يستعد مجلس النواب الليبي لمناقشة مشروع قانون انتخاب رئيس البلاد من الشعب مباشرة، في خطوة رآها محللون ليبيون "جيدة وتعوض فشل ملتقى الحوار السياسي في الاتفاق على القاعدة الدستورية" لإجراء الانتخابات، فيما حذر آخرون من أنها قد تتسبب بـ"حرب جديدة" إن لم يتم بالتوازي نزع سلاح الميليشيات التي تهدد باللجوء للعنف إن جاءت الانتخابات برئيس على غير أجندتها.
وأعلن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، خلال لقائه في مكتبه بمدينة القبة بمبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيتش، الأربعاء، شروع المجلس في تجهيز قانون انتخاب رئيس البلاد بشكل مباشر من الشعب، بالإضافة إلى توزيع الدوائر الانتخابية في أنحاء البلاد، للوفاء بإجراء الانتخابات في موعدها 24 ديسمبر 2021، بحسب ما نشره المجلس على موقعه الإلكتروني.
ويعد مقترح انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب من أبرز النقاط التي يرفضها تنظيم الإخوان في ليبيا؛ خوفا من أن تأتي برئيس من خارج صفوفهم.
ويقترحون بدلا من ذلك، انتخاب الرئيس عبر تصويت أعضاء مجلس النواب الذي ينتمي العشرات منهم له، ويستطيعون جذب المزيد، لانتخاب من يريدونه بالإغراء أو التهديد.
ويتوقع خبراء ومحللون ليبيون أن تمرير القانون "سيعوض فشل أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي خلال جلساتهم في جنيف، في الاتفاق على القاعدة الدستورية التي تجري على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية".
الاتجاه الصحيح
ويصف المحلل السياسي الليبي، الدكتور كمال المرعاش، قرار مجلس النواب بأنه "خطوة جيدة"، لأن انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة هو "النموذج الأمثل لدولة تعاني من الصراعات والأزمات والانقسامات".
وبرر ذلك في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، بالقول إن "الانتخاب المباشر من الشعب يعطي الرئيس صلاحيات واسعة تكتسب شرعيتها من المشرع الأول وهو الشعب؛ مما يمكّن الرئيس من وضع حد للانقسامات، وإنهاء التدخل الخارجي، وإعادة سيادة وهيبة الدولة، وسيادة القانون والمؤسسات، واحتكار الدولة للسلاح".
واعتبر المرعاش أن تحرك مجلس النواب في هذا الاتجاه "أعاد له حيويته باعتباره الجسم الشرعي المتبقي، وإقراره لقانون الانتخابات وتوفير التشريعات اللازمة لتنظيمها، يشكل ضربة قاضية لتنظيم الإخوان الإرهابي، الذي يريد استمرار حالة الفوضى في ليبيا؛ لأنها الحالة التي مكنته من السيطرة والاستحواذ على ثروات البلاد، وتوظيف جزء منها في الحروب والعنف وتمويل التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود".
وهوَّن الرجل من التحسب لرد فعل تنظيم الإخوان إزاء هذه الخطوة، لافتا إلى أن التنظيم والميليشيات التابعة له "في كل الأحوال سيقف أمام أي عملية ديمقراطية تهدد نفوذه، وسيكون عليه إما التسليم لإرادة الشعب، أو المواجهة بالسلاح لتعطيل الانتخابات، أو الانقلاب على نتائجها، وهنا سيتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في رفع الغطاء عن هذا التنظيم".
"حرج الدول الكبرى"
وبدا المحلل الليبي مطمئنا إلى رد الفعل الدولي إزاء قرار مجلس النواب، قائلا إن "الدول الكبرى، وخصوصا الراعية القريبة لملتقى الحوار، ستجد حرجا كبيرا في معارضة مرسوم مجلس النواب الذي يفتح الطريق لتنظم الانتخابات، وهو اختصاص أصيل له، خصوصا بعد فشل أعضاء الحوار السياسي المختارين من هذه الدول، وبوجه خاص الولايات المتحدة".
أما الدول التي قد تعارض قرار المجلس "فستفسر معارضتها على أنها عدم جدية منها في تنفيذها ما تعلنه عن التزامها بتنظيم الانتخابات في موعدها".
شرط نجاح القانون
وبدوره، توقع المحلل السياسي الليبي خالد الترجمان في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الدعم الدولي سيتجه لمجلس النواب في الفترة المقبلة بدلا من ملتقى الحوار السياسي الليبي، وأن هذا سينعكس بدوره على فشل تنظيم الإخوان في تعطيل الانتخابات المقبلة.
واتفق معه المحلل السياسي الليبي، الدكتور مختار الجدال، في أن مشروع قانون انتخاب رئيس الدولة من الشعب، المزمع مناقشته في الجلسة المقبلة لمجلس النواب، "سيقطع الطريق على مؤامرة الإخوان للتمكين، خاصة بعد 10 سنوات من هيمنتهم على المشهد السياسي والاقتصادي في البلاد".
غير أنه حذر في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، من أن القانون الجديد، من ناحية أخرى، "قد يفاقم الأزمة ويؤدي إلى حرب في النهاية لو تم انتخاب الرئيس من الشعب في ظل وجود السلاح في يد الميليشيات، التي لا يهمها أمن ومصالح البلاد".
وشدد الجدال بالقول إنه "ما لم يتم حل المليشيات وجمع السلاح، لن تنعم البلاد بأي استقرار أو تحول ديمقراطي".
تحرك أممي
بالتوازي مع تحرك مجلس النواب، سيتقدم مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، كوبيش، قريبا بإحاطة لمجلس الأمن بشأن آخر التطورات في المشهد الليبي، وفق ما ذكرته مصادر مطلعة لموقع "سكاي نيوز عربية"، مرجحة اتخاذ "قرارات مهمة من شأنها ضمان الوصول لانتخابات في موعدها".
وأضافت المصادر أن كوبيش "سيعود من الإحاطة الخاصة بمجلس الأمن محملا بقرارات رادعة تستهدف المعرقلين، وكل من يحاول العبث بخريطة الطريق التي اعتمدها مجلس الأمن".
كما أنه من المقرر عقد جلسة قريبة لملتقى الحوار الوطني بحضور دولي بارز، لمراقبة المناقشات والمعرقلين لإقرار القاعدة الدستورية للانتخابات، بحسب المصادر ذاتها.