في محاولة دولية جديدة لحلحلة الأزمة الليبية، يعقد مجلس الأمن الدولي، الخميس، جلسة مباحثات خاصة بالوضع في ليبيا، ستتركز على الانتخابات، وتنفيذ اتفاق 5+5 لوقف إطلاق النار، وسحب المرتزقة والمقاتلين الأجانب.
ويعوّل الليبيون على الاجتماع المنتظر انعقاده برئاسة فرنسا، كفرصة جديدة لتسهيل الوصول إلى الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر المقبل، وإزالة العقبات التي تعترضها.
ويتزامن اجتماع مجلس الأمن مع تعثر لجنة ملتقى الحوار السياسي في التوافق على القاعدة الدستورية التي تُجرى على أساسها الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
ومؤخرا طالب المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش مجلس النواب الليبي بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة، لإعداد التشريعات اللازمة وإقرار القاعدة الدستورية لإجراء الانتخابات.
ويرى محللون ليبيون تحدثوا إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذا التوجه من المبعوث الأممي "قد يكون مقدمة لإسناد مهمة إعداد القاعدة الدستورية إلى البرلمان، والاعتماد عليه في الدور التشريعي اللازم لإجراء الانتخابات، بديلا عن ملتقى الحوار".
وقد استبعدوا لجوء مجلس الأمن للعقوبات ضد المعرقلين في هذه المرحلة، لكنهم رجحوا التلويح بها.
الإخوان وأمراء الحرب
ويقول رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام السابق، الدكتور عبد المنعم اليسير، إن "تحالف الإخوان وأمراء الحرب في بعض المدن الليبية، يرفض ويعرقل وجود قرار مستقل في الدولة الليبية أو رئيس منتخب يتحمل المسؤولية بصلاحيات سيادية، حتى يتمكن ذلك التحالف من الحركة خارج سيطرة الدولة".
وعن مدى تأثير النفوذ الإخواني في عرقلة القاعدة الدستورية، قال اليسير في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الإخوان "ينتشرون بمجلس النواب ومجلس الدولة وملتقى الحوار وكل الكيانات السياسية، لكن يُمكن للأمم المتحدة أو مجلس الأمن ـ رغم صعوبة ذلك ـ تحديد مركز العرقلة ومواجهته".
وبالنسبة للوضع على الأرض، أشار اليسير إلى أن "تحالف الإخوان وأمراء الحرب، خاصة في مصراتة، وبعض قيادات الميليشيات في طرابلس والزاوية، هم أساس منظومة العرقلة".
ويرى رئيس لجنة الأمن القومي السابق أنه "هناك تجاهل من بعثة الأمم المتحدة لهذا الوضع وتؤخر مواجهته، ولا تتوفر لديها إرادة لذلك، وبالتالي لا يمكن لمجلس الأمن فرض عقوبات في هذا الشأن".
وكان المبعوث الأممي لليبيا قد لوّح خلال جلسات ملتقى الحوار بمعاقبة من يعرقلون تنفيذ توصيات الملتقى، بشأن الانتخابات، وشدد على ضرورة إجرائها في موعدها.
وذكّر كوبيش أعضاء الملتقى بقراري مجلس الأمن 2570 و2571 حول مساءلة من يعرقل أو يقوّض استكمال الانتقال السياسي بنجاح، بما في ذلك الانتخابات.
اللجوء للبرلمان
وعن إمكانية اضطلاع مجلس النواب بإقرار القاعدة الدستورية، قال اليسير إن المجلس "يعاني مثل ملتقى الحوار من سيطرة جماعة الإخوان على كثير من نوابه".
وأكد السياسي الليبي أنه "لا حاجة فعلية لإقرار قاعدة دستورية جديدة، لأن هناك قاعدة أقرها مجلس النواب المنتخب، في وقت سابق، ترتكز على مخرجات لجنة فبراير للتعديلات الدستورية، وقرار رقم 5 لسنة 2014 لمجلس النواب، مع إمكانية تعديل بعض بنودها وفقا لتطورات الوضع الحالي".
وطالب اليسير مجلس الأمن بإصدار قرار يتضمن المبادرات التي وصلته من القوى الوطنية الليبية، ومن بينها القاعدة الدستورية القائمة، لإنهاء الجدل وعدم انتظار إعلان فشل الملتقى الليبي في التوصل لقاعدة جديدة.
العقوبات مستبعدة
ولا يتوقع المحلل السياسي الليبي، الدكتور محمود زاقوب، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، لجوء مجلس الأمن لإصدار عقوبات ضد الأطراف المعرقلة للانتخابات أو إخراج المرتزقة، في هذه المرحلة.
وتابع: "لكن هذا لا يمنع التلويح بهذه العقوبات ضد من يثبت ضلوعه في أعمال تعرقل الانتخابات بالدرجة الأولى".
وبيّن زاقوب أن اجتماع مجلس الأمن بشأن ليبيا، سيبحث الانتخابات والوضع الأمني وإخراج المرتزقة، معتبرا أن المشكلة تكمن في أن هذه الموضوعات المطروحة للنقاش "تحتاج إرادة وطنية ليبية لحلها".
ولفت إلى أنه في مرحلة سابقة "تم إشراك قوى خارجية من جانب طرف ضد الآخر، مما منح هذه القوى مبررا للبقاء حتى بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار، تأكيدا على عدم الثقة بين الأطراف وبعضها".
واعتبر المحلل السياسي الليبي أن "أداء كوبيتش لم يرق إلى مستوى سابقته ستيفاني وليامز، لذلك فإن التعويل على دور لمجلس الأمن ضعيف".
وتأسيسا على عدم توافق ملتقى الحوار الليبي حول قاعدة دستورية حتى الآن، رأى زاقوب أنه "مع مزيد من الضغط والدعم لرئيسي مجلس النواب ومجلس الدولة الأعلى، سيتم إقرار قاعدة دستورية".
وحذر الخبير السياسي الليبي من التأخر في إقرار القاعدة الدستورية، قائلا إنه "ليس في مصلحة أحد والشارع ينتظر، ومجلس الدولة والبرلمان والمتشبثين بالسلطة هم الخاسر الأكبر على كل الأصعدة، من دخول البلاد في نفق مظلم حال تعطل إجراء الانتخابات".
وفيما يتعلق بقدرة مجلس النواب على إقرار القاعدة، أوضح المحلل السياسي الليبي أن "سحب البساط من تحت أقدام مجلس النواب بخلق جسم جديد وهو الملتقى، أثار شيئا من عدم الثقة والريبة في مكانته والجدوى من وجوده، مما يجعل من إصراره على إنجاز القاعدة الدستورية حال تكليفه بها، أمرا في حكم المضمون، ليثبت للداخل والخارج قدرته على الإنجاز".