستعملها المغاربة كذلك".
ولاحظ شكيب الخياري، الناشط الحقوقي المدافع عن تقنين زراعة القنب الهندي لأغراض طبية، أن "حجم التهريب قد قل بشكل كبير بعد محاصرة الزوارق النفاثة التي تحمل المخدرات من المغرب الى اسبانيا، والتي تتميز بحجمها الكبير الذي يستعمل في نقل شحنات من المخدرات تصل إلى 7 أطنان من الحشيش، وكذا ثمنها الباهظ الذي يتجاوز 3 ملايين درهم، والتي تم التضييق عليها بشكل كبير منذ 2006".
الأمن المغربي يحاصر المنافذ التقليدية
واقعة لجوء شبكات تهريب المخدرات للطائرات المسيّرة، تؤكد بالملموس أن "محاصرة الأجهزة الأمنية المغربية لنشاط هذه الشبكات داخل المغرب، وتضييق الخناق على عملياتها عبر المنافذ التقليدية البرية والبحرية، دفعها إلى تطوير أساليب عملها في محاولة لخلق جسر جوي لتهريب شحنات المخدرات نحو أوروبا"، وفق إحسان الحافظي، الخبير في الشؤون الأمنية.
في حديثه لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، اعتبر الخبير في الشؤون الأمنية أن "عملية تفكيك المنظمة الاجرامية بضواحي مالقا الاسبانية، مفادها أن التعاون الأمني الدولي مهم جدا في التعاطي مع شبكات الاتجار الدولي في المخدرات".
فهذا التعاون "يقوم على قاعدة الاستخبار وتبادل المعلومات الأمنية التي من شأنها أن تحاصر نشاط هذه الشبكات وتجعل الأجهزة الأمنية متقدمة بخطوة دائما في معركتها ضد الجريمة العابرة للحدود"، يوضح إحسان الحافظي، الخبير في الشؤون الأمنية.
وشدد ذات المصدر، أن "العملية تثبت أن المغرب في مواجهة حرب حقيقية تقودها كارتيلات الاتجار الدولي في المخدرات، إذ أن حجز طائرة متطورة لتسيير عمليات تهريب المخدرات من والى المغرب، يكشف بالملموس أن الامكانيات المادية التي تتوفر لدى هذه الشبكات الاجرامية تُعقد من مهمة المصالح الأمنية وتجعلها في مواجهة منظمات تتوفر في بلدان نشاطها، مثل فرنسا واسبانيا في الحالة الأخيرة، على وسائل لوجستية تضاهي ما تتوفر عليه الدولة برمتها".