نشر جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان العراق، مجموعة من الاعترافات لعناصر من تنظيم داعش الإرهابي، قالوا فيها إنهم كانوا يخططون، عبر عدة شبكات، لتنفيذ عمليات انتحارية داخل مدينة أربيل، قبيل عيد الأضحى المبارك.
وكشفت الاعترافات أن تلك الهجمات كانت ستستهدف تحديدا مبنى محافظة أربيل، والمواقع السياسية والخدمية، التي يكثر تردد الزوار الأجانب عليها، مفصلين خلال اعترافاتهم آليات التنسيق بين قيادتهم العسكرية داخل العراق، بإشراف "والي العراق"، وأقسام التجنيد والخدمات اللوجستية وإرسال الأسلحة، التي كانت تتوزع على العراق وتركيا وسوريا.
مخطط الهجمات التي كان التنظيم الإرهابي ينوي شنها، يأتي بُعيد مخطط آخر كان يتم الإعداد له للهجوم على عدة سجون في مدينة أربيل، لإطلاق سراح العشرات من إرهابيي التنظيم، الذين تمكنت القوى الأمنية في إقليم كردستان العراق من إلقاء القبض عليهم، سواء داخل الإقليم أو أثناء خوض قوات البيشمركة الكردية الحرب ضد التنظيم أثناء احتلاله لعدة مناطق عراقية محيطة بالإقليم.
كذلك، فإن هذه المخططات تترافق مع عدة هجمات صاروخية وبالطائرات المسيرة، التي نفذتها الميليشيات المسلحة على عدد من المواقع داخل وفي محيط مدينة أربيل خلال الأسابيع الماضية، وبالذات مطار أربيل الدولي، والقاعدة العسكرية لقوى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بالقرب من المطار.
في تفاصيل الاعترافات، قال الإرهابيون إن المخطط بدأ منذ أوائل العام الحالي، حينما طلب "والي العراق" من شخص من التنظيم يدعى "أبو همام"، تنفيذ عدد من العمليات داخل أربيل، وذلك بطلب مباشرة من "الخليفة"، حسب اعترافاتهم.
العقل المنفذ للهجمات "أبو همام"، وزع المهام بين "أبو حفصة" الذي كلف بتجنيد عدد من الانتحاريين للقيام بالعملية، وشخص آخر يدعى "أبو سارة"، الذي عمل على تأمين إقامة المنفذين داخل أربيل، من خلال استخراج وثائق وجوازات سفر المزورة، كون المشرفين على العمليات معروفون لدى الأجهزة الأمنية في الإقليم.
واشترك الطرفان مع شخص يدعى "أبو علي"، تولى مهمة "تنظيم المفرزة المنفذة والاتصال بينهم وبين القيادات العليا، مع تحديد ومراقبة النقاط الأكثر حساسية التي سيتم استهدافها"، والتي كانت باختيار "والي العراق"، حيث استقر رأيهم على اختيار البوابة الرئيسية لمبنى محافظة أربيل، في وسط المدينة بالقرب من قلعتها التاريخية، بالإضافة لمواقع إدارية وسياحية داخل المدينة.
المتهمون الخمسة، الذين ألقى جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان العراق القبض عليهم، كانوا يسكنون في مزرعة على أطراف أربيل، وخاضوا جولات من المراقبة والتحديد، وأرسلوا مجموعة من الصور والإحداثيات وخطط التنفيذ التفصيلية إلى قادتهم الميدانيين في العراق.
وكانوا بانتظار وصول الأسلحة وعدد من المنفذين من سوريا، عن طريق التهريب. كما كان المدبر المباشر "أبو همام" قد دخل من تركيا عن طريق أوراق مزورة.
وألقت القوات الأمنية في إقليم كردستان القبض على واحد من المنفذين داخل مدينة أربيل، قبل أن تحاصر الوكر الذي كان يقيم فيه البقية على أطراف المدينة.
وبقي الأمر طي الكتمان إلى حين وصول المنفذين والأسلحة عن طريق التهريب من سوريا، حيث اعتقلتهم الأجهزة الأمنية قبل وصولهم إلى أربيل.
مصدر مسؤول من جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان العراق، شرح في حديث خاص مع موقع "سكاي نيوز عربية"، الظروف الخاصة التي يسعى تنظيم داعش الإرهابي استغلالها لضرب أمن إقليم كردستان.
وقال: "من جهة يحسون بأن تعاون إقليم كردستان مع الجيش والقوى الأمنية العراقية المركزية في محاربة بقايا التنظيم في المناطق المتنازع عليها في الفترة الأخيرة، يشكل ضربة موجعة للتنظيم، كما يعتقدون بأن الهجمات التي شُنت على الإقليم في الفترة الأخيرة قد تخلق إرباكا أمنيا وعسكريا".
وأضاف: "بالتالي فإن هجماتهم الإرهابية قد تفقد الأجهزة الأمنية في الإقليم قدرتها على ضبط الأمن والمحافظة على الهدوء والاستقرار ومصالح أبناء الإقليم والمقيمين داخله. فوق ذلك، فإنهم يريدون إثبات قدرة التنظيم الإرهابي، من خلال محاولة ضرب أكثر مدن العراق استقرارا وأمانا، وإحداث استقطاب جديد نحو التنظيم".
الباحث الكردي في علم الاجتماع السياسي، خسرو صادق، قال بدوره لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه "يُلاحظ من خلال اعترافاتهم بأنهم جميعا في العشرين من أعمارهم، أي أن التنظيم ما زال قادرا على تجنيد الشُبان الأصغر سنا".
وتابع: "كذلك فإنهم جميعا ينحدرون من عائلات كان لذويهم علاقات وروابط مع تنظيمات إرهابية أخرى، مثل أنصار السنة وتنظيمات الزرقاوي وغيرها. لكن الأهم في الأمر هو القدرات اللوجستية العالية التي تمكن هذه الشبكة من اليافعين، من العمل بين 3 دول وتوزيع المهام والتجنيد ونقل الأسلحة، مما يعني أن داعش يجدد آليات عمله بشكل مستمر".